الفرص موجودة لكننا نحتاج لـ (إرادة) و(إدارة)!
لا شك بأن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى الولايات المتحدة الامريكية الاخيرة في تموز الماضي قد فتحت أبوابا على مصراعيها كفيلة - اذا ما تم استثمارها- بالانتقال بالاقتصاد الوطني سريعا الى مرحلة التعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا.. وهذه الفرص يمكن تلخيصها بالمحاور الثلاثة التالية:
- الأول: فك (الحصار الاقتصادي) الذي عانى منه الاردن بسبب موقعه الجيوسياسي خصوصا خلال السنوات الاربع الماضية وتحديدا في عهد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، الحصار الذي تمثل باغلاق المنافذ البرية عن الاردن وبشكل محدد (معبر طريبيل) و(معبر جابر)، وقد نجح جلالة الملك عبدالله الثاني بفتح أبواب واسعة للتعاون بين الاردن والعراق الشقيق من خلال اتصالات وزيارات وحوارات مكثفة خلال السنوات الماضية، حتى تكللت بالنجاح من خلال مأسسة العلاقات اقتصاديا من خلال محور (الاردن والعراق ومصر) حتى بدأنا نسمع عن مشاريع اقليمية مشتركة كبرى في مقدمتها: «المنطقة الاقتصادية التنموية المشتركة» بين الاردن والعراق، ومشروع خط نفط (البصرة - العقبة) وغيرهما من المشاريع.
- أما على صعيد (معبر جابر) فقد نجح الاردن بقيادة جلالة الملك وخلال زيارته الاخيرة للولايات المتحدة الامريكية بـ»الاستثناء» من «قانون قيصر» وفتح قنوات مباشرة لاعادة التعاون الاقتصادي والتجاري مع سوريا، والتي تسارع رتمها خصوصا بعد زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني أيضا الى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.. وقد تسارعت خطوات التواصل بين سوريا والاردن مؤخرا بدءا من توافق على توصيل الكهرباء من الاردن والغاز المصري عبر الاردن الى لبنان من خلال الاراضي السورية، وعقد لقاء بين وزراء الطاقة في عمّان ضم دول (الاردن ومصر وسوريا ولبنان) ثم زيارة وزير الدفاع السوري الى الاردن، وأخيرا وليس آخرا لقاء نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الاردني مع وزيرالخارجية السوري أمس الاول في نيويورك على هامش اجتماعات الهيئة العامة للامم المتحدة.
- المحور الثاني من الفرص الاقتصادية: يتمثل بالدعم الكبير الذي يحظى به الاردن من البنك الدولي وكذلك صندوق النقد الدولي اللذان التقى جلالة الملك عبدالله الثاني خلال زيارته لامريكا تموز الماضي بقيادات البنك والصندوق، ويواصل وفد وزاري يضم وزيري التخطيط والتعاون الدولي، والمالية، لقاءاته (حاليا) مع البنك والصندوق الدوليين، لمتابعة مخرجات زيارة جلالة الملك.. أقول أن فرص التعاون بين الاردن وهاتين المنظمتين الاقتصاديتين الدوليتين قائمة على ارض الواقع وقد تم الاتفاق منذ بداية العام مع البنك الدولي - وفق ما أعلن - على (3 برامج ومشاريع) بلغ إجمالي قيمتها الملتزم بها نحو (1.567 مليار دولار).
الاتفاقية الأولى اشتملت على تمويل إضافي بقيمة (290 مليون دولار) لمشروع التحويلات النقدية للاستجابة لتفشي جائحة كورونا والذي يهدف لتمويل إجراءات تخفيفية تعزز الحماية الاجتماعية، تضم برنامج دعم تكميلي للمعونات الشهرية لصندوق المعونة الوطنية بواقع (100 مليون دينار) لعام 2021، وتمويل مساهمة الحكومة في برنامج استدامة حتى نهاية العام بكلفة (115 مليون دينار)، إضافة إلى (50 مليون دينار)، لاستهداف 60 ألف أسرة إضافية للانتفاع من برنامج الدعم النقدي المؤقت (تكافل 3).
الاتفاقية الثانية، شملت قرضا ميسرا بقيمة (64 مليون دولار) لمساعدة الحكومة في تمويل شراء لقاحات ضد فيروس كورونا، وتبلغ قيمة الاتفاقية الثالثة نحو (500 مليون دولار) أميركي، لتنفيذها على 5 سنوات لبرنامج تمويل الاستثمارات الشاملة والشفافة والمراعية للمناخ وفقاً للنتائج، بهدف تحفيز الاستثمار العام والخاص في الأردن لتحقيق التعافي من جائحة كورونا، وتسريع التعافي الاقتصادي وخلق مزيد من فرص العمل من خلال الاستفادة من إمكاناته الاقتصادية وخاصة فرص النمو الأخضر.
المحور الثالث: يتعلق بالمساعدات الأمريكية التي يطمح الاردن للوصول الى توقيع مذكرة مساعدات جديدة بعد انتهاء الحالية شباط 2022، وللسنوات الخمس المقبلة وباجمالي (6.375 مليار دولار) على الأقل.
- باختصار.. الفرص موجودة والدعم متوفر والمساعدات حاصلة.. فقط نحتاج الى (إرادة) و(إدارة) حصيفة للبدء بترجمة هذه الفرص لواقع يلمسه المواطنون والقطاع الخاص ومن خلال برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي للاعوام (2021- 2023). الدستور