لومة تأمينية قانونية اجتماعية.. اطرحوا نظام التأمين الصحي المقترح للحوار
مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/20 الساعة 09:11
مدار الساعة - كتب: موسى الصبيحي *
* إعلامي وقانوني/خبير التأمينات الاجتماعية
لومة تأمينية قانونية اجتماعية (40)
رأيي في الموضوع.. اطرحوا نظام التأمين الصحي المقترح للحوار قبل الإقرار..!
تفعيل التأمين الصحي في قانون الضمان.. الضرورة والمحذور..!
بمناسبة الحديث المتكرّر في الآونة الأخيرة عن التأمين الصحي وهو التأمين الخامس في قانون الضمان الاجتماعي، وقد تكرّر ذكره بين التأمينات التي وردت في كافة قوانين الضمان التي صدرت حتى الآن منذ صدور القانون المؤقت رقم (30) لسنة 1978 وكان يُسمّى في هذا القانون (التأمين الصحي للعامل والمستحقين).. لكن المؤسسة لم تُفكّر في تطبيقة إلا نادراً، وكانت كلّما عَنّ ببالها تفعيل هذا التأمين تتريّث وتفكر مليّاً خشية الإخفاق والإنفاق.. والكل يعرف أن التأمين الصحي الاجتماعي مكلف، وأنّ الأمر ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيلا، بل هو ضروري ومهم..
وحيث أن التصريحات الرسمية الصادرة عن مؤسسة الضمان تُؤكد قرب تطبيق التأمين الصحي على المشتركين والمتقاعدين وأفراد أسرهم.. وهو توجّه إيجابي بالتأكيد، إلا أنني أود أن أشير هنا إلى نقاط ذات أهمية خاصة في هذا الجانب على الرغم من عدم اطلاعي على تفاصيل نظام التأمين المرتقب:
١- التأمين الصحي في قانون الضمان هو تأمين صحي اجتماعي، يمكن تطبيقه بقرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب من مجلس إدارة الضمان، وتوضح الفقرة (هاء/1) من المادة (3) من قانون الضمان ذلك حيث نصّت على أنّ (لمجلس الوزراء بناءً على تنسيب المجلس تطبيق التأمين الصحي للمستفيدين منه مشتركين ومنتفعين سواء من قبل المؤسسة منفردة أو بالاتفاق مع المؤسسات والجهات المختصة ذات العلاقة، ولهذه الغاية يُستحدث في المؤسسة صندوق خاص للتأمين الصحي). كما أشار البند2 من الفقرة المذكورة إلى أنه لهذه الغاية يصدر نطام خاص يحدد فئات المستفيدين من هذا التأمين وأحكامه وشروطه ونسب الاقتطاع من المنشآت والمؤمّن عليهم، كما يحدد هذا النظام كيفية إدارة الصندوق واستثمار أمواله والمنافع المترتبة على تطبيق هذا التأمين.
٢- واضح أن التأمين يجب أن يشمل مجتمع الضمان من مشتركين ومنتفعين وعائلاتهم، والمقصود بالمنتفعين طبعاً كافة المتقاعدين وأفراد أسرهم، والمستحقين من بعدهم. ولا يمنع ذلك أن يُنص في النظام الخاص للتأمين الصحي على شمول أفراد أسر المشتركين بالضمان، وتفصيل كافة المستفيدين من تغطية هذا التأمين.
٣- يجب أن يراعي التأمين الصحي الاجتماعي مكتسبات المؤمّن عليهم العاملين في منشآت توفر لهم مزايا تأمين صحي متميزة، فلا يكون تطبيق التأمين الصحي الاجتماعي مدعاة أو سبباً للانتقاص من تأمينهم الصحي المتميز الذي يتمتعون به من خلال منشآتهم.
٤- كلفة التأمين الصحي بالتأكيد لن تكون قليلة، وقد أشار القانون إلى نسب اقتطاع من المنشآت والمؤمّن عليهم العاملين فيها دون أن يحدّد هذه النسب، وأحال تفاصيل ذلك إلى النظام الخاص بالتأمين..وهذا من وجهة نظري خلل وثغرة قانونية بل وشبهة دستورية، فلا يجوز فرض رسم أو ضريبة أو اقتطاع إلا بقانون(لا تُفرَض ضريبة أو رسم إلا بقانون- مادة 111 من الدستور) وكان من الأصح أن يتم تحديد نسبة الاقتطاع الخاصة بالتأمين الصحي في القانون نفسه صراحةً كما هو حال التأمينات الأربعة الأخرى، ولهذا أرى من وجهة نظري أنه إذا كانت نية المؤسسة ومجلس الوزراء تتجه فعلاً لتطبيق التأمين الصحي الاجتماعي أن يُصار إلى تعديل قانون الضمان وتحديد نسبة الاقتطاع عن هذا التأمين وتوزيعها بين المؤمن عليه والمنشأة، وغيرهما في حال كان التوجّه بدعم هذا التأمين من الحكومة والمؤسسة، وأنا أرى أيضاً ضرورة أن تساهم الحكومة بجزء من كلفة هذا التأمين لتخفيف العبء المترتب على الضمان والمؤمّن عليهم والمنشآت.
٥- يجب أن يحظى صندوق التأمين الصحي باهتمام كبير وأن يُدار وتُستثمر أمواله بحصافة بالغة لأن العبء المستقبلي عليه سيكون كبيراً جداً، وهذا يتطلب إدارة استثمارية متخصصة ومستقلة تماماً عن صندوق استثمار أموال الضمان بهدف إعطاء إدارته المرونة الكافية لإدارة الصندوق واستثمار أمواله، فالصندوق له هدفان الأول إدارة عملية التأمين الصحي وستكون كبيرة لعدد كبير من المستفيدين، والثاني استثمار أموال الصندوق وهي مهمة كبيرة وحسّاسة ومهمة أيضاً.
٦- إذا لم يكن تطبيق التأمين الصحي الاجتماعي من قِبل مؤسسة الضمان وحدها، وإنما بالاتفاق مع جهات ذات علاقة، فلديّ اعتقاد بأن هذه الجهات يمكن أن تكون رسمية مثل وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية، وهذا يستوجب شراكة حقيقية كاملة وعادلة في إدارة التأمين، وأرى ضرورة إشراك القطاع الخاص في إدارته ضمن الشراكة التي نتحدث عنها ووضع الجميع أمام مسؤولياته.
٧- يجب ضمان تقديم خدمة تأمين صحي ذات جودة معقولة وأن يراعَى قدر الإمكان تضييق مجالات التمييز في الإقامة داخل المستشفيات بين المستفيدين.
٨- ضمان ديمومة التأمين، وهذا يفرض على الحكومة ومؤسسة الضمان أن تُبقيا أعينهما مفتوحة تراقب أي خلل وتعمل على معالجته فوراً قبل أن يستفحل.
٩- دراسة وتقييم ومراجعة التطبيق، وضمان عدم تأثيره سلباً على المركز المالي للنظام التأميني للضمان الاجتماعي، وبالتأكيد نفترض بمؤسسة الضمان أن تكون قد درست مدى قدرتها على تطبيق هذا التأمين بكفاءة ونجاعة.
١٠- والأهم هو وضع مسودة نظام التأمين الصحي المقترح على طاولة الحوار مع كافة الأطراف المعنية، على أن يشمل الحوار الاطلاع على الدراسة التي يُفترض أن تكون المؤسسة قد أعدّتها حول هذا التأمين، وللمؤسسة تجربتان سابقتان على هذا الصعيد وحول الموضوع ذاته.
(سلسلة معلومات تأمينية توعوية مبسّطة بقانون الضمان أقدّمها بصفة شخصية ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها والاقتباس منها مع الإشارة للمصدر).
* إعلامي وقانوني/خبير التأمينات الاجتماعية
لومة تأمينية قانونية اجتماعية (40)
رأيي في الموضوع.. اطرحوا نظام التأمين الصحي المقترح للحوار قبل الإقرار..!
تفعيل التأمين الصحي في قانون الضمان.. الضرورة والمحذور..!
بمناسبة الحديث المتكرّر في الآونة الأخيرة عن التأمين الصحي وهو التأمين الخامس في قانون الضمان الاجتماعي، وقد تكرّر ذكره بين التأمينات التي وردت في كافة قوانين الضمان التي صدرت حتى الآن منذ صدور القانون المؤقت رقم (30) لسنة 1978 وكان يُسمّى في هذا القانون (التأمين الصحي للعامل والمستحقين).. لكن المؤسسة لم تُفكّر في تطبيقة إلا نادراً، وكانت كلّما عَنّ ببالها تفعيل هذا التأمين تتريّث وتفكر مليّاً خشية الإخفاق والإنفاق.. والكل يعرف أن التأمين الصحي الاجتماعي مكلف، وأنّ الأمر ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيلا، بل هو ضروري ومهم..
وحيث أن التصريحات الرسمية الصادرة عن مؤسسة الضمان تُؤكد قرب تطبيق التأمين الصحي على المشتركين والمتقاعدين وأفراد أسرهم.. وهو توجّه إيجابي بالتأكيد، إلا أنني أود أن أشير هنا إلى نقاط ذات أهمية خاصة في هذا الجانب على الرغم من عدم اطلاعي على تفاصيل نظام التأمين المرتقب:
١- التأمين الصحي في قانون الضمان هو تأمين صحي اجتماعي، يمكن تطبيقه بقرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب من مجلس إدارة الضمان، وتوضح الفقرة (هاء/1) من المادة (3) من قانون الضمان ذلك حيث نصّت على أنّ (لمجلس الوزراء بناءً على تنسيب المجلس تطبيق التأمين الصحي للمستفيدين منه مشتركين ومنتفعين سواء من قبل المؤسسة منفردة أو بالاتفاق مع المؤسسات والجهات المختصة ذات العلاقة، ولهذه الغاية يُستحدث في المؤسسة صندوق خاص للتأمين الصحي). كما أشار البند2 من الفقرة المذكورة إلى أنه لهذه الغاية يصدر نطام خاص يحدد فئات المستفيدين من هذا التأمين وأحكامه وشروطه ونسب الاقتطاع من المنشآت والمؤمّن عليهم، كما يحدد هذا النظام كيفية إدارة الصندوق واستثمار أمواله والمنافع المترتبة على تطبيق هذا التأمين.
٢- واضح أن التأمين يجب أن يشمل مجتمع الضمان من مشتركين ومنتفعين وعائلاتهم، والمقصود بالمنتفعين طبعاً كافة المتقاعدين وأفراد أسرهم، والمستحقين من بعدهم. ولا يمنع ذلك أن يُنص في النظام الخاص للتأمين الصحي على شمول أفراد أسر المشتركين بالضمان، وتفصيل كافة المستفيدين من تغطية هذا التأمين.
٣- يجب أن يراعي التأمين الصحي الاجتماعي مكتسبات المؤمّن عليهم العاملين في منشآت توفر لهم مزايا تأمين صحي متميزة، فلا يكون تطبيق التأمين الصحي الاجتماعي مدعاة أو سبباً للانتقاص من تأمينهم الصحي المتميز الذي يتمتعون به من خلال منشآتهم.
٤- كلفة التأمين الصحي بالتأكيد لن تكون قليلة، وقد أشار القانون إلى نسب اقتطاع من المنشآت والمؤمّن عليهم العاملين فيها دون أن يحدّد هذه النسب، وأحال تفاصيل ذلك إلى النظام الخاص بالتأمين..وهذا من وجهة نظري خلل وثغرة قانونية بل وشبهة دستورية، فلا يجوز فرض رسم أو ضريبة أو اقتطاع إلا بقانون(لا تُفرَض ضريبة أو رسم إلا بقانون- مادة 111 من الدستور) وكان من الأصح أن يتم تحديد نسبة الاقتطاع الخاصة بالتأمين الصحي في القانون نفسه صراحةً كما هو حال التأمينات الأربعة الأخرى، ولهذا أرى من وجهة نظري أنه إذا كانت نية المؤسسة ومجلس الوزراء تتجه فعلاً لتطبيق التأمين الصحي الاجتماعي أن يُصار إلى تعديل قانون الضمان وتحديد نسبة الاقتطاع عن هذا التأمين وتوزيعها بين المؤمن عليه والمنشأة، وغيرهما في حال كان التوجّه بدعم هذا التأمين من الحكومة والمؤسسة، وأنا أرى أيضاً ضرورة أن تساهم الحكومة بجزء من كلفة هذا التأمين لتخفيف العبء المترتب على الضمان والمؤمّن عليهم والمنشآت.
٥- يجب أن يحظى صندوق التأمين الصحي باهتمام كبير وأن يُدار وتُستثمر أمواله بحصافة بالغة لأن العبء المستقبلي عليه سيكون كبيراً جداً، وهذا يتطلب إدارة استثمارية متخصصة ومستقلة تماماً عن صندوق استثمار أموال الضمان بهدف إعطاء إدارته المرونة الكافية لإدارة الصندوق واستثمار أمواله، فالصندوق له هدفان الأول إدارة عملية التأمين الصحي وستكون كبيرة لعدد كبير من المستفيدين، والثاني استثمار أموال الصندوق وهي مهمة كبيرة وحسّاسة ومهمة أيضاً.
٦- إذا لم يكن تطبيق التأمين الصحي الاجتماعي من قِبل مؤسسة الضمان وحدها، وإنما بالاتفاق مع جهات ذات علاقة، فلديّ اعتقاد بأن هذه الجهات يمكن أن تكون رسمية مثل وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية، وهذا يستوجب شراكة حقيقية كاملة وعادلة في إدارة التأمين، وأرى ضرورة إشراك القطاع الخاص في إدارته ضمن الشراكة التي نتحدث عنها ووضع الجميع أمام مسؤولياته.
٧- يجب ضمان تقديم خدمة تأمين صحي ذات جودة معقولة وأن يراعَى قدر الإمكان تضييق مجالات التمييز في الإقامة داخل المستشفيات بين المستفيدين.
٨- ضمان ديمومة التأمين، وهذا يفرض على الحكومة ومؤسسة الضمان أن تُبقيا أعينهما مفتوحة تراقب أي خلل وتعمل على معالجته فوراً قبل أن يستفحل.
٩- دراسة وتقييم ومراجعة التطبيق، وضمان عدم تأثيره سلباً على المركز المالي للنظام التأميني للضمان الاجتماعي، وبالتأكيد نفترض بمؤسسة الضمان أن تكون قد درست مدى قدرتها على تطبيق هذا التأمين بكفاءة ونجاعة.
١٠- والأهم هو وضع مسودة نظام التأمين الصحي المقترح على طاولة الحوار مع كافة الأطراف المعنية، على أن يشمل الحوار الاطلاع على الدراسة التي يُفترض أن تكون المؤسسة قد أعدّتها حول هذا التأمين، وللمؤسسة تجربتان سابقتان على هذا الصعيد وحول الموضوع ذاته.
(سلسلة معلومات تأمينية توعوية مبسّطة بقانون الضمان أقدّمها بصفة شخصية ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها والاقتباس منها مع الإشارة للمصدر).
مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/20 الساعة 09:11