تناولوا زيت الزيتون، تصِحّوا !
في «الصلما» الشاهقة المُشرفة على الطفيلة، تقع أرض الوالد «أبو علي»، التي كانت بيادر قمح في الصيف.
وبسبب وعورة «الطريق-الخطيطة»، الصاعدة إلى عنان «الصلما»، كانت بطّاتُ أرجلنا، يصيبها «الشد العضلي».
ورغم خِفّة اجسامنا ورشاقتها، كنا نمشي في بعض المناطق، على أيدينا وأرجلنا.
كنا اطفالا ونتحمل مشقة الصعود، كما تتحمله النسوة، ذوات القامات الرياضية الفارعة الممشوقة.
أمّا «تلفريك» كبار السن، فكان بغلا غير حرون.
وبفضل الله، فقد اصبحت بيادرُ «الصلما» حقولا من الزيتون النبالي. وما تزال في الطفيلة أشجار زيتون رومانية عمرها عشرات مئات الأعوام.
لعب زيتُ الزيتون، دورا مؤثرا في صحة شعبنا. و»الرَفَقَ» قديم بين الناس والزيتون.
كنا نأخذ فرصة الغداء المدرسية فنهرع إلى البيوت، حيث «الزّير» المترع ب الزيت، يجثم على يمين الداخل الى البيت. ويغطي «فرعَةَ الزير»، صحنُ توتياء يحمل «كيلةً» من القيشاني، في حجم كأس الماء الكبيرة. وعلى يسار الباب يربض «مقطفُ» قشٍّ ملونٍ، يكنز عدةَ أرغفة من خبز الطابون، الذي تخبزه النسوةُ مرتين أو ثلاث مرات في اليوم.
كنا نتناول ذلك الغداء الشهي «على الواقف»، ندفع الكيلةَ في قلب الزير، لنغرف منه زيتا أخضر، ثقيلا، فواحا.
كان «أتيكيت» تناول طعام الغداء اليومي بسيطا، سريعا، رشيقا. نقضم أرغفة الطابون المُحمّر الساخن المُقمّر، ونشرب مع كل قضمة «شَفّةً» من الزيت المُعطّر الفواح.
هذه كانت وجبتنا، المرفوقة في بعض الأحيان، بحبات من الجوز أو اللوز أو الزبيب أو التين المجفف- القطين، او بجرعة من اللبن «الغبيب».
كانت وجبة الغداء تستغرق دقيقة أو دقيقتين، ننفلت بعدها إلى اللعب.
أمّا العشاء، الذي كانت تعده الخادمة الفلبينية، بإشراف المربية الفرنسية، فكان تشكيلة من الأطباق الإيطالية، أبرزها الستيك والسباغيتي والدجاج الكاشياتوري والمكرونه البشاميل واللازانيا الرول.
لقد أدمنت زيت الزيتون، الذي يردني من الطفيلة. وهي أيام معدودات في العام، التي لا أتناول فيها زيت الزيتون.
إضافات بسيطة أجريتها على وجبة الغداء تلك، أدخلت عليها حبات البندورة وقرون الفلفل الحار، بعدما قرأت عن فوائدها المهمة. فالأولى حديدٌ صافٍ، والثاني المعروف منذ 7500 سنة، مقاوم للخلايا إياها ومطهر للأمعاء.
الدستور