الجامعات الخاصة: مصير غامض يتطلب مراجعات

مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/18 الساعة 11:35
الساعة - مازن النعيمي– في الوقت الذي انخفضت فيه نسبة النجاح بامتحان الثانوية العامة خلال الدورات الأخيرة، وزيادة عدد الجامعات على المستوى المحلي، وضعف إقبال الطلبة الأردنيين المقيمين في الخارج للدراسة بالجامعات الأردنية، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، خرجت أصوات تشير الى مصير الجامعات الأردنية الخاصة في حال بقيت الأوضاع على ما هي عليه الآن.
واعتبر وزير التعليم العالي الأسبق، رئيس مجلس أمناء جامعة الزرقاء الدكتور راتب السعود، والدكتور محمد أمين عواد مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا، ذلك إشارة "يجب التقاطها للبدء بسلسلة إجراءات تعنى بإصلاح التعليم العالي بشكل جذري، وإعادة النظر بالبرامج الدراسية والتخصصات، والتوجه نحو البرامج المهنية الحقيقية".
ويرى السعود أن هناك مجموعة من الأسباب التي تقف وراء انخفاض أعداد الطلبة الملتحقين بالجامعات الخاصة أهمها؛ انخفاض أعداد الطلبة الناجحين في الثانوية العامة، وما يتبع ذلك من انخفاض شريحة الطلبة الذين يمكنهم الالتحاق بالجامعات الخاصة، وهم ضمن معدلات 60 - 65 بالمئة، إضافة إلى زيادة عدد الجامعات الحكومية ورفع طاقاتها الاستيعابية، ما يؤدي إلى استيعاب عدد أكبر من الناجحين بالثانوية العامة للدراسة فيها، وزيادة نسبة الطلبة الملتحقين بالبرنامج الموازي والدولي في الجامعات الحكومية، وتوجه العديد من الطلبة إلى الدراسة في جامعات عربية.
ويقول إن نسبة من الطلبة الأردنيين المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي كانوا يأتون للدراسة في الجامعات الخاصة الأردنية، إلا أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وبعد افتتاح العديد من الجامعات الخاصة في تلك الدول، اصبح هناك توجه للدراسة فيها وبالذات "الإناث" منهم، الأمر الذي شكل تحدياً للجامعات الأردنية نتيجة انخفاض أعداد هؤلاء الطلبة، لافتاً إلى أن الأوضاع الاقتصادية بصفة عامة أدت لاعتبار أهمية التعليم في المرتبة الثانية بعد "لقمة العيش" لدى المواطن الأردني.
ويشير السعود إلى أن هناك أكثر من 3000 عضو هيئة تدريس، ونحو 7500 موظف إداري يعملون في الجامعات الخاصة، وفي حال بقيت الأوضاع على ما هي عليه فربما يتم تقليص هذه الأعداد ما يتسبب بمشكلة اجتماعية، موضحاً أن الحكومة بالغت في إعطاء تراخيص للجامعات الخاصة، حيث يوجد 10 جامعات حكومية مقابل 21 جامعة خاصة يتوزع عليها 76 ألف طالب وطالبة فقط ويتركز وجودها في اقليم الوسط.
واشار الى الحلول التي يمكن أن تؤدي لاستقطاب الطلبة نحو الجامعات الخاصة من مثل إعادة النظر بالبرامج الدراسية والتخصصات لتكون برامج نوعية بالدرجة الأولى، والتركيز على البرامج المهنية والتخفيف من البرامج والتخصصات الإنسانية، إضافة إلى إعادة النظر بالرسوم الدراسية في الجامعات الخاصة وتخفيضها، عبر اتخاذ سلسلة من القرارات لتخفيض الرسوم الدراسية بما يحقق أرباحا بسيطة، مؤكداً أنه لا يجوز التمترس خلف رسوم دراسية (مرتفعة نسبياً) تم فرضها في ظروف أفضل من الوضع الحالي.
ولفت إلى أهمية التركيز على نوعية التعليم في الجامعات الخاصة حتى تكسب ثقة المواطن وتقنعه بتقديمها تعليما عالي الجودة مقابل ما تتقاضاه من رسوم، فلا يعقل أن تكون نسبة الرسوب في العديد من المساقات الدراسية تقترب من الصفر.
ويؤكد السعود أنه في حال بقيت نسبة الناجحين بالثانوية العامة خلال السنوات الخمس المقبلة على ذات النسب التي كانت في العام الماضي، فإنه هناك خمس جامعات خاصة على الأقل ستعلن إفلاسها، إضافة إلى لجوء جامعات أخرى إلى إعادة الهيكلة، الأمر الذي يؤدي إلى الاستغناء عن خدمات العديد من الأساتذة والموظفين في هذه الجامعات.
ويوضح مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا الدكتور محمد أمين عواد، أن أهم أسباب ضعف الإقبال على الجامعات الخاصة يكمن في انخفاض نسبة النجاح بالثانوية العامة، إذ أن هذا العدد "القليل" نسبياً يتوزع على الجامعات بداية بالحكومية منها ومن ثم إلى الجامعات الخاصة، مؤكدا أن الجامعات الخاصة تأثرت في هذه الظروف بشكل متفاوت، لكن الجامعات المتميزة تبقى متميزة وتستقطب الطلبة بصرف النظر عن الرسوم الدراسية فيها.
ويقول ان الهدف ليس تخريج أعداد كبيرة من حملة الشهادات الجامعية يتم الدفع بهم نحو السوق ولا يجدون فرص عمل بسبب تراجع المخرجات، وإنما يجب أن تكون الشهادة العلمية مميزة لتحظى بفرص وظيفية مميزة، لافتاً الى أن تقييم الجامعات في العالم لا يعتمد على البرامج التعليمية وطبيعة المساقات فحسب، وإنما يعتمد بالدرجة الأولى على التوظيف، ونسبة حصول الخريجين على فرص عمل خلال فترة الستة أشهر الأولى بعد تخرجهم.
ويشير عواد إلى أنه كان هناك إقبال في السابق من قبل دول مجلس التعاون الخليجي لتدريس ابنائهم في الجامعات الأردنية ولا سيما الخاصة منها، إلا أنه في الآونة الأخيرة تم تأسيس جامعات كبيرة ومميزة في هذه الدول، ما تسبب في انحسار أعداد هؤلاء الطلبة، مشدداً على أن ذلك لا يعني أن الأردن لم يعد منطقة جاذبة للتعليم، بل ما زال كذلك وهذا ما تؤكده نسبة الطلبة الملتحقين في الجامعات الأردنية من الجنسيات العربية والعالمية المختلفة.
ويرى أن التعليم المميز يتطلب تطوير قدرات وإمكانيات أعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات، حيث إذا أردنا أن نتجاوز نقاط الضعف في هذا القطاع فإنه يتوجب العمل على الجهاز القائم على التدريس وتطويره، إضافة إلى إجراء امتحانات الكفاية لمختلف المجالات والتخصصات في مدارس المملكةلأن مخرجات المدارس هي مدخلات الجامعة، لافتا الى اهمية اتباع نظام التعليم الإلكتروني المدمج عبر إعطاء محاضرات "الكترونية" للطلبة الذين يحتاجون إلى تطوير مهاراتهم ومستوياتهم العلمية في العديد من المجالات.
واكد أن هذا النظام هو "عالمي" وسبق أن وضعت وزارة التربية والتعليم إجراءات لاستخدامه، مبيناً أن هذا النظام في حال تطبيقه بعد دراسته وتوظيفه بشكل سليم في العملية التعليمية فإنه سيوفر عشرات الملايين من الدنانير على الجامعات.
ويستبعد عواد أية أخطار من شأنها إغلاق الجامعات الخاصة مستقبلاً، مشيراً إلى أنه لا يوجد خطر على أي مؤسسة تعليمية ملتزمة تركز على النوعية وتعرف مسؤوليتها تجاه طلبتها، كما يجب الأخذ بالاعتبار الزيادة السكانية في الأردن التي تتطلب وجود الجامعات والالتحاق فيها، كما يمكن أن تظهر تطورات مستقبلاً على الأنظمة والإجراءات المعمول بها حالياً في الثانوية العامة، إضافة إلى احتمالية إجراء تعديلات على نظام التعليم "الموازي" في الجامعات الحكومية في المستقبل، الأمر الذي يشكل بمجمله ظروف أفضل فيما يتعلق بمستقبل الجامعات الخاصة. المصدر: بترا
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/18 الساعة 11:35