اللاجئون وأغنياء العالم
طارق مصاروة
قلّة الدعم المالي لكارثة اللاجئين ليس سببها قلة الاتصال، وضعف الرعاية، فنحن في الأردن لم يبقَ أحدٌ من المسؤولين الاميركيين والأوروبيين والآسيويين والأُستراليين لم يقمْ بزيارة عمان، ولم يَزُرْ مخيماً او مخيميْن من اللاجئين السوريين، لكنّ تخصيصات أغنى الدول لم تُغَطِ أكثر من 37% من نفقات اللجوء، فالأردن يُقدّم خدمة كاملة معيشية، ومياه شرب، وسكناً معقولاً، وطبابة ومدارس، وعملاً نتمنى على إخوتنا حمل بطاقة مدفوعة الرسوم، لنعرف على الأٌقل من يعمل ومن لا يعمل.
ليس من الصحيح اننا في بلدان اللجوء السوري والعراقي والليبي واليمني لا نتواصل مع أغنياء العالم للحصول على معونتهم، وقد أعطينا كل الفرص للدول المانحة للقيام هي بالخدمات والإنفاق مباشرة من الخزينة الأوروبية الى اللاجئ، لكن الأغنياء عامة لا يحبون الإنفاق لأسباب إنسانية، فهم ينفقون ويفتحون خزائنهم لشراء الأسلحة، او للمشروعات التي يعود ريعها الى بلدانهم في شكل قروض للبلدان الفقيرة، وقد لاحظ اقتصاديون كبار كجاربرت أن حجم المال الداخل الى البلدان الصناعية أكبر كثيراً من حجم المال الداخل الى فقراء العالم!!.
نحن في الأردن نستدين في شكل قروض من البنك الدولي او بيع سندات مكفولة من الولايات المتحدة للإنفاق على المجتمعات الأردنية المضيفة للاجئين السوريين الذين اختاروا العيش خارج المخيمات، فاضافة لأكثر من 20% على سكان محافظات الشمال أدى الى شبه انهيار للبنى التحتية، ومدينة كالمفرق عدد سكانها ستين ألف مواطن صار عددها، خلال الثلاث سنوات، أكثر من ضعف السكان، ولهذا ترتفع الحاجة الى مزيد من ماء الشرب، والمزيد من المجاري، والمزيد من المدارس والعيادات الطبية.
منذ 1948 كان الاردن مستقراً لمئات الاف اللاجئين الفلسطينيين، ومع أن الكثير من مخيماتهم اصبحت جزءاً من المدن الأردنية، ومع أن عشرات الآلاف جاءوا كنازحين بعد 1967، إلا أن وكالة الغوث لا تعترف بولادات اللاجئين، او بخدمات مخيماتهم، ولا تجد أن من الضروري إبقاء خدمة التعليم والطبابة في مستواها، ثم أنها تخلصت من إغاثة النازحين، وتركت للأردن الفقير أن ينفق!!.
كلف اللجوء، وتبعاته لم تعد شأناً عربياً أو دولياً وإنما صارت شأناً أردنيا، ومع أننا بالمفهوم القومي كسبنا مواطنين جددا إلا أن الأعباء لم تعدْ تُطاق خاصة وأن حدودنا مقفلة من الغرب، عبر الاردن، ومن الشمال عبر سوريا، ومن الشرق عبر العراق.
ثم أن مواطننا الأردني يطالب بتشغيل شاحناته، وتصدير منتجاته، وهو لا يقتنع ان إخوانه في السعودية والخليج يُصّعبون دخول حدودهم: فهل يصدق أحد أن دولة عربية منعت شاحناتنا من دخولها أو المرور عبرها لأن الشاحنات الأردنية بدون صادم أمامي (طمبون)، رغم معرفتهم بأن الأردن لا ينتج هذه الشاحنات؟!
حياة الاردنيين لم تكنْ سهلة أبداً، وبقيت حدودنا مشرّعة على وسعها في وجه أي عربي، ففي الأردن وحده يختلط المعتصمون في معان المطالبون بالعمل مع العمال الضيوف من مصر ومن سوريا في الشارع ذاته!!
المصدر: الرأي