أول أيلول .. كيف ستعود الحياة إلى طبيعتها؟
وفقا للخطة والقرارات الحكومية فانه في الاول من ايلول سيجري فتح كافة المنشات ورفع قرارات الحظر، وعودة الحياة الى طبيعتها.
المؤشرات تؤكد ان الوضع الوبائي يسير في طريق مطمئن، ولا يبعث على اي مخاطر او قلق، ولا يلوح بالافق اي نية للتراجع عن خطة الفتح الشامل في الاول من ايلول.
في الحسابات الوبائية، فان معدل تقلي اللقاح اصبح مرتفعا. وقرارات الحكومة شبه ملزمة للقاح، وربطت اللقاح في عودة الحياة، وسيجد كثير من رافضي اللقاح والمترددين انفسهم مجبرين حتما امام اخذ اللقاح، وذلك لكي يكونوا جزءا وطرفا من عودة الحياة.
التزام في الاجراءات الصحية، والثقافة الصحية الجديدة، والتوعية في ضرورة ووجوب وحتمية التزام الصحي، لربما هذه مفردات بحاجة الى سلطة صحية واعية ومسؤولة تعمل على توطينها في حياة الافراد بوعي وحس جماعي، وفي سياسة الترغيب والترهيب.
كثير ما نسمع لوما للمواطنين، وكلاما ثقيلا عاتبا، لماذا لا يلتزم المواطنون بارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي والاجراءات الصحية؟ نعم، هذا صحيح، ولكن في المقابل فان الحكومة مسؤولة عن احترام وحماية الصورة الصحية العامة. وكثير من الاختراقات والانتهاكات لاوامر الدفاع الصحية تقع على مرمى من اعين الجهات الرقابية المعنية، لا يتم اتخاذ اي قرار يذكر.
حفلات وسهرات في مطاعم سياحية. ومظاهر اكتظاظ وازدحام وعدم التزام، ويجري على السوشيل ميديا الاعلان عن دعوات لحفلات وسهرات خاصة وعامة. وعدا عن العالم الخفي والسري للاحتفال في المزارع، ونمو نشاط تأجير المزارع، وقد تحول الاخير الى وباء صحي واخلاقي وامني واجتماعي، ولربما ان كثير من مخاطره وفواجعه لم تكتشف بعد امام الحكومة والاعلام والرأي العام.
الخروج من المربع الوبائي، وعودة الحياة. لا يعني نهاية كورونا. ولا تستوجب الاسترخاء، والنوم الهنيء، ورفع اغراض وعدة كورونا ووضعها في السقيفة والتسوية الارضية، ورمي الكمامات، وادوات التعقيم، وفتح الدنيا على ابوابها.
كورونا هلكت الاردن. وكورونا انتجت ارقاما اقتصادية واجتماعية اردنية متطرفة، وذلك في الفقر والبطالة، وانتجت فقراء وعاطلين جددا عن العمل. ولربما، ان تداعي وتوابع كورونا الحقيقة سوف تأتي عند رفع اوامر الدفاع، في قضايا العمال وتسريحهم وقضايا حبس المدين والشيكات، وقضايا المالكين والمستأجرين.
أردنيا سنرى العجب العجاب، واذا لم تقر قوانين وقرارات تراعي بعدالة وحكمة ما خلفه الوباء من اضرار اجتماعية ومعيشية طالت شرائح اجتماعية، وادت الى زحف طبقي من اليسر الى العوز والفاقة، ومن الفقر الخفيف الى الفقر المدقع.
ازمة الاردن بعد كورونا معقدة ومركبة. ما بين ورثة اقتصادية صعبة وخانقة لما قبل كورونا، وما خلفت كورونا من توابع وخيمة على الافراد والقطاعات والاقتصاد الوطني.
في اردن كورونا مليون عاطل جديد عن العمل، ومليون فقير جديد، ومليون متعثر جديد، ومليون قضية مالكين ومستأجرين، وازمة متفاقمة في سداد الديوان والاقساط المتراكمة للقروض والتسهيلات وفواتير الكهرباء.. وما يعني بكل معنى الكلمة ان الاردن امام مرحلة جديدة، وان الاردن بعد كورونا مثقل باسرار اسئلة كثيرة في الاقتصاد والعيش الكريم والعدالة، والامن الاجتماعي.
الدستور