هذا ما فعله نقيب الأمن العام محمد الزعبي مع صاحب البكم الأزرق

مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/21 الساعة 02:33
أمس كنت في شارع البحتري, الناس هناك تعود للحياة من جديد.. تتسوق, تعبر الشوارع.. وتجدد نشاطها, ولكن لفت انتباهي أمر أحب أن اوثقه...

القصة أن أحد الباعة, أوقف سيارته في منتصف الشارع, وبدأ بالنداء.. مما حدا بالشرطة وعلى إثر بلاغ من صاحب محل على مايبدو للمجيء, ومصادرة رخصته ورخصة السيارة.. وكما عرفت فإن الإجراءات تقتضي غرامة, وتقتضي مصادرة (البكم)..

النقيب الذي حضر اسمه محمد الزعبي، من الشرطة السياحية على ما يبدو.. والشارع كله بدأ بمراقبة المشهد، ومراقبة عملية تحرير الضبط.. ومراقبة خوف البائع... الذي وقف بجانب سيارته، وقد بدت عليه ملامح الانكسار والتعب...

كل ما في الأمر أن مجموعة من الجالسين في المقهى, مارسوا (الفزعة).. خاطبوا النقيب بود ومحبة: (امسحها بهاللحية ما بعيدها)... والذين تحدثوا معه هم الناس البسطاء في الشارع الذين يملكون محلات.. في النهاية استجاب النقيب, وأعاد الرخصة وطلب منه المغادرة وعدم المجيء مرة أخرى للشارع, ثم شرح لنا القانون... واثار عملية البيع العشوائي، وكيف تتضرر المحلات، مع أنه لم يكن ملزما بشرح شيء، ولم يلزمه أحد أيضا بالعودة عن تطبيق القانون.. ونحن استمعنا له بود.

حين جلسنا فسرت الأمر لأصدقائي بالقول, إن نسبة كبيرة من ضباط الأمن العام.. جاءوا إلى هذا الجهاز وهم يحملون أخلاق عشائرهم، في التسامح والمحبة... هو يطبق القانون وهم أداة تنفيذية, ولكن الأخلاق التي تعلموها في مجتمعاتهم.. وقراهم، والقيم التي ترسخت لديهم بفعل العشيرة.. حكمت قراراتهم وسلوكهم...

الأمن العام مؤسسة حقيقية في الأردن, لم يسجل في تاريخها قصة فساد كبرى.. لم تتورط بإخفاقات تمس الأمن الوطني, لم تتورط أيضا بالسحل والدم.. والزنازين, والمفقودين.. وربما السبب في ذلك كما قلت: إن نسبة كبيرة من ضباطها, جاءوا من القرى البعيدة والأرياف.. وظلت تأسرهم قيم وعادات المجتمعات الريفية الفلاحية التي تعودت الكرم.. والعطاء..

في أماكن أخرى لو تم هذا العمل, لربما قاموا بجرف السيارة مع الخضار... ولكن رجل الأمن تغاضى ومضى في سبيله, أقام احتراما للناس.. وحاورهم وشرح لهم القانون بالتفصيل.. وحين جلسنا ظلت جملة: (والله هالضابط نشمي) تتردد على ألسنة الحاضرين...

محمد الزعبي هو نقيب في الأمن العام، ولكنه في نظري بطل حقيقي.. لأنه لم يحكم رتبته في المشهد, حكم أخلاقه وروح القانون... وشرح بالتفصيل لنا جميعا, ما هي الإجراءات.. وما هو دور شرطة البيئة والسياحة, وأخبرنا أن القصة ليست عقابا وإنما هي حماية لأصحاب المحلات...

كبار البلد.. هم هؤلاء, الذين يقيمون وزنا لعاطفة الناس وأرزاقهم.. ويحترمون الناس بغض النظر عن مرتباتهم الاجتماعية, كبار البلد... هم الذين يحمون عرق وتعب الرجال.. ويحمون الشوارع وأنماط الحياة, لا يمضون وقتهم خلف المكاتب الوثيرة.. لم يرتدوا ربطة عنق في حياتهم...

الأمن العام.. مؤسسة أمن ومؤسسة ترسيخ الهوية..

Abdelhadi18@yahoo.com

الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/21 الساعة 02:33