أفغانستان.. أدوار

مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/30 الساعة 01:53
طبيعة الانسحاب.. من الواضح ان الانسحاب الاميركي وانهاء حالة الاحتلال لم يكونا سوى نتيجة لمفاوضات اميركية وتفاهمات محددة مع الجانب الطالباني فالولايات المتحدة لم تكن لتترك فراغاً في بلد ذي طبيعة خاصة بدون وجود قوة ميدانية قادرة على ضبط الحالة الافغانية المعقدة واهم هذه التفاهمات بنيت على اساس مراعاة المصالح الاميركية السياسية والامنية والاقتصادية وخلق بؤرة اشتباك اقليمي مع المحيط الحيوي الافغاني سواء ايران او روسيا او الصين بالاضافة لضمانات الحصول على المعادن النادرة التي ستتحكم باتجاهات السوق والتكنولوجيا الصناعية في المرحلة المقبلة وضمان عدم تشكل انساق مسلحة ما دون الدولة..

ومن هنا نفهم عملية التسليح الاميركي غير المباشر لطالبان والتحولات الجوهرية التي طرأت على الخطاب الامني القبلي لطالبان والتي سيكون لها دور اقليمي مستقبلا بالاتجاهات اعلاه..

الدور العربي.. لعبت دول عربية ادوارا مهمة في عملية الوصول لنقطة الانسحاب الاميركي المنظم والمدروس جدا ولعل الشقيقة قطر صنعت ثقافة جديدة في عالم السياسة وظهر ذلك من خلال بناء ذراع سياسية للاجنحة المسلحة والحركات الاسلامية قابلة للتفاوض مثلما حصل مع طالبان وكذلك حماس وبالطبع فبعض الادوار لبعض الدول مستمرة ومتوالية مثل الدور الاردني الذي يقوم اساسا على انخراط المؤسسة الامنية الاقوى في الاردن في عمليات مكافحة الارهاب محليا واقليميا ودوليا باعتبار هذا الملف غير قابل للاغلاق في العقد القادم على اقل تقدير ومن ثم شاهدنا اعلان خمس دول عربية انضمامها لمنظومة الدعم اللوجستي في عمليات الانسحاب الأميركي..

حرق الادوات.. في علوم ادارة الصراع وفي كل مرحلة جديدة تبدأ نتيجة مفاوضات متعددة الاطراف تكون هنالك جملة من الاتفاقيات السرية الامنية او المعلنة عند الضرورة وتقضي دائما بحرق اوراق المرحلة السابقة باعتبارها باتت تشكل عبئا تكتيكيا على مدى نجاح التفاهمات ومن هنا نستطيع تفسير عمليات ما يسمى (الاجلاء) التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها واستضافة الافغان على سبيل اللجوء وعادة ما يكون هؤلاء بعد انتهاء العمليات العسكرية مصنفين كمتعاونين محليين مع الاحتلال مما يقتضي انهاؤهم كورقة مرحلة لم تعد منتجة ويراعى في ذلك تحقيق اهداف امنية واستخبارية بعيدة المدى ليس اقلها بناء الخطط البديلة واعادة التفعيل عند اللزوم..

خارطة المخاطر.. لا يوجد في الافق ما يشير الى توسع خارطة المخاطر الاستراتيجية باوسع مما هي عليه الان اما الدور الذي كانت تقوم به القوات الاميركية فستغطي فراغه قوات طالبان التي ستنتقل من شبه حكومية ومليشياوية الى حكومية تنزع تلقائيا لمنع وجود اي سلاح باستثناء سلاح مكوناتها الهوياتية والقبلية والايديولوجية لكن لا يعني ذلك الركون لهذه القوات على خبراتها القتالية فلا توجد ضمانات لعدم تدخل دولي استخباري في افغانستان لدعم حركات بديلة او مناوئة لطالبان لا سيما انها متهمة بعدم وجود مقاومة فعلية بسبب العدد المتواضع للقتلى الاميركان خلال عشرين عاما والذي لم يتجاوز ٢٥٠٠ قتيل مقارنة مع أكثر من ٥٥ ألف قتيل في فيتنام مثلا..
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/30 الساعة 01:53