عَدادُ ضَرَائِب حَيَاة اَلإِنْسَان فِيْ اَلْوَطَنِ اَلْعَرَبِي
إذا فَكَّرَ الإنسان بالزواج في عالمنا الإسلامي والعربي بشكل عام، يبدأ بحساب تكاليف الزواج من مهر وتأمين مسكن وملبس ومأكل (أي الحصول على وظيفة أو عمل خاص يسترزق منه)، هذا علاوة على تكاليف إشهار الزواج بكل مستلزماته.
بعد ذلك يبدأ بالتفكير بتكاليف حمل زوجته من متابعة لصحة الأم والجنين وما يسمونها (الأمومة والطفولة) وهذه كلها مكلفة في بلادنا وليس كالدول الأجنبية حيث تكون تكاليفها على حكومة الدولة الأجنبية. وعند قرب موعد الولادة لا بد من تحضير مبلغ معين من المال وفق مكان الولادة للزوجة (في مستشفى خاص أو حكومي)، وبعد ذلك تجهيز الطفل بالملابس وبما يحتاج من حليب (إذا كانت الأم لا تقوى على الإرضاع أو حليبها لا يكفيه) وغيره من مستلزمات الرضع والطفوله (من فوط وكريمات وبودرة... إلخ). وبعد ذلك تكاليف أطباء الأطفال من كشفيات على الإشراف الصحي وثمن أدوية إن مرض آلرضيع او الطفل وأثمان المطاعيم المختلفة التي يجب أن يأخذها الرضيع والطفل وبعضها غير متوفرة في وزارة الصحة (هذا إن توفرت وكانت مجاناً) ومكلفة جداً.
ومن بعد أن ينمو الطفل إلى مرحلة معينة يجب أن يتوفر له طعام معين لينمو النمو الصحيح (علماً بأن الدول الأجنبية تهتم بالأم وبجنينها من قبل الولادة مجاناً وتغطي تكاليف الولادة والعناية الصحية بالأم والمطاعيم والحليب للطفل مجاناً حتى يبلغ سن الستة عشرة عاماً. ولا ننسى تكلفة التعليم المكلفة في كل مراحلها وفق المدارس التي يدرس فيها الطفل بينما تكون تكاليفها في الدول الأجنبية مجاناً حتى الثانوية العامة ومجانا أو مخفضة جداً في بعض الجامعات ولكن في بلادنا الإسلامية والعربية أصبح التعليم تجارة وإستغلال بحيث أصبحت المدارس والجامعات الخاصة أكثر من الحكومية ومتفاوته في رسومها من بعض المئات إلى عدد من الألوف من الدنانير.
وبعد أن يدفع الوالدان دم قلبيهما تكاليف التعليم وبالخصوص تكاليف الدراسة الجامعية ويتخرج الطالب من الجامعة، يبدأ في البحث عن عمل ويسجل في ديوان الخدمة المدنية وينتظر على الدور سنوات طويلة حتى تأتيه فرصة عمل. وإن كان تخصصه مشبعاً بالسوق يَضْفُر الشيب ولا يحصل على وظيفة أو حتى لا يقبل طلبه من قبل ديوان الخدمة المدنية. بينما في الدول الأجنبية يجب على الدولة تأمين وظيفة لكل مواطن وإن لم يتوفر له وظيفة تصرف له الدولة راتب شهري محدد يكفية تكاليف الحياة وزيادة لبينما توفر له الدولة وظيفة. وكذلك توفر الدول الأجنبية التأمين الصحي مجاناً لكل مواطن تحت مظلة نظام التأمين الصحي الوطني (National Health System) حتى لو كان لا يعمل. ولكن في الدول الإسلامية والعربية لا يتوفر التأمين الصحي لكل إنسان إلا إذا إشترك في تأمين صحي معين ودفع تكاليفه السنوية وفق درجة التأمين (أصبحت الرعاية الصحية أيضا تجارة مثل التعليم للأسف الشديد). ومن يستطيع أن يدفع تكاليف التأمين الصحي لجميع أفراد أسرته إذا كان عددهم كبير كما هو متعارف عليه في عالمنا الإسلامي والعربي؟. وعندما يحاول أي فرد في المجتمع الإسلامي والعربي تأمين مسكن له يجب أن يدفع ثمن الأرض وما عليها من ضريبة للدولة ورسوم على مخططات البناء وبعد أن ينهي بناء بيته يجب أن يدفع ما عليه من تكاليف شوارع وأرصفة وصرف صحي (وجد في منطقته أم لا) ومسقفات سنوية وكأنه مستأجر البيت إيجاراً من الدولة. علاوة على الضرائب العديدة من ضريبة دخل ومعارف ومبيعات وغيرها التي لا حصر لها. بإختصار يشعر الإنسان في العالم الإسلامي والعربي أنه يستأجر حياته كلها إيجاراً من قبل الدولة التي يعيش فيها، وفي نهاية المطاف إذا توفى الله المواطن عليه أن يكون مُؤَمِّناً ثمن كفنه وقبره أو يدفع أهله عنه ذلك (عداد ضرائب حياة الإنسان يبدأ يَعُد من بداية الولادة ولا يتوقف حتى الوفاة).