فك الحصار عن الأردن
يقول البعض إن الأردن هو الحلقة الأضعف «وجدانيا» ما بين جيرانه الأشقاء العرب، فرغم استقباله لملايين من اللاجئين العرب عبر سنوات الحروب العربية الحديثة ومنذ الحرب العراقية الإيرانية واجتياح الكويت، وحرب الخليج الثانية واحتضانه لنصف مليون مواطن عادوا من الكويت وحمايته للعديد من اللاجئين السياسيين من دول عربية تابعة للمعسكر الاشتراكي، وغيرهم من لاجئي البوسنة والدويلات البلقانية منتصف التسعينات، فإن قليلاً من أصحاب الضمائر هم الذين لم ينكروا بسالة ولا شجاعة الدولة الأردنية وشعبها الذي لم يعاد أحدا وقاسم الوافدي? خبزهم وماءهم، فيما الأغلبية لم تنصف هذا البلد الذي لا يعرف حتى صاحب العقل كيف يسير يومياته المعيشية، فهل بدأنا مرحلة فك الحصار الاقتصادي عن بلدنا؟
من هناك، نبدأ بدعم العودة للانفتاح ما بين الأردن وسوريا والذي أسس له الملك عبدالله الثاني بعد سنوات من المحاولات التي كان يتم اجهاضها لغايات سياسية بحتة لا علاقة لها بأمن وسلامة المواطن السوري، حتى استطاع الملك أخيرا أن يعيد نظر الإدارة الأميركية بضرورة فتح الحلقة المغلقة على الشقيقة سوريا التي استنزفها صراع دموي لم يتمخض عن شيء سوى التشريد والموت وانهيار البنى الاقتصادية والاجتماعية والفوضى العارمة التي هددت ملايين المواطنين ومنهم من تشرد الى أصقاع الأرض، ومع كل ذلك كان الأردن يلعب دور الحماية للحدود الجن?بية، رغم الاتهامات احيانا بأنه يغمض العين عما يجري، ولكن التطورات الأخيرة اثبتت أنه الأقرب لسوريا والأول في دعمه لعودة بناء مستقبله السياسي عبر بوابة الاقتصاد.
بعد زيارة وزير الدفاع السوري الأسبوع الماضي، وعقد الاجتماعات المهمة فيما يتعلق بأمن الحدود وتثبيت وقف العمليات غير الضرورية والمصالحات الداخلية مع أطراف الصراع في جنوب سوريا المتاخم للأردن، فضلا عن الاسراع في إعادة البناء في المنطقة الجنوبية والتحضير لعودة اللاجئين السوريين في الأردن لبلدهم، فقد التأم الاجتماع الوزاري بين الجانبين الأردني والسوري يوم أمس، حيث وضعت التصورات العملية لعودة تسييل وتسهيل التنقل العام بين البلدين بعد أشهر من السماح للشاحنات السورية بعبور معبر جابر، وإيلاء حركة العبور من الأردن ل?وريا وما بعدها اهتماما خاصا تحت حماية كاملة وضمانات لعدم العودة الى نقطة الغلق.
الوفد السوري برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية د.محمد الخليل وضم وزراء الموارد المائية تمّام رعد والزراعة محمد قطنا والكهرباء غسان الزامل، والنقل زهير خزيم حيث ناقش الوفد مع نظرائهم من الجانب الأردني الملفات المهمة المطروحة على جدول الأعمال وعلى رأسها ملفات الطاقة والمياه، وضمان الإسراع لتشغيل خط الغاز العربي الممتد حتى محطة دير عمار في لبنان، وهذا الغاز هو المستجر من مصر وليس كما يشاع بأنه غاز من الكيان الصهيوني، وأي تقدم في هذه الملفات سيكون مردوده على البلدين الشقيقين بغض النظر عن وجهات النظر السيا?ية، فنحن لسنا الولايات المتحدة، وسوريا ليست الصين واللتين تتعاونان رغم تناقضهما فيما يتعلق بالتجارة العالمية والبينية.
نحن في الأردن أشبه بالمرضى فلا نصح ولا نموت، نعشق القتال السياسي ونعاني من سوء التغذية الاقتصادية، رغم أننا نمتلك القوة والقدرة الفائقة على إدارة الملفات الخارجية بأداء عال، ولكننا نعجز عن التفكير بمصالحنا كما نفكر بمصالح غيرنا، واليوم اتضحت الصورة جلية أمامنا، فالدولة السورية عندها المرونة في التكيف السريع ونحن نعاني من تقارير الرصد الخارجي لمنعنا من التقدم في الاتجاهات الصحيحة، وهذا يجب أن يدفعنا الى التخلص من مشاكل الماضي والاستثمار في بلاد الشام والعراق والخليج العربي ولكن الأهم ضمان الاتفاقات وديمومة ?لأوضاع خصوصا الأمنية وإبعاد أي قوى غير رسمية قد تهدد جناحنا الجنوبي، وهذا ما يفهمه ايضا الجانب السوري الذي هو بحاجة للتخلص من الأسمال المرهقة التي تنكبها جراء تدخلات غير عربية، وله الحق في رفض أي قوانين فرضت من قبل على العراق سابقا.
Royal430@hotmail.com
الرأي