هل يزداد جوجل سوءاً؟ التغييرات المتسارعة بخوارزمياته وسياساته الإعلانية تصعّب العثور عما نبحث عنه

مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/01 الساعة 16:04

 مدار الساعة - على مدار الأعوام الـ25 الماضية، أصبح اسم جوجل Google مرادفاً لفكرة البحث عن أي شيء عبر الإنترنت، حتى أن القواميس أصبحت تستخدم الفعل (to Google)  للإشارة إلى البحث عبر الإنترنت، أياً كانت الخدمة المستخدمة في هذا البحث.

 
أطاح جوجل منافسيه السابقين، مثل موقع AltaVista وموقع AskJeeves، منذ فترة طويلة، ولا تنطوي البدائل الحالية مثل موقع Bing وموقع DuckDuckGo على أي تهديد ذي مغزى لهيمنة جوجل الراسخة. مع ذلك، فإن تركيز عمليات البحث عبر الإنترنت في مورد واحد ينطوي على مخاطر كبيرة، كما يقول موقع The Conversation الأسترالي.
 
جوجل.. عملاق الإعلانات
يهيمن جوجل أيضاً على سوق مواقع التصفح عبر الويب (ما يقرب من ثلثي المتصفحات المستخدمة هي متصفح "كروم" Chrome التابع لجوجل) وعلى سوق الإعلانات على الويب (تمتلك منصة جوجل للإعلانات Google Ads نحو 29% من إجمالي سوق الإعلانات الرقمية في عام 2021). وقد أثار هذا المزيج من الهيمنة على خدمات التصفح والبحث والإعلانات جدلاً كبيراً لدى كثير من المؤسسات المعنية بتنظيم المنافسة ومكافحة الاحتكار في جميع أنحاء العالم.
 
لكن بصرف النظر عن المصالح التجارية، هل يُحسن موقع جوجل بالفعل خدمتنا عندما نستخدمه؟ هل نتائج البحث التي يقدمها (التي تملك نفوذاً واضحاً على المحتوى الذي نطَّلع عليه ونستهلكه) تعطينا الإجابات التي نريدها حقاً؟
 
يأتي أكثر من 80% من أرباح شركة "ألفابت" Alphabet المالكة لشركة جوجل من إعلانات موقع جوجل. وفي الوقت نفسه، يمر نحو 85% من نشاط محركات البحث في العالم عبر موقع جوجل.
 
خوارزميات جوجل تصعّب على المستخدمين عمليات البحث
يصعب إخفاء أن هناك ميزة تجارية كبيرة في أن يجمع الموقع بين بيع الإعلانات وأن يكون المتحكم في الوقت نفسه في نتائج معظم عمليات البحث عبر الويب التي تُجرى في جميع أنحاء العالم.
 
ويمكن رؤية هذا بوضوح في نتائج البحث. فقد أظهرت دراسات علمية أن مستخدمي الإنترنت أقل ميلاً للتنقل إلى أسفل صفحة البحث أو قضاء مزيدٍ من الوقت في المحتوى الموجود أسفل "الجزء المرئي" من صفحة البحث (حد المحتوى الظاهر على شاشتك). وهذا يجعل المساحة الظاهرة أعلى نتائج البحث أكثر قيمة بما لا يُقارن.
 
في المثال الذي نورده هنا، ستكتشف أنك مضطر إلى التمرير لثلاث شاشات لأسفل قبل أن تجد نتائج بحث فعلية بدلاً من العروض الترويجية المدفوعة التي يوفرها جوجل.
 
ومع أن جوجل (وكثيراً من المستخدمين بطبيعة الحال) قد يجادلون بأن ذلك لا ينتقص من أن النتائج الظاهرة أولاً لا تزال مفيدة وأن ظهورها مباشرة موفر للوقت، فإن ذلك يوضح أيضاً أن تصميم الصفحة والترويج الممنوح للإعلانات المدفوعة يؤثر تأثيراً كبيراً في سلوك المستهلك. ويزيد من تعزيز كل هذا استخدامُ نموذج إعلان الدفع عند النقر (pay-per-click) الذي يعمد إلى توجيه زيارات المستخدمين نحو المواقع وحثهم على النقر فوق الإعلانات.
 
 
مواجهة إزعاج الإعلانات
يمتد نفوذ جوجل إلى ما هو أكثر من نتائج بحث الويب، فأكثر من ملياري شخص يستخدمون موقع "يوتيوب" المملوك أيضاً لشركة جوجل شهرياً (وذلك فقط بحساب المستخدمين المسجلين)، وغالباً ما يعتبر موقع يوتيوب المنصة الأساسية للإعلانات عبر الإنترنت.
 
وعلى الرغم من الظهور البارز لموقع يوتيوب في كل ما يتعلق بمشاركة مقاطع الفيديو كما هو الوضع مع هيمنة جوجل على عمليات البحث، فإن مستخدمي يوتيوب لديهم خيار تجنب الإعلانات: وهو الدفع مقابل اشتراك مميز. ومع ذلك، لا يستخدم الاشتراك المدفوع سوى عدد محدود من المستخدمين.
 
تلبية تطور احتياجات المستخدمين وتعقُّدها
زاد التعقيد (والتوقعات المطلوبة) من الخدمات التي تقدمها محركات البحث على مر استخدامنا لها، وهو ما يتماشى مع تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، يميل الآن أي شخص يرغب في زيارة وجهة سياحية إلى البحث عبر جوجل عن "ماذا أفعل لزيارة هذا المكان أو ذاك؟".
 
تعرض عملية البحث عبر جوجل عدداً من النتائج، لكن من منظور المستخدم، تكون المعلومات موزعة عبر مواقع متعددة. ومن ثم للحصول على المعلومات المطلوبة، يحتاج المستخدمون إلى زيارة عددٍ من مواقع الويب.
 
لكن موقع جوجل يعمل على جمع هذه المعلومات معاً. ويستخدم محرك البحث الآن نموذجاً برمجياً متطوراً "للتعامل مع اللغة الطبيعية" والتعلم الآلي يسمى BERT، طُوِّر في عام 2018، وهو يحاول تحديد الغاية من وراء البحث، بدلاً من تتبع البحث عبر سلاسل نصية. وقد حاول موقع AskJeeves تجربة نموذج مشابه في عام 1997، لكن التكنولوجيا أصبحت الآن أكثر تقدماً بكثير.
 
نموذج BERT سيحل محلَّه قريباً نموذج MUM (النموذج الموحد متعدد المهام)، الذي يهدف مطوِّروه إلى المضيّ قدماً بخطوات أكبر والتقاط سياقات بحث المستخدمين وتقديم إجابات أدق. وتدَّعي جوجل أن نموذج MUM قد يكون أقوى ألف مرة من نموذج BERT، وأنه يستطيع تقديم توصيات ونصائح أشبه ما تكون بما قد يقدمه خبير بشري للأسئلة دون حتى ترجيحات محددة من المستخدمين.
 
ألا يوجد مفر لنا الآن أو بديل عن جوجل؟
بالنظر إلى الحصة السوقية الضخمة ومدى التأثير الذي يملكه جوجل في حياتنا اليومية، فقد يبدو من المستحيل التفكير في بدائل عنه. ومع ذلك، فإن جوجل ليس المحرك الوحيد المتاح. فهناك محرك بحث Bing من شركة مايكروسوفت، وهو يتمتع بقدرٍ ما من الشعبية في الولايات المتحدة.
 
هناك خيار آخر يدَّعي أنه خالٍ من الإعلانات ويحفظ خصوصية المستخدم، وهو محرك بحث DuckDuckGo، الذي شهد مستوى متزايداً من الاهتمام مؤخراً، ربما بعد ارتباطه بمشروع متصفح TOR
 
 
مع ذلك، وإن كان الظاهر لنا الآن أن جوجل تهيمن عبر محرك البحث الخاص بها، فإن الشركة تعمل أيضاً في مجالات الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية والمركبات ذاتية القيادة وخدمات الحوسبة السحابية وأجهزة الحوسبة وعدد كبير من أجهزة التشغيل الآلي في المنزل. ومن ثم، حتى إذا تمكنا من استيعاب سيطرة جوجل على أنشطة متصفح الويب لدينا، فإن هناك مجموعة جديدة كاملة من التحديات المستقبلية التي يُتوقع أن يواجهها المستهلكون في المدى القريب.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/09/01 الساعة 16:04