عن تلقي الملك هاتف الرئيس السوري

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/04 الساعة 06:58

من دون مقدمات وتبريرات لا حاجة بنا لها، فإن تلقي جلالة الملك اتصالاً هاتفياً من الرئيس السوري أمس، مبادرة جيدة نرى فيها مصلحة أردنية عليا ومصلحة سورية كذلك، لا بل وعربية أيضاً.

أردنياً، سورية دولة عربية جارة ملاصقة لحدودنا التي ظلت مغلقة معها لسنوات طويلة بسبب ما جرى ويجري فيها من أحداث، وهي تاريخياً منفذنا إلى شمال المنطقة والإقليم.

وكما نحن بحاجة لسورية أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، نحن بحاجة كذلك للعراق شرقاً وللسعودية جنوباً وفلسطين غرباً وللمبررات ذاتها، وهم أيضاً بحاجة مماثلة لنا.

نعم، تألمنا وما زلنا لما حل بسورية وشعبها الشقيق، وحرصنا رسمياً وشعبياً على وحدة وسلامة شعبها وأراضيها، وتأثرنا كثيراً لما جرى فيها، وها نحن نستضيف مئات الآلاف من شعبها الشقيق كلاجئين.

لا خيار لنا ومن أجل مصالحنا نحن الذين حوصرنا طويلاً جراء ما سمي بـ"ربيع العرب»، إلا أن نسعى ونعمل من أجل مصالحنا في ظل وضع اقتصادي صعب جداً. ولقد فعل الملك الكثير على هذا الصعيد وفي كل الاتجاهات.

المعارضة السورية اليوم متشتتة والاختلافات بينها مستعرة، وعلى الأرض السورية اليوم جيوش أجنبية وميليشيات كثيرة تشكل خطراً على حدودنا الشمالية والشرقية.

مع من نتحدث في سورية إذن؟، هل مع «داعش» ام المليشيات الإيرانية مثلاً!. الصحيح هو أن نتحدث مع النظام الرسمي الحاكم الذي يملك جيشاً عربياً سوريا قادراً على فرض سيطرته على المناطق الحدودية معنا.

هكذا فتح الملك النافذة ثم الباب شمالاً كما فتحه شرقاً، وهكذا وجد الجواب الإيجابي في كل من العراق وسورية، وفي ذلك مصالح أردنية عليا لدولتنا وعامة لشعبنا، ولو تصورنا نقيض ذلك مثلاً، لوجدنا أن حدودنا في خطر، وقد كانت وما زالت، وأن قدراتنا على التواصل والتعاون معدومة تماماً، بينما نحن نعاني الأمرين اقتصادياً.

من يضع الأردن في رأس قائمة أولوياته، يدعم جهود الملك في فتح الأبواب للتعاون الاقتصادي والتجاري وعلى كل الصعد من جهة، ولضمان أمن حدودنا من جهة، مع سورية والعراق ومع كل جيراننا الأشقاء العرب، في وقت يسهر فيه جيشنا الباسل ليله الطويل ومنذ سنوات على تلك الحدود.

حسنا يفعل جلالة الملك، وحسنا فعل الرئيس السوري الذي بادر بالاتصال، وكما كنا نقول مراراً، فإن الأردن بلا خصوم، يعني سياسة صائبة يقاربها قائد الدولة والوطن.

نتمنى للشعب السوري الشقيق وللدولة السورية الخلاص من محنتهم والعودة إلى الحضن العربي، ونأمل ان يكون ذلك بابا لعودة اللاجئين السوريين لوطنهم، ليس من الأردن فقط، وإنما من حيث كانوا في شتات العالم.

نشد على يد الملك وندعم خطوات متقدمة اكثر تعود على شعبنا وعلى الشعب السوري وسائر شعوب العرب بالخير والتلاقي والتعاون بديلاً للتشرذم والتيه واللجوء.

وهذه دعوة لمن يقدم الهم القومي على الوطني وبطريقته الخاصة، ولديه رأي آخر في التقارب الأردني السوري، فليلتفت إلى أن الأردن محاصر عملياً منذ تفجر جحيم العرب، وأن الحاجة باتت ملحة جداً للبحث عن مخارج لفك الحصار الخانق الذي أرهق شعبنا اقتصادياً ومعيشياً، من أجل التخفيف عن كاهل شعبنا كما يطالب أصحاب هذا الرأي الآخر.. الله من وراء قصدي.
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/04 الساعة 06:58