ما بعد الاتصال بين الملك والرئيس الأسد
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/04 الساعة 06:55
كان برنامج الملك عبدالله الثاني يوم أمس الأحد حافلاً بسلةّ دسمة في برنامجه البروتوكولي، حيث قدمت اللجنة الملكية للتحديث السياسي تقريرها بين يدي الملك وإعلان أهم تفاصيله، واستقبال رئيس البنك الدولي، ولكن المميز كان الاتصال ما بين جلالة الملك والرئيس بشار الأسد بعد عشر سنوات على الصراع في سوريا، والذي دفع فيه الشعب السوري ثمنا باهضا كان من الممكن تلافيه لو لم تتدخل فيه دول عمدت الى تأسيس شراكات لقوى متعددة الجنسية استنسخت فيها التاريخ العراقي ما بعد سقوط النظام، وقد لعب الملك دورا مهما في ترتيبات المرحلة الاخيرة لعودة سوريا الى المجتمع الدولي، ومنذ اليوم يبدو أن استعادة العلاقة بين الجارتين قد قص شريطها الأحمر كلا الزعيمين.
التواصل بين دمشق وعمان لم ينقطع على المستوى العملياتي، خصوصا فيما يتعلق بالشؤون الأمنية التي حمل الأردن كتفا قويا لحماية المناطق في الجنوب السوري الشرقي، إذ كانت العصابات الإرهابية والطائفية تعيث في البادية السورية الشرقية والجنوبية مهددة استقرار أمن الحدود والوجود السكاني، واستقبل الأردن مليوناً وثلاثمئة الف سوري ما زال غالبيتهم في المدن والقرى الأردنية وقليل منهم في المخيمات المخصصة، ولم يتعرض أحد لهم بل باتوا أكثر من أشقاء بين الشعب الشقيق، ورغم هروب العديد من المنشقين والمعارضين السوريين لبلدان الجوار، فإن الأردن لم يتبنَ أيّاً منهم كمنطلق للمعارضة أو الإضرار بالمصالح السورية الرسمية.
الاتصال بين الملك والأسد جاء فاتحة جديدة لبدء العلاقات بين البلدين اللذين دفعا الثمن معاً، فقد سبق وأن زار عمان وزير الدفاع السوري باجتماع مع رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الحنيطي، ثم تلاه وفد وزاري اجتمع مع نظرائهم الأردنيين ومع رئيس الحكومة بشر الخصاونة، وقد تم وضع الأسس الجديدة المبنية على تبادلية المصالح المشتركة بين البلدين، وظهر أن دمشق تسعى جديا لفتح صفحة جديدة من العلاقات ما بعد الحرب الأهلية وإخماد بؤر الصراع في الجنوب السوري عبر مصالحات شعبية تعهدتها الحكومة السورية والطرف الروسي، ولهذا سنرى المزيد من الفتوحات على الصعيد التجاري والإنساني رسميا وشعبيا وعودة الأمور الى نصابها.
الأردن سعى بكل جدية لمحاولة الوصول الى حل سلمي ينقذ الدولة السورية من تكلفة الصراع قبل تدويله، وفي كل اجتماعات الملك كان يصرّ على أن سوريا ستبقى الجارة الأقرب وأن مشاركتنا في كل المؤتمرات التي عقدت لمناقشة التسوية والمصالحات جاءت حرصا على الدولة السورية شعبا ودولة بمكوناتها، ولكن فصائل معارضة راديكالية لم تكن ترى إلا إسقاط النظام برمته واعتلائها عرش الجمهورية مجددا، مدعومة من دول أزت النار تحتهم دون أي حل سلمي ينقذ الشعب السوري الذي لا شك أن الحرب غيرته وغيرت تفكيره وسلوكياته وسيعاني من التغيير الديموغرافي، فضلا عن عودة ملايين اللاجئين حول العالم.
أما النواحي الأمنية فإن تقديرات الأجهزة المعنية تشير الى تبريد القطاع الشمالي من الضفة السورية، وليس هناك أي مخاطر يشكلها الجيش الرسمي، ولكن المعضلة بقيت مع عناصر فوضوية تحاول يوميا الدخول عبر الحدود الشرقية الى الأردن محملّين بالأسلحة أو المخدرات وبكميات هائلة، وترصدهم قوات الجيش الأردني عبر مسح ضوئي، حيث القت القبض على عديد من المتسللين أو دحرتهم القوة الدفاعية قبل وصولهم، وهذه العصابات لا ترتبط رسميا بالنظام السوري، بل هم من رعايا المليشيات التي تسعى للإثراء بعد تعلمها قواعد التهريب ما بين الحدود الدولية خصوصا مع العراق ولبنان، ولهذا نعتقد أن التعاون العسكري والاستخباري بين البلدين سيعود لزخمه قبل الصراع هناك، جنبا الى جنب مع العلاقات الثنائية بين الحكومتين رسميا.
لم يغلق الأردن السفارة السورية منذ بداية الصراع وحتى الساعة، وكذلك سفارتنا في دمشق بقيت عاملة باستثناء فترة قصيرة كانت الاحداث حامية الوطيس حول العاصمة واحيائها، ورغم كل ما قدمه الأردن للأشقاء السوريين دون منّة، فإن الأصوات النشاز اليوم تخرج من أبواق بعض المعارضة السورية ضد الأردن، ورغم الحرية المصانة للمواقف السياسية لدى البعض من الحكومة السورية أو القيادة، فإن الأردن كدولة قوية الأركان عسكريا وأمنياً لن تخضع لهرطقات وقولبات ليس لها قبول عند غالبية الناس الذين عرفوا أن الحرب لا تفرق بين أحد، ولهذا فإن وفدا من الشخصيات الأردنية ستزور دمشق قريبا وستقابل الرئيس الأسد على الأغلب، وستبقى سوريا بشعبها محط ترحاب، كما هي العراق ودول الخليج العربي.
Royal430@hotmail.com
الرأي
التواصل بين دمشق وعمان لم ينقطع على المستوى العملياتي، خصوصا فيما يتعلق بالشؤون الأمنية التي حمل الأردن كتفا قويا لحماية المناطق في الجنوب السوري الشرقي، إذ كانت العصابات الإرهابية والطائفية تعيث في البادية السورية الشرقية والجنوبية مهددة استقرار أمن الحدود والوجود السكاني، واستقبل الأردن مليوناً وثلاثمئة الف سوري ما زال غالبيتهم في المدن والقرى الأردنية وقليل منهم في المخيمات المخصصة، ولم يتعرض أحد لهم بل باتوا أكثر من أشقاء بين الشعب الشقيق، ورغم هروب العديد من المنشقين والمعارضين السوريين لبلدان الجوار، فإن الأردن لم يتبنَ أيّاً منهم كمنطلق للمعارضة أو الإضرار بالمصالح السورية الرسمية.
الاتصال بين الملك والأسد جاء فاتحة جديدة لبدء العلاقات بين البلدين اللذين دفعا الثمن معاً، فقد سبق وأن زار عمان وزير الدفاع السوري باجتماع مع رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الحنيطي، ثم تلاه وفد وزاري اجتمع مع نظرائهم الأردنيين ومع رئيس الحكومة بشر الخصاونة، وقد تم وضع الأسس الجديدة المبنية على تبادلية المصالح المشتركة بين البلدين، وظهر أن دمشق تسعى جديا لفتح صفحة جديدة من العلاقات ما بعد الحرب الأهلية وإخماد بؤر الصراع في الجنوب السوري عبر مصالحات شعبية تعهدتها الحكومة السورية والطرف الروسي، ولهذا سنرى المزيد من الفتوحات على الصعيد التجاري والإنساني رسميا وشعبيا وعودة الأمور الى نصابها.
الأردن سعى بكل جدية لمحاولة الوصول الى حل سلمي ينقذ الدولة السورية من تكلفة الصراع قبل تدويله، وفي كل اجتماعات الملك كان يصرّ على أن سوريا ستبقى الجارة الأقرب وأن مشاركتنا في كل المؤتمرات التي عقدت لمناقشة التسوية والمصالحات جاءت حرصا على الدولة السورية شعبا ودولة بمكوناتها، ولكن فصائل معارضة راديكالية لم تكن ترى إلا إسقاط النظام برمته واعتلائها عرش الجمهورية مجددا، مدعومة من دول أزت النار تحتهم دون أي حل سلمي ينقذ الشعب السوري الذي لا شك أن الحرب غيرته وغيرت تفكيره وسلوكياته وسيعاني من التغيير الديموغرافي، فضلا عن عودة ملايين اللاجئين حول العالم.
أما النواحي الأمنية فإن تقديرات الأجهزة المعنية تشير الى تبريد القطاع الشمالي من الضفة السورية، وليس هناك أي مخاطر يشكلها الجيش الرسمي، ولكن المعضلة بقيت مع عناصر فوضوية تحاول يوميا الدخول عبر الحدود الشرقية الى الأردن محملّين بالأسلحة أو المخدرات وبكميات هائلة، وترصدهم قوات الجيش الأردني عبر مسح ضوئي، حيث القت القبض على عديد من المتسللين أو دحرتهم القوة الدفاعية قبل وصولهم، وهذه العصابات لا ترتبط رسميا بالنظام السوري، بل هم من رعايا المليشيات التي تسعى للإثراء بعد تعلمها قواعد التهريب ما بين الحدود الدولية خصوصا مع العراق ولبنان، ولهذا نعتقد أن التعاون العسكري والاستخباري بين البلدين سيعود لزخمه قبل الصراع هناك، جنبا الى جنب مع العلاقات الثنائية بين الحكومتين رسميا.
لم يغلق الأردن السفارة السورية منذ بداية الصراع وحتى الساعة، وكذلك سفارتنا في دمشق بقيت عاملة باستثناء فترة قصيرة كانت الاحداث حامية الوطيس حول العاصمة واحيائها، ورغم كل ما قدمه الأردن للأشقاء السوريين دون منّة، فإن الأصوات النشاز اليوم تخرج من أبواق بعض المعارضة السورية ضد الأردن، ورغم الحرية المصانة للمواقف السياسية لدى البعض من الحكومة السورية أو القيادة، فإن الأردن كدولة قوية الأركان عسكريا وأمنياً لن تخضع لهرطقات وقولبات ليس لها قبول عند غالبية الناس الذين عرفوا أن الحرب لا تفرق بين أحد، ولهذا فإن وفدا من الشخصيات الأردنية ستزور دمشق قريبا وستقابل الرئيس الأسد على الأغلب، وستبقى سوريا بشعبها محط ترحاب، كما هي العراق ودول الخليج العربي.
Royal430@hotmail.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/10/04 الساعة 06:55