«طرق باردة» لمكافحة الاحتباس الحراري

مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/29 الساعة 17:32
مدار الساعة - يدرس باحثون في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا «الطرق المرصوفة الباردة» لعكس المزيد من الإشعاع الشمسي وبث حرارة أقل من أسطح الرصف التقليدية. ويعمل باحثون في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا لاستدامة الخرسانة حالياً، على بحث السبل التي يمكن لسطح ما أن يحد من ظاهرة «جزر الحرارة الحضرية» ويركزون بحثهم على «الطرق المرصوفة الباردة» التي تعكس المزيد من الإشعاع الشمسي وتبعث حرارة أقل من أسطح الرصف التقليدية. وقد وجدت دراستهم المنشورة في مجلة «العلوم والتكنولوجيا البيئية» عن مدينتين، هما بوسطن وفينيكس، إمكانية خفض درجة حرارة الهواء في بوسطن بمقدار 1.7 درجة مئوية، وبمقدار 2.1 درجة مئوية في فينيكس. كذلك خفض إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 3% في بوسطن و6% في فينيكس على مدى 50 عاماً. ومع ذلك، يتطلب تحقيق هذه المدخرات اختيار استراتيجيات رصف باردة، وذلك اعتماداً على المناخ وحركة المرور وتكوينات المباني في كل حي. ومن المعروف أن الأسطح الداكنة تزداد حرارتها في ضوء الشمس أكثر من الأسطح الفاتحة، وقد استخدم علماء المناخ قياساً يسمى «الوضاءة» لوصف قدرة جسم ما على عكس الضوء الساقط عليه من مصدر ضوئي كالشمس. وتشكل «الوضاءة» قياساً مهماً لتبريد الطرق المرصوفة. ويوضح المؤلف الرئيسي للورقة البحثية، حسام آذري جعفري: «تمتص الأسطح ذات الوضاءة المنخفضة مزيداً من الضوء، وتميل إلى أن تكون أكثر قتامة، فيما الأسطح ذات الوضاءة المرتفعة تكون أكثر إشراقاً وتعكس المزيد من الضوء». وعلى هذا الأساس، تمتلك أسطح الرصف النموذجية مثل الأسفلت التقليدي، «وضاءة» منخفضة حيث تمتص المزيد من الإشعاع وتبعث المزيد من الحرارة، فيما الطرق المرصوفة الباردة تحتوي على مواد أكثر إشراقاً تعكس أكثر من ثلاثة أضعاف أشعة الضوء وبالتالي تبعث حرارة أقل بكثير. يقول الباحث والمدير المشارك في مركز استدامة الخرسانة في المعهد، راندولف كيرتشاين: «يمكننا بناء طرق مرصوفة باردة بعدة طرق مختلفة»، مشيراً إلى إمكانية جعل أرصفة الأسفلت الحالية «باردة» من خلال الطلاءات العاكسة. وقد نظر الباحثون في هذه الخيارات العديدة في دراستهم، وأخذوا في الاعتبار النتائج المختلفة عندما حلت الخرسانة والأسفلت العاكس والخرسانة العاكسة محل أرصفة الأسفلت التقليدية التي تشكل أكثر من 95% من الأرصفة في جميع أنحاء العالم. ومن أجل فهم شامل، نظروا إلى ما أبعد من مواد الرصف، ذلك لأنه بالإضافة إلى خفض درجات حرارة الهواء، تمارس الطرق المرصوفة الباردة تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على تغير المناخ. يفيد الجعفري بأن «التأثير الوحيد المباشر هو التأثير الإشعاعي»، فيما الطرق المرصوفة الباردة تترك تأثيراً غير مباشر على المناخ، من خلال تغيير استخدام الطاقة في المباني المجاورة، مضيفاً أنه: «من خلال خفض درجات الحرارة يمكن للطرق المرصوفة الباردة أن تقلل بعض حاجات تبريد الهواء في الصيف مع زيادة الطلب على التدفئة في الشتاء» والعكس صحيح. علاوة على ذلك، فإن تأثيرات «الوضاءة» ليست سوى جزء من تأثيرات دورة الحياة الكلية للطريق المرصوف البارد. ولهذا نظر الباحثون أيضاً في تأثيرات أنواع الطرق المعبدة وتأثير نوع تعبيدها على استهلاك الوقود الزائد للمركبات بسبب صفات السطح. ووجدوا أنه في حين كانت الطرق المرصوفة الباردة مفيدة في بوسطن وفينيكس بشكل عام، فإن المواد المثالية اختلفت اختلافاً كبيراً داخل وبين كلتا المدينتين. وكانت إحدى الفوائد الشاملة عبر نوع الحي ومواد الرصف «التأثير الإشعاعي»، وكان هذا أكثر وضوحاً بشكل خاص في الأحياء ذات المباني الأقصر والأقل كثافة. وعلى عكس التأثير الإشعاعي، مع ذلك، كان الاختلاف في الطلب على الطاقة في المباني وفقاً للموقع. وفقط عند النظر في الانبعاثات والتأثيرات المتجسدة على استهلاك الوقود، ظهر نوع الطرق المرصوفة المثالية لكل حي. وفي ظل الغموض بشأن دورة الحياة، وجد الباحثون أن الأرصفة الخرسانية العاكسة حققت أفضل النتائج، حيث أثبتت أنها مثالية في 53% و73% من أحياء بوسطن وفينيكس على التوالي. ومرة أخرى، قام الباحثون بتحديد ظروف عدم اليقين والاختلافات. فتبين أنه في بوسطن كان استبدال طرق مرصوفة تقليدياً بالأسفلت بخيار طرق مرصوفة باردة مفضلاً دائماً، بينما كانت الطرق المرصوفة بالخرسانة في فينيكس، سواء كانت عاكسة أم غير عاكسة، بنتائج أفضل بسب ثبوت درجات الحرارة المرتفعة والتي قللت من استهلاك وقود السيارة. يقول كيرشاين: «على الرغم من أن تأثيرات تغير المناخ التي درسناها قد أثبتت أنها عديدة وغالباً ما تتعارض مع بعضها البعض، فإن استنتاجاتنا لا لبس فيها، ويمكن أن توفر الطرق المرصوفة الباردة فوائد هائلة للتخفيف من تغير المناخ في كلتا المدينتين». وكما حال الطرق، من الممكن أيضاً تعديل «وضاءة» المباني، ما قد يؤدي إلى تغيير في طلب المباني على الطاقة.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/29 الساعة 17:32