بسبب متحورة دلتا.. مناعة القطيع العالمية صارت بعيدة المنال
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/14 الساعة 16:50
مدار الساعة - يرى بعض الباحثين والعلماء أن مناعة القطيع التي كانت من المتوقع أن تحدث عند تطعيم من 60 إلى 70 بالمئة من سكان الأرض قد أضحت بعيدة المنال مع ظهور سلالات سريعة الانتشار مثل متحورة دلتا، وفقا لما ذكر موقع "بلومبيرغ".
وقدرت جمعية الأمراض المعدية الأميركية أن دلتا قد دفعت عتبة مناعة القطيع إلى أكثر من 80 بالمئة وربما ما يقرب من 90 بالمئة، فيما قال غريغ بولاند، مدير مجموعة أبحاث اللقاحات في عيادات، مايو كلينك، في مدينة روتشستر بولاية مينيسوتا أن الوصول إلى مناعة القطيع بات أمرا مستبعدا جدا، على حد تعبيره.
وأوضح أنه حتى لو وصل مستوى التطعيم إلى 95 بالمئة فإن ذلك لن يؤدي إلى حدوث النتيجة المرجوة، مردفا: "إنه أشبه بسباق بين السلحفاة والأرنب، فالمتحورات باتت أكثر قابلية للعدوى والانتقال وأكثر قدرة على التهرب من اللقاحات وتقوية المناعة البشرية".
وفي نفس السياق، شدد باحثون آخرون على أن ترك الأمور للطبيعة لن يحل المشكلة أيضا عبر اكتساب مناعة طبيعة جراء إصابة أعداد كبيرة من البشر من الفيروس، وهنا يقول، إس. في. ماديهان، مدير التوعية بجنوب آسيا في مركز الأبحاث والتعليم الصحي الآسيوي في المركز الطبي بجامعة ستانفورد: "لا نعلم أن إذا كانت المناعة المكتسبة ستكون قادرة على حل هذه الأزمة وفيما إذا كانت قادرة على مواجهة متحورات جديدة في المستقبل غير دلتا".
وهناك بالفعل دلائل على أن بعض الناس في بعض البلدان مثل البرازيل ودول أميركا الجنوبية يتعرضون للإصابة مرة أخرى بسلالات جديدة من فيروس كورونا، وربما يجبر أقوى دول العالم على تعديل استراتيجياتها المتباينة بشأن فتح الحدود والاقتصادات.
وقد يتعين على دول مثل الصين التي اتبعت سياسات صارمة بشأن الوصول إلى "صفر حالات إصابة" أن تفكر في النهاية في اتخاذ موقف أكثر مرونة، كما فعلت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتان انفتحتا العالم رغم العودة القوية للفيروس، في حين أكدت أن اللقاحات لم تشكل حلا سريعا للدول التي تمكنت من تلقيح أعداد كبيرة من مواطنيها ولاسيما إسرائيل التي احتلت المرتبة الأولى عالميا في التطعيم، ومع ذلك قررت اللجوء إلى إعطاء جرعات معززة مع ارتفاع أعداد الإصابات فيها.
ما نعرفه حتى الآن عن دلتا
وقدر مركز السيطرة على الأمراض الأميركي أن متحورة دلتا باتت مسؤولة عن أكثر من 90 بالمئة من حالات الإصابة الجديدة بمرض كوفيد-19 في الولايات المتحدة، وذلك في وقت لا يزال يعكف فيه الباحثون والعلماء على دراسة هذه السلالة الجديدة من فيروس كورونا الجديد، لمعرفة مدى اختلافها عن بقية المتحورات التي سبقتها أو تلتها، وفقا لما ذكر موقع "إيه بي سي" الإخباري.
ومن المعلوم أن هناك عشرات المتحورات من فيروس كورونا، ومنها ما ظهر وتلاشى بسرعة في حين أن بعضها انتشر وتمدد في مختلف أنحاء العالم.
وظهرت متحورة دلتا قد ظهرت في الهند لأول مرة في ديسمبر من العام الماضي قبل أن تتنشر في العديد من بلدان العالم بما فيها الولايات المتحدة التي اكتشفت أول الإصابة بها في مارس المنصرم، ولتتفوق على متحورة ألفا في في غضون أسابيع قليلة من ناحية الانتشار والعدوى في البلاد.
ورغم أن الدراسات والأبحاث لا تزال قائمة بشأن هذه السلالة فإن العلماء بإمكانهم الحديث بثقة عن 5 أمور بشأنها، وهي:
1. أكثر عدوى من السلالات السابقة:
وفي هذا الصدد تقول، لورين ميللر، الرئيسة المساعدة للأمراض المعدية في مركز هاربور الطبي والباحثة في معهد Lundquist في تورانس بولاية كاليفورنيا، إن دلتا أكثر عدوى لأنها "تطلق المزيد من الفيروسات في الهواء، مما يسهل وصولها إلى الأشخاص الآخرين".
وأشارت إلى وجود بعض "الأدلة على أن الفيروس يمكن أن يرتبط بسهولة أكبر بالخلايا البشرية في الجهاز التنفسي"، وهذا يعني أن "كميات صغيرة من تلك السلالة كافية لإحداث العدوى مقارنة بالسلالة الأصلية".
2. يمكن أن تسبب أعراضا أكثر خطورة لدى الأشخاص غير المطعمين دون الجزم بذلك:
يتسابق العلماء لدراسة مدى خطورة متحورة دلتا حاليا، ولكن إلى أن يجري التحقق عبر المزيد من الدراسة أو الحصول على "مراجعة الأقران" بشكل شامل لكل الدراسات فإنه لا يمكن الجزم بشكل مؤكد أن تلك السلالة تسبب أعراضا أخطر من المتحورات الأخرى.
وقد أوضحت إحدى الدراسات التي جرت مراجعة الأقران فيها بإسكتلندا أن أكثر من 19 ألف حالة إصابة مؤكدة بكورونا في الفترة من أبريل إلى يونيو 2021، قد مكنت العلماء من التفريق بين متحورة دلتا ومتحورة ألفا عن طريق الاختبار الجزيئي لأحد الجينات الطافرة المتعددة المعروفة باسم الجين إس S.
وقد جرى تأكيد إصابة حوالي 7800 حالة إصابة بفيروس كوفيد و 130 مريضًا في المستشفى بسلالة دلتا بوجود ذك الجين، في حين لاحظ العلماء أن هناك خطرًا متزايدًا على المرضى الذين أصيبوا بمتحورة دلتا بالنظر إلى العمر والجنس والعوامل الصحية مثل الأمراض المزمنة وتوقيت الإصابة بالمرض.
و أشارت دراسة أخرى حديثة تنتظر مراجعة الأقران في سنغافورة، إلى أن متغير دلتا مرتبط بشكل كبير بالحاجة المتزايدة للأوكسجين، والدخول إلى في وحدة العناية المركزة، والوفاة، وذلك عند مقارنتها بمتحورة ألفا.
وبالمثل، وجدت دراسة كندية تنتظر مراجعة الأقران في أكثر من 200 ألف حالة إصابة مؤكدة أن سلالة دلتا كان الأكثر تسببا في حالات الوفاة والدخول إلى وحدات العناية المركزة مقارنة بالمتحورات الأخرى، ولكن وحتى اللحظة من الصعب الجزم فيما إذا كانت دلتا تجعل الناس أكثر عرضة للخطر أم أنها تؤثر فقط على الفئات الأضعف من البشر وغير المطعمين.
3. دلتا هي الأكثر انتشارا حاليا في الولايات المتحدة والعالم
ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا مرة أخرى في الولايات المتحدة، لا سيما في الولايات والمناطق التي كانت فيها نسبة التطعيم قليلة، ووفقا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فإن أكثر من 90 بالمئة من حالات وباء كوفيد- 19 في الولايات المتحدة ناتجة حاليًا عن متغيرة دلتا.
وهنا توضح ميللر بالقول: "نحن نعلم أن "هناك الكثير من الإصابات مردها متحورة دلتا من دلتا وذلك عبر المسح الذي تقوم به سلطات الصحة العامة والتي تعرف باختبارات التصنيف الجزئي".
4. لقاحات كورونا لا تزال فعالة ضد دلتا
ووفقا، لعبير حسين، الأستاذة المساعدة للأمراض المعدية السريرية والمديرة الطبية المساعدة للوقاية من العدوى ومكافحتها في المركز الطبي بجامعة واشنطن في سياتل بواشنطن، فإن غالبية المرضى الموجودين حاليًا في المستشفى هم من غير المطعمين".
وتشير الدراسات إلى أن اللقاحات لا تزال تقلل بشكل كبير من خطر الاستشفاء والوفاة، مع الإشارة إلى أن متغير دلتا قد يكون أكثر تكون الأكثر تسببا في الإصابة بأعراض بسيطة عند الأشخاص الذين تلقوا اللقاح.
وقالت روشيل والينسكي، مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، إنه مع زيادة الإصابات بمتحورة دلتا، فأنها تبقى "جائحة غير المطعمين"
وقالت ميللر إنه على الرغم من وجود حالات نادرة من حالات العدوى الشديدة التي أصابت بعض الأشخاص الذين تلقوا التطعيم، فإن هذا لا يدعو إلى القلق بقدر ما يعزز الحاجة إلى جرعة ثالثة للأشخاص الذين يعانون ضعفا في المناعة والأمراض المزمنة.
5. متحورة دلتا تصيب الأشخاص الأصغر سناً بشكل أكبر:
فقد جرى الإبلاغ عن المزيد من حالات الإصابة بكوفيد -19 لدى المراهقين والشباب دون الخامسة والعشرين، وبررت حسين ذلك الأمر بإن التطعيم في الأونة الحالية يستهدف الفئات الأكبر سنا والذين يعانون أمراضا مزمنة وضعفا في المناعة، مردفة: "لسوء الحظ، فإن دخول العديد من الشبان وصغار السن إلى المستشفيات مرده إلى عدم حصولهم على اللقاح"،
وبشكل عام يتفق الخبراء على أن متغير دلتا يمثل تهديدًا جديدًا، وأن أفضل طريقة للتقليل من أخطاره هو التطعيم والحفاظ على إجراءات الوقاية المعروفة من تباعد اجتماعي وغسل اليدين وارتداء الكمامات إلى حين الانتهاء من خطر هذا الوباء بشكل واضح والعودة إلى الحياة الطبيعية.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/14 الساعة 16:50