البشير: ١١ صباحاً
خلال أحد الأيام في هذا العام سجلت طوارئ مستشفى البشير ٢٤٠٠ حالة تم استقبالها في مناوبة واحدة مدتها ٨ ساعات، هذا الرقم الهائل ليس الا تجليًا واحداً للتحديات الإدارية والفنية المتشابكة التي تواجهها وزارة الصحة، وهي لا تملك بالمناسبة سوى اخصائي وحيد في جراحة الاوعية الدموية، كما لا تمتلك أي برنامج اختصاص في هذا المجال قد يسمح لها بسد هذا النقص الخطير.
بلغت نسبة الأطباء في الأردن حوالي ٢،٣٤ طبيب لكل ١٠٠٠ مواطن في عام ٢٠١٧ منخفضة من ٢،٨٤ طبيب لكل ١٠٠٠ مواطن في عام ٢٠١٥، كما بلغت نسبة الاسرة المتوافرة ١،٤٧ سرير لكل ١٠٠٠ مواطن في ٢٠١٧ أيضا، متراجعة من ١،٨٩ سرير لكل ١٠٠٠ مواطن في عام ٢٠١٤.
كل هذه الأرقام رصدت قبل حدوث الجائحة الصحية التي عصفت بالقطاع الطبي عموما وحملت البشير وطواقمه المنهكة المزيد من الأعباء بعد قصر مستشفى الأمير حمزة لعلاج مرضى الجائحة واغلاق قسم الطوارئ الخاص به أمام المراجعين، إضافة للتحديات الاقتصادية التي أدت لفقدان الكثير من الأردنيين لوظائفهم ومعها تأميناتهم الصحية وألجأتهم الى مستشفيات الوزارة حصرا.
تحرك الشارع الأردني قبل أيام إثر حادثة وفاة الطفلة لين الناتجة عن تشخيص خاطئ، حيث يشتبه أن الوفاة حصلت نتيجة خطأ طبي كان من الممكن تفاديه لو أن الطبيب المناوب في البشير لا يعالج في اليوم الواحد عشرات الحالات وقد يصل العدد الى المئات في أحيان كثيرة، كما لو أن وزارة الصحة تفرض برامج تدريب منضبطة تضمن متوسطاً مقبولاً لأداء المقيمين والعاملين فيها.
كان يمكن تفادي هذه الحادثة المؤلمة لو كانت المنظومة الصحية تعمل بالتراتبية والتكامل المتبع في بقية دول العالم، من المركز الصحي وعيادات الاسرة وصولا الى المستشفيات المركزية والعيادات المتخصصة، ناهيك عن النقص الحاد في الموارد البشرية والقدرات الاستيعابية والارتباك الإداري الذي يشتكي منه موظفو الوزارة ويعاني من تبعاته الأردنيون جميعا.
كل ما سبق لا ينفي أن يتحمل أي مهمل ومقصر نتائج أفعاله، لكن يجب أن تطال يد المحاسبة الجميع ولا تكتفي بمحاسبة الأطباء فقط، كما لا يحيط أي انسان بعمق المشكلة الا إذا زار طوارئ البشير خلال ساعات الذروة في الظهيرة مثلا ليرى بعينه ماذا يحدث هناك، وهذه الدعوة مفتوحة للجميع حكومةً، ونواباً، ومسؤولين، وغيرهم.
يحتاج القطاع الطبي الى خطة انقاذ سريعة وجذرية، تشتمل على برامج تدريب واختصاص للعاملين فيه، وزيادة في قدراته الاستيعابية تتناسب مع أعداد الأردنيين، كما يحتاج الي هيكل متكامل يتمتع بتراتبية هرمية وانتشار جغرافي مناسب يضمن تقديم الخدمات الصحية بالجودة المطلوبة وتوزيع الضغط بعيدا عن المستشفيات الرئيسية لتتفرغ هي الأخرى لتقديم الخدمات التخصيصية لمن يحتاجها حقا.
الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية بجودة مقبولة حق لجميع المواطنين كما الحرية والامن وغيرهما، حقوق أساسية يجب على الحكومة أن توفرها، والا فهي لا تقوم بواجبها وهذا فصل الخطاب.
Saifalrawashdeh0@gamil.com
الرأي