ما سرّ زيارة وزير الدفاع السوري لعّمان؟
«البلدان الشقيقان» هكذا وصف خبر وكالة الأنباء السورية الرسمية زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السوري العماد علي عبدالله أيوب لعمان، فقد ذكرت «سانا» أن العماد علي أيوب قام بزيارة للمملكة الأردنية الشقيقة تلبية لدعوة من رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف الحنيطي.
وذكرت أن الاجتماع الموسع بحضور عدد من كبار ضباط الجيش العربي السوري بحث علاقات التعاون بين جيشي البلدين الشقيقين، وآفاق تطويره والتأكيد على أهمية التنسيق حول القضايا المشتركة التي تهم البلدين خصوصا في مكافحة الإرهاب وضبط الحدود.
ويبدو أن هذه المرة الأولى التي تحصل عمان على صفة الشقيق بعد عشر سنوات من تأمينها للمنطقة الجنوبية من سوريا.
إن دعوة العماد أيوب جاءت بعد جهود أردنية منذ سنوات، أتهم فيها بما لم يفعل، لإعادة فتح الطريق المشترك سياسيا وأمنيا واقتصاديا ليس لسوريا فقط بل ولإنقاذ لبنان الغريق الذي يحتاج الى طريق سوري لإيصال الخدمات والبضائع له ومنه، واحتضان عمان لاجتماع وزاري حضره وزير الطاقة السوري إضافة الى الجانبين اللبناني والمصري، وبعد تحضيرات لتنظيف الساحة السياسية من المعوقات، خصوصا في زيارات جلالة الملك الى واشنطن وموسكو والتي تناولت في معرضها الوضع السوري والرؤى حول حل الأزمة بأقل الخسائر والرفع الجزئي عن العقوبات التي فرضتها واشنطن سابقا.
لذلك جاءت زيارة العماد أيوب لمناقشة الوضع بإطاره العسكري وتنسيق الجهود لضمان أمن حدودنا المشتركة ومكافحة الإرهاب الذي ذقنا ويلاته جميعا، وقطع دابر المهربين للأسلحة والمخدرات والمتسللين عبر العمق السوري، وهذا لا يتأتى إلا بالحرص المشترك والحقيقي ما بين الجانبين لضمان الأمن الحدودي الذي يعد أساساً لضمان أي انفتاح اقتصادي يخدم مصالحنا، ويضمن كذلك الاستقرار وإعادة البناء في جنوب سوريا بالتحديد والتخصيص ويمهد لعودة اللاجئين من إخوتنا السوريين الذين طال مكوثهم مشتتين عن بلادهم وعائلاتهم هناك عما قريب..
ورغم زيارة الرئيس بشار الأسد لموسكو الأسبوع الماضي، فقد اتضح أن التدخل الروسي في سوريا عسكريا لم ينعكس على موسكو سياسيا أو اقتصاديا كما تمنت، وجائزتها كانت موضع قدم لقاعدتها في شمال سوريا، بينما أنهك التدخل الإيراني عبر وكلائه والمليشيات التي تدين له، الوضع الأمني الذي كانت القوات السورية تعاني من جيوبه، خصوصا بعد معارك إدلب الأخيرة ومحيط محافظة درعا ودرعا البلد، ولكن سيطرة القوة النظامية السورية على درعا وجوارها، قد استدعت عقد الاجتماع الذي ركز على قواعد التعامل مع أمن الحدود الطويلة بين البلدين والوصول الى نقطة بداية لانطلاق النقل البري الآمن.
اليوم وبعد دخول السنة الحادية عشرة على الصراع في سوريا وتطهير مناطق واسعة من أراضي الدولة، والعمل على إعادة بناء الجيش السوري بقواعد جديدة، لم يعد بالإمكان ترك القضية الأمنية للحدود الأردنية الطويلة مع الجارة السورية مغلقة أو بقاءها تحت تهديد المليشيات التي تضخمت حد العسكرة الضاربة والخارجة عن القانون السوري، فالمقاتلون الذين كانوا يسيطرون على مناطق جنوب سوريا سابقا قد حل محلهم قوات مدعومة إيرانيا جاءت كدعم للقوة الرسمية السورية، واليوم بعد إخضاع الجنوب السوري وآخر معاقله في مدينة درعا لم يعد هناك مجال للتسويف في ترك المنطقة بلا خطط مستقبلية لإعادة الأمن والحياة الطبيعية مجددا لها، فالأردن المعني بالاستقرار السوري كمصلحة أخوية مشتركة بدأ يخرج من عقدة الحدود التي نراقبها عن كثب.
السؤال المهم لبلدينا المتشاركين في التاريخ والجغرافيا والشرايين الاقتصادية والدماء المشتركة، هل دخلنا في مرحلة إعادة تشكيل العلاقات بناء على نظرية واقعية من التشاركية العابرة للحدود في طريق عودة الاستقرار للجنوب السوري تحديدا ومثله في باقي مناطق الدولة السورية بسلطة سورية خالصة ودون أي تهديد ديموغرافي بعد ذلك؟ فإن كانت كذلك فعلى القيادة السورية التي تكبدت تكلفة عالية من التهديد المحلي والخارجي ان تعتمد مبدأ الصلح العام والعودة لاحتضان الجميع في مرحلة جديدة لا يسيطر عليها قانون الغاب الثأري الخارج على القانون العدلي، ما سيمهد لعودة سوريا الى مقعدها في حاضنة الدول العربية بسلام.
Royal430@hotmail.com
الرأي