الذهب الأحمر في الجنوب ينتظركم
حسب اطلاعي المتواضع عبر سنوات طويلة ومن خلال علاقاتي مع طيف واسع من الأصدقاء على امتداد أرض الأردن من الشمال الى ثغور العقبة ووادي عربة، فإن القاسم المشترك لكثير من المواطنين في ساحة الوطن انهم مغرمون بقصص الذهب والبحث عن الدفائن والسعي وراء جائزة «الجاكبوت» الأردنية في ضربة واحدة تنتشلهم من الفقر نحو عنان الفضاء المالي، ومع ذلك لم نعرف أحدا قال إنه وجد الكنز المخبوء، بل إن كثيراً ممن سمعنا عنهم قد أنفقوا مدخرات بيوتهم في عمليات التنقيب السرّي، وفي اليوم الذي بدأ فيه التفكير في التعدين النحاسي انقسمنا اشتاتاً بين معارض ومؤيد.
مناجم النحاس الذي تحويه الجبال والكهوف في جنوب الأردن ليس لغزاً يحتاج الى «شيخ مخاوي» وبخور وزئبق أحمر وبقية من خزعبلات المهووسين بما يسمى «الرَصّد»، بل هو علم من علوم الجيولوجيا الطبيعية. والتقدم العلمي بات يسهل عمليات اكتشاف حقول النحاس والذهب ان كانت حقيقية كما النفط، وما هو تحت باطن الأرض هو ملك للدولة حسب قوانينها، وهذا يتطلب دراسات متخصصة وعميقة لتقييم وجوده وكمياته والحفاظ ما أمكن على الحياة البيئية في جنوب الأردن الغني بالحكايات التاريخية والفقير مجتمعاً.
في تصريحات مدير عام سلطة المصادر الطبيعية الأسبق ماهرحجازين لوكالة بترا، ذكر أن منطقة خربة النحاس- الجارية والتي تقع في محمية ضانا، هي أولوية في استثمارات النحاس، معتبرا نسبة فلز النحاس الخام مجدية اقتصاديا وتقدر بسبعة مليارات دولار أميركي، فيما تقدر نسبة الاستخلاص الممكنة لفلز النحاس بحوالي 80 بالمئة، موضحا أن مجموع عوائد المبيعات تقدر بخمسة مليارات وستمئة مليون دولار، والعوائد المباشرة للدولة تقدر بسقف أربعة مليارات دولار خلال سنوات مشروع التعدين والتي تتراوح ما بين 20 إلى 25 عاما، وبالأسعار الحالية ما معدله 150 مليون دولار سنويا بالقيم المطلقة، مؤكدا أن مناطق تواجد النحاس في وادي خشيبة بمساحة 24 كلم مربعاً تحوي خام النحاس وتقع خارج محمية ضانا، إضافة الى منطقة فينان بمساحة 30 كلم مربعاً.
المشكلة الكبرى التي لا يريد المسؤول أن يفهمها أن فقدان الثقة بين المواطن والحكومات بات يهدد أي تقدم يخدم الدولة بمكوناتها نتيجة خلل بائن في وضع المسؤول المتخصص في موقعه الصحيح وحمايته من العقلية التغييرية إذا خالف رأياً آخر لا يعجب مسؤوله الأكبر، ومن هنا بدأ الصدع الذي يهدد تماسك الثقة بين الجميع، عدا عن تدخل من لا يعرف بكل ما يقال، ومن هناك يبدأ التراشق عبر كتابات وانتقادات واتهامات منها ما هو مفيد وأكثرها تفريغ شحنات رفض زائدة، ولو تم اشراك المواطنين في النقاش المباشر لتوصل الجميع الى أرضية تفاهمية تحافظ على البيئة وتشغلّ المتعطلين.
الأردن ليس قطعة صخرية صلدة سقطت من الفضاء على غرب الشرق الأوسط لتشكل حاجزا خاليا من الموارد الطبيعية بلا ماء ولا نفط وغاز أو معادن ثمينة...
وإذا ذكرنا الفوسفات لوحدها نجد أنها تصدرت الدرجات الأولى في سلم الانتاج العالمي، فالشركة خلال السنوات الثلاث الماضية قفزت بإدارتها لإنتاجية فائقة السرعة مدعومة بأسعار عالية لم يتوقعها أحد، ولنتخيل لو لم يتم تعدينه واستخراج التراب الذهبي، وهناك موارد غنية تنتظر استخراجها بقرار جدّي وعلمي، دون إشعارنا بأننا بلد فقير، علَّ المستقبل يبتسم في وجوه البؤساء شمالا وجنوبا بعدما احتكرت فئة التجارة والبيزنس بورصة عمان، لا أدري إن كنت مخطئاً؟!
Royal430@hotmail.com
الرأي