عبدالهادي راجي يكتب عن مسلسل الروابي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/19 الساعة 08:44
.. أريد الحديث عن مسلسل الروابي, الذي ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي...
أنا لست ضد العمل أبدا, ولكني مع المنطق في طرح الأشياء...
نحن نستورد السيارة الأميركية, والسلاح الأميركي, والطعام الأميركي.. ونستورد معدات الشحن والبواخر.. نستورد الأثاث والملاعق والأواني الأميركية, هذا أمر معروف للجميع.. لكن هل شاهدتم شعبا يستورد الأخلاق؟...
أميركا صدرت للعالم كل شيء إلا أنها فشلت في تصدير الأخلاق.. ونحن للأسف في مسلسل الروابي استوردنا الأخلاق الأميركية والأفكار الأميركية واللباس الأميركي, وشكل المدرسة الأميركية.. وعرضناه بلغة أردنية, فقط هي اللغة الوحيدة التي تخصنا لكن ما دون ذلك كان كله أميركياً.. بالفكرة وحتى اللباس, وتسريحات الصبايا اللواتي قمن بتأدية الأدوار..
يقول مظفر النواب في قصيدة له: (النملة.. حتى النملة تعتز بثقب الأرض).. ماذا ينقصنا نحن الأردنيين حتى نعتز بوطننا وبقيمنا وبأخلاقنا وبديننا.. كل أمم الأرض بنت حضاراتها على هضبات الأردن, كل المؤامرات الغابرة والمعاصرة انهارت على ترابه.. نحن الدولة الوحيدة في العالم التي قدمت لأجل الحفاظ على كيانها وهويتها.. ملكاً و(3) رؤساء وزارات.. قدمتهم شهداء أنقياء أطهاراً سقطوا لأجل قضية وهوية وتراب ودين في أقل من عشرين عاماً: عبدالله الأول الملك الشهيد على عتبات القدس.. ابراهيم هاشم شهيد المجزرة الدموية في العراق, وهزاع شهيد الواجب.. ووصفي شهيد المعركة الذي صعد أردنيا مطهرا مظلوما ولم يكن ظالما...
ماذا ينقصنا حتى لا نقدم قيمنا وموروثنا وثقافتنا للعالم؟.. ونحن الذين أنتجتنا حضارة العرب الأنباط.. التي مازالت سرا وشاهدا على عبقرية الأردني.. ماذا ينقصنا ونحن الذين رفعنا مداميك الدولة الأموية, وعلى تراب الكرك بشرنا بانبلاج أول دولة إسلامية.. من وميض سيوف مؤتة...
ماذا ينقصنا ونحن الذين قدمنا للعالم العربي نموذجا في القيادة.. بعيدا عن الاستبداد وطبائعه قريبا للسماحة والحكمة, نظاما حقن الدم وأسس قاعدة في المواطنة عنوانها العروبة من أول الوريد وحتى مصبه...
ماذا ينقصنا ونحن الشام, أهل الدولة الأولى والتسامح والنقاء.. الشام التي لا تقسم ولا تفرق ولا تخذل.. الشام التي قدمت الإسلام المتسامح, وبنت له المدارس.. ومن على ثراها طبعت المصاحف، وأسست مجالس التفسير.. وفي ذات الوقت احتضنت الكنائس, وقدمت للعالم معنى ومفهوم التسامح...
هل وصل الأمر بنا كي نستورد الأخلاق الأميركية, ونحن من صدرنا للعالم القيم والعلوم.. وصدرنا الإصرار والثورة والتحدي...
تلك المرة الأولى في العمر التي اشاهد فيها قلة من الناس تتحزب وتتخندق خلف حرية الدراما.. وخلف تشجيع الإبداع, أنا لست ضد ذلك أبدا.. لكني ضد استيراد الأخلاق الأميركية وتقديمها على أنها جزء أصيل من موروثنا..
الأخلاق الأميركية, سقطت في فيتنام.. وسقطت في أفغانستان.. وسقطت في كوريا, وسقطت في أوروبا.. حتى في الصومال حين حاولوا أن يبثوا بعضا من قيمهم هربوا مذعورين والخوف يتملكهم..
إن أول حصن تدافع به الشعوب عن نفسها, هو أخلاقها وقيمها.. لكن حين نستورد الأخلاق ونركن أخلاقنا الأصيلة كمنتج احتياطي؛ فهذا الأمر يحتاج من مؤسسات الدولة أن تنتفض لأن الوجدان مسؤولية وطنية والعبث به جريمة..
والله من وراء القصد.
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
أنا لست ضد العمل أبدا, ولكني مع المنطق في طرح الأشياء...
نحن نستورد السيارة الأميركية, والسلاح الأميركي, والطعام الأميركي.. ونستورد معدات الشحن والبواخر.. نستورد الأثاث والملاعق والأواني الأميركية, هذا أمر معروف للجميع.. لكن هل شاهدتم شعبا يستورد الأخلاق؟...
أميركا صدرت للعالم كل شيء إلا أنها فشلت في تصدير الأخلاق.. ونحن للأسف في مسلسل الروابي استوردنا الأخلاق الأميركية والأفكار الأميركية واللباس الأميركي, وشكل المدرسة الأميركية.. وعرضناه بلغة أردنية, فقط هي اللغة الوحيدة التي تخصنا لكن ما دون ذلك كان كله أميركياً.. بالفكرة وحتى اللباس, وتسريحات الصبايا اللواتي قمن بتأدية الأدوار..
يقول مظفر النواب في قصيدة له: (النملة.. حتى النملة تعتز بثقب الأرض).. ماذا ينقصنا نحن الأردنيين حتى نعتز بوطننا وبقيمنا وبأخلاقنا وبديننا.. كل أمم الأرض بنت حضاراتها على هضبات الأردن, كل المؤامرات الغابرة والمعاصرة انهارت على ترابه.. نحن الدولة الوحيدة في العالم التي قدمت لأجل الحفاظ على كيانها وهويتها.. ملكاً و(3) رؤساء وزارات.. قدمتهم شهداء أنقياء أطهاراً سقطوا لأجل قضية وهوية وتراب ودين في أقل من عشرين عاماً: عبدالله الأول الملك الشهيد على عتبات القدس.. ابراهيم هاشم شهيد المجزرة الدموية في العراق, وهزاع شهيد الواجب.. ووصفي شهيد المعركة الذي صعد أردنيا مطهرا مظلوما ولم يكن ظالما...
ماذا ينقصنا حتى لا نقدم قيمنا وموروثنا وثقافتنا للعالم؟.. ونحن الذين أنتجتنا حضارة العرب الأنباط.. التي مازالت سرا وشاهدا على عبقرية الأردني.. ماذا ينقصنا ونحن الذين رفعنا مداميك الدولة الأموية, وعلى تراب الكرك بشرنا بانبلاج أول دولة إسلامية.. من وميض سيوف مؤتة...
ماذا ينقصنا ونحن الذين قدمنا للعالم العربي نموذجا في القيادة.. بعيدا عن الاستبداد وطبائعه قريبا للسماحة والحكمة, نظاما حقن الدم وأسس قاعدة في المواطنة عنوانها العروبة من أول الوريد وحتى مصبه...
ماذا ينقصنا ونحن الشام, أهل الدولة الأولى والتسامح والنقاء.. الشام التي لا تقسم ولا تفرق ولا تخذل.. الشام التي قدمت الإسلام المتسامح, وبنت له المدارس.. ومن على ثراها طبعت المصاحف، وأسست مجالس التفسير.. وفي ذات الوقت احتضنت الكنائس, وقدمت للعالم معنى ومفهوم التسامح...
هل وصل الأمر بنا كي نستورد الأخلاق الأميركية, ونحن من صدرنا للعالم القيم والعلوم.. وصدرنا الإصرار والثورة والتحدي...
تلك المرة الأولى في العمر التي اشاهد فيها قلة من الناس تتحزب وتتخندق خلف حرية الدراما.. وخلف تشجيع الإبداع, أنا لست ضد ذلك أبدا.. لكني ضد استيراد الأخلاق الأميركية وتقديمها على أنها جزء أصيل من موروثنا..
الأخلاق الأميركية, سقطت في فيتنام.. وسقطت في أفغانستان.. وسقطت في كوريا, وسقطت في أوروبا.. حتى في الصومال حين حاولوا أن يبثوا بعضا من قيمهم هربوا مذعورين والخوف يتملكهم..
إن أول حصن تدافع به الشعوب عن نفسها, هو أخلاقها وقيمها.. لكن حين نستورد الأخلاق ونركن أخلاقنا الأصيلة كمنتج احتياطي؛ فهذا الأمر يحتاج من مؤسسات الدولة أن تنتفض لأن الوجدان مسؤولية وطنية والعبث به جريمة..
والله من وراء القصد.
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/19 الساعة 08:44