عقول الناس مدونة في أطراف اقلامهم

مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/10 الساعة 17:30
كتبت د. آمال جبور / لست أنا صاحبة هذه المقولة إنه الفيلسوف اليوناني أفلاطون ، هذا العقل (واقصد به هنا أفلاطون) انتج بناء فلسفياً لا زال ذا اهمية علمية وفكرية، يتربع عرش المؤسسات العلمية بوجبات فكرية كاملة الدسم عبر تاريخ طويل لتطور العقل بالعلوم والمعارف. تستوقفنا هنا مقولته حول ما يؤول له عقل اليوم وانعكاساته على سلوك وأفعال الناس وتعاطيهم مع حداثة المعلومة المدججة بعالم الوسائط التكنولوجية المتعددة التطبيقات، والذي يعكس بالضرورة ما يحمله عقل اليوم - اذا كان يحمل - عتاداً معرفياً وثقافياً وفكرياً يحترم تطور وعي الإنسان بذاته ووجوده، و يتناسب مع حاجات عصره المتنوعة المسارب والمشارب. ولنركز هنا على 'عقل اليوم' في بيئتنا العربية، وما يحمل في ثناياه من انتماءات عقائدية وايدولوجية وثقافية وسياسية... الخ ،و الأهم من كل ذلك الثقافة الشعبية التي أصبحت ايدولوجيا بحد ذاتها لا تقدم ، بل تؤخر، لها امتداداتها المتشعبة وتحتل مساحة واسعة بين فئات المتعلمين ذوي الشهادات العلمية العليا تحديداً ، فما حال فئة الأقل رتبة علمية وثقافية من هؤلاء؟ هذه الثقافة الشعبية التي يحملها ' عقل اليوم' لها رصيد واسع في مجتمعاتنا العربية، تستحضر من الماضي فقط خرافاته واساطيره لتبتلعه من جديد وتهضمه منتجة الجهل والتخلف والانقياد اللا وعي لتكريس انسداد قنوات التأخر التاريخي الذي نعانيه منذ عقود، بالرغم من تعدد المنافذ المعرفية وازدحام قنوات العلم وتنوع أدواته التي لم تكن متاحة سابقاً للعقل البشري الذي انتج وحصن الفكر والفرد والمجتمع، وافرز اتجاهات عقلية وفكرية وثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية متنوعة أبصرت البشرية وأدخلت العقل في عصر التنوير والحداثة، والتي نستوردها من غيرنا ونلتهمها بدون تريث وخجل، و متعصبين في الوقت نفسه لماض أصبحنا الان منقطعين عن إنجازاته، مُستدعين فقط اساطيره وخرافاته ومقولاته غير المثبتة ومُخيّمة على عقل يأبى الخروج من قوقعته. لماذا لا زال عقل الفرد العربي يحتكم ويستنصر لهذه الايدولوجيا الشعبية اللاواعية ؟ لعلنا نجد مخرجاً لمتاهات العقل عند بعض المفكرين العرب ولنقدم المفكر المغربي عبدالله العروي في كتابه 'مفهوم العقل' فيقول :ان مفهوم العقل عند كبار مفكرينا حتى الاكثر شعبية تشبتاً به مثل المعتزلة والفلاسفة وإبن خلدون ومحمد عبده بين أنصار الإصلاح في القرن الاخير، غير مكتمل بالنظر الى مفهوم آخر يهيمن اليوم على البشرية جمعاء. ويضيف العروي' عندما نستعمل العقل في حدود ثقافتنا التقليدية، نقول غير ما يقوله غيرنا اليوم، فلا يكون تجاوباً ولا تفاهماً، نظن اننا نتكلم على بديهيات في حين اننا غارقون في المهمات، فلا يكون العقل عقلانياً ، الا اذا انطلقنا من الفعل واخضعنا لمنطقه منطق القول والكون، فما أصعب التقيد بالبديهيات. فيما يقول اينشتاين ' ان مشكلة العقل البشري هي أنه يريد أن يخضع الكون كله للمقاييس التي اعتاد عليها، و المصيبة ان الإنسان مؤمن بأن هذه المقاييس النسبية مطلقة وخالدة وبعدها من البديهيات التي لا يجوز الشك فيها، فهو قد اعتاد عل رؤيتها تتكرر يوماً بعد يوم، فدفعه ذلك الاعتقاد بأنها قوانين عامة تنطبق على كل جزء من أجزاء الكون، جاء هذا الاعتقاد من العادة التي اعتادها وهو يظن أنه جاء من الحقيقة ذاتها. إن عقل الثقافة الشعبية والتي تشكل اليوم ايدولوجيا المجتمعات العربية، ينمو في حدود القوالب التي صنعها ويصنعها المجتمع له، علماً بأن الأبحاث العلمية تؤكد ان العقل لا ينمو وينضج الا في زحمة الاتصال الاجتماعي، فلا يستقيم أي خطاب الا بالوعي ومخاطبة العقل، والا عاد لغواً وترديداً لمسموع مكرر، فأين العقل العربي المشبع بثقافة شعبية سطحية من هذا النمو والنضج في عصر تتسارع به أدوات التواصل الانساني والاجتماعي والتكنولوجي والاعلامي؟ ليكون قادراً على إنتاج ما هو مفيد له وللانسانية كاتبة اردنية
  • مال
  • وسائط
  • عربية
  • ثقافة
  • اقتصاد
  • عرب
  • خرجا
  • قوانين
  • لب
  • سموع
  • اردن
مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/10 الساعة 17:30