اَلْحُلْمُ سَيدُ اَلْأَخْلاَقُ
تعريف الحَلِيْمُ (مؤنثها حليمة ومعناها امرأة متسامحة وعاقلة): اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: وهو الرجل المتسامح العاقل الذي لا يُعجِّل بالعقوبة والانتقام، والله لا يحبس إنعامَه عن عباده لأجل ذنوبهم، بل يرزق العاصي كما يرزق المُطيع، وكذلك الحليم يكون ذا صفح مع القدرة على العقاب والإنتقام.
والحُلْمُ مرادفه الأناة أي التمهل وعدم التسرع في إتخاذ أي قرار للإقدام على أي تصرف نحو الآخرين آنياً أو فيما بعد. وكان الرسول عليه الصلاة والسلام أستاذنا ومعلمنا في هذا الموضوع حيث كان أولاً يتصف بالخلق العظيم كما قال الله (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4)). وحتى يكون الإنسان حليماً يشترط أن يكون على خلق فكيف وإن كان الله يخاطب رسوله ويقول له وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ، أي أنك فوق الخُلُقِ العظيم وليس أي خُلُق فبالتأكيد الرسول ﷺ كان ثانيا حليماً وصاحب الحلم العظيم. ويا حبذا لو كنا على جزء يسير من أخلاق الرسول ﷺ وعلى حُلُمٍ يسير أيضاً من حُلُمِ الرسول ﷺ. وكم تعرض الرسول ﷺ إلى بعض التصرفات الخشنة وغير الحميدة من بعض الأعراب القادمون من الصحراء وكان حليماً معهم قائلاً لمن حوله هكذا نشأوا على الحياة القاسية فإنعكست الصحراء القاسية على تصرفاتهم. فعلينا أن نقتدي برسول الله ﷺ.
سمعنا عن تصرفات التسرع والغضب من قبل بعض الناس نحو أفراد عائلاتهم أو الآخرين من أقاربهم أو جيرانهم وكانت نهاية أحد الأطراف الموت أو الإعاقات والطرف الآخر الندم والحسرة والسجن أو الإعدام. نُقِرُ ونعترف بأن أغلبية الناس متسرعون ويغضبون بسرعة ولهذه الأسباب كثرت المشاكل والقضايا في المحاكم بين الناس، وكما قيل ويقال وسيقال في المستقبل لو تأنى هذا الإنسان ولو لثوانٍ قبل أن يسبق تصرفه تأنيه لما وصل إلى ما وصل إليه. ولكن بعد التحليل لمعظم تلك الأحداث نصل إلى حقيقة أن الله سبحانه وتعالى قَيَّدَ لكل إنسان قرين من الجن الكفار وهذا القرين هو الذي يدفعه للتسرع وعدم التأني والغضب والتصرفات التي تعود عليه بالخسائر العديدة والكبيرة. قال الله تعالى (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (ق: 27)) وقال رسول الله ﷺ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ وَقَدْ وُكّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنّ. قَالُوا: وَإِيّاكَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ وَإِيّايَ. إِلاّ أَنّ اللّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاّ بِخَيْرٍ.
هناك من يقول إن التسرع والعصبية والغضب.. إلخ هي في الجينات الوراثية، نعم، ربما فيه شيء من الصحة ولكن كثيراً من أهل قريش بعد أن دخلوا الإسلام تخلوا عن تلك الصفات وأصبحوا بتأثير الإسلام عليهم غير ذلك. فعلينا جميعاً أن نتحلى بالصبر والأناة ونستعيذ بالشيطان الرجيم من قبل أي تصرف أو تسرع أو غضب وندعو الله ونحن متيقنين بالإجابة أن يجعل قرناؤنا من المسلمين وأن يأمروننا بالصبر والتأني وبفعل الخيرات.