العزب يكتب: لا تندهي.. ما في حدا..
مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/02 الساعة 20:57
مدار الساعة - كتب: المحامي بلال شاكر العزب
في مفارقة ساخرة تعبر عن واقع يشبه الكوميديا السوداء جاءت مخرجات اللجنه القانونية لمجلس النواب العتيد في الاتجاه المعاكس تماما لما استمع له أعضاؤها الموقرون من آراء وتوصيات من ذوي الاختصاص والمتأثرين المباشرين بقانون البلديات والإدارة اللامركزية, وهو ما يعتبر (من حيث الأصل) ركيزة من ركائز صناعة التشريع, تم النص عليها صراحة في النظام الداخلي للمجلس من حيث حق اللجان بدعوة الخبراء وذوي الشأن للوقوف على مواقفهم وآرائهم لما لذلك من ضرورة في الوصول لمخرجات تلامس الواقع وتستفيد من التغذية الراجعة وهو ما ينعكس حكماً على إستقرار التشريعات وثباتها.
وكأن لسان الحال يقول ما تردد سرًا وهمسًا في المجالس بأن المخرجات التشريعية لا تستجيب (حسب الأصول) لتجاذبات طبيعية بقدر ما تأتي انصياعاً لوجهة نظر أحاديه (الله وحده يعلم مصدرها).
العجب العجاب ليس في ذلك فقط بل يكمن في تساؤل البعض عن لغز :ردم الهوه بين الشعب والمؤسسات , خصوصاً أن اغلب النخبة السياسة وبشكل يومي, تمارس علينا دور التنظير والوعظ عن الإصلاح والمشاركة وسبل تعزيزها, في حين أنها نفسها تعلم مكمن الخلل ومصدره, ومع ذلك تعجز عن بلورة عمل سياسي جماعي منظم ومستدام.
كيف لهذه النخب المستهلكة أن تنجز ذلك وبضاعتها الأساسية التفرد والإستعراض, بل وأكاد اقول أنها تعارض عملياً أي تطور طبيعي لحركة سياسية أردنية ما لم تتسنمها وتتربع على قيادتها.
هذا بالضبط ما يقود تلك النخب للإستمرار في التعامل مع العملية السياسية بوصفها (فك وتركيب) وتحالف وتقاطع هنا أو هناك دون أن تحترم شروط ومتطلبات بناء مؤسسات قابلة للاستمرار والحياة والاستدامة.
حسنا يا ساده.... لنعود للمربع الأول... للدرس الأول (راس, روس)
الحريات العامة ... هي لمن يؤمن بها ولا ينتظر لممارستها ضوء أخضر للانطلاق, ولا يربط بين الحرية في ممارسة العمل العام وبناء المؤسسات, لا تطلق كشعار بقدر ما تتجلى عبر الممارسة المؤمنة بسيادة حقيقية للقانون , و توازن فعلي للسلطات , ذلك التوازن الذي تحتل السلطة القضائية المنحازة في وعيها و ثقافتها لحماية الحقوق وفي مقدمتها المشاركة في تشكيل وصياغة الفضاءالعام, فالقضاء هو صمام امان تلك الممارسة و السلطة الضامنة لها.
ما كان للنواب أن يستسهلوا الخروج بتشريعات لا تأخذ موقف القطاعات المتاثرة بعين الإعتبار لولا الفراغ السياسي في المؤسسات الحزبية الإختلالات في بنية وتاثير جماعات الضغط, وما كان لهم أن يفعلوا ذلك لو كان لهم اي خشية من تاثير ذلك على إعادة إنتخابهم...فهم يعلمون أن درب إعادة الإنتخاب والعودة للمجلس لها شروطها البعيدة كل البعد عن التمثيل الشعبي والآداء التشريعي المحترف والحصيف.
وللحديث دوما بقية
دمتم
مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/02 الساعة 20:57