صناعة أردن مختلف

مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/23 الساعة 03:15
صناعة مسارات سياسية جديدة في الدولة بعيداً عن الضغوطات ميزة للدول التي تفعلها، فالمستقبل او شكل الدولة السياسي يحتاج الى هندسة سياسية معمارية ترسم التصميم ثم تبحث عن الادوات التي تحوله الى واقع وهذا يعني ان واقع اليوم هو المطلوب تغييره وليس الاستسلام له.

ولعل اكثر الملاحظات التي كانت تقال حول قوانين الانتخاب انها قوانين تصنع نواب حارات لان الدوائر صغيرة، وكلما اتجهنا في القانون القادم نحو الدوائر الكبيرة سواء في كوتا الاحزاب او بقية المقاعد؛ عبر مجلس النواب عن تمثيل اكثر دقة للاردنيين، وهذا ما نجده في مقترحات لجنة التحديث، فالذهاب الى قائمة حزبية على مستوى الاردن يعني ان المرشحين يجب ان يمتلكوا مواصفات يستطيعون من خلالها اقناع الاردنيين من كل المحافظات وهذا يعني رفع سوية المرشح من حيث القدرة السياسية والبرنامج والقدرة على الحصول على ثقة المواطنين من كل الم?افظات.

وحتى المقاعد الفردية فان القادم يصنع مرشحا على مستوى المحافظة في اغلب الدوائر وهذا يتجاوز بنا مرحلة مرشح عشيرة او مجموعة بلدات وقرى، اي اننا نذهب إلى تمثيل يعبر عن هوية المجتمع والدولة وليس عن تمثيل محدود.

ولعل ما يجب التأكيد عليه دائما ان تمثيل الاردنيين ليس فقط على اساس عدد السكان، ففي كل انظمة الانتخاب هنالك تمثيل للجغرافيا او التنمية او السكان، واحيانا يتم الخلط بين هذه العوامل، لان الامر ليس تقسيم عدد المقاعد على عدد السكان بل هي معادلة سياسية تنموية وسكانية، وهناك ايضا عوامل اخرى قد تخص بعض الدول تدخل في حساب توزيع المقاعد، ومن يضع التشريع يتعامل وفق كل المعطيات وليس وفق عامل واحد.

ورغم ان الحديث في مراحل سابقة كان عن فكرة تخفيض عدد مقاعد المجلس الا ان العدد الحالي لم يخرج عن السياق الطبيعي قياسا الى نماذج عديدة في دول مختلفة، ولعل الذهاب الى فكرة القائمة الحزبية خدمة لمشروع سياسي مستقبلي جعل زيادة عدد المقاعد ضرورة، رغم ان هذا رافقه تخفيض لعدد مقاعد كل الدوائر وبنسبة متساوية، اي ان نسبة كل محافظة بقيت كما هي ولها فرصة في الحصول على مقاعد اضافية عبر قوائم الاحزاب.

ولعل واقع الاحزاب اليوم وهي تعاني من ضعف تأثير وقلة اعداد المنتسبين يجعل منا من يرى فيما حصلت عليه من مقاعد في مجلس النواب اكثر مما تستحق، وهو رأي سليم في ظل الواقع الحالي لكن اعطاء الحياة الحزبية فرصة للنمو والتأثير والتخلص من عوامل الضعف يحتاج الى فكرة القائمة الحزبية وما تم تخصيصه لها من مقاعد، وهي ليست منحة بل فرصة على الاحزاب السعي لاستثمارها مسبقا بالتوحد في تيارات متجانسة، وعلى العاملين في العمل السياسي الاستفادة منها عبر بناء احزاب او تكتلات حزبية قادرة على الدخول الى مجلس النواب.

قانون الانتخاب الجديد اذا تم النظر له وفق معطيات الواقع الحالي فلن يكون الحكم مكتملا، لكن اذا كان التقييم باعتبارها جزءا من تصميم هندسي للحياة السياسية الاردنية للعقود القادمة فان الامر سيختلف، وربما ما يراه البعض نقاط ضعف هو ضرورات لبناء مستقبل مختلف.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/23 الساعة 03:15