الأغلبية الصامتة
الأغلبية الصامتة هي الكتلة الحرجة، لكنها ليست محايدة وان تبدو كذلك فهي مع الكل وضد الكل.
في الانتخابات ولا سيما النقابية يطلق على أعضائها الرماديون لأنهم يتأخرون في إعلان مواقفهم تجاه المرشحين، الذين ينشطون في التودد لهم، فهم من يرجحون كفة هذا الاتجاه أو ذاك.
وفي القضايا الوطنية عندما يندلع النقاش تجد الجميع يتحدث عنهم ويطالبهم بإعلان تأييدهم أو معارضتهم.
من يراقب سلوك المنتمين لهذه الكتلة الصامتة وهم كثر يكتشف انهم يميلون إلى محاكمة الأشياء من خلال العقل لا العواطف، ويكتشف ثانياً انهم أبعد عن المصالح الذاتية.
إذن هم ليسوا مع الموالاة أو المعارضة كما انهم ليسوا كما يتهمهم البعض غير مبالين لا يكترثون بمعاناة بقية المواطنين، بل العكس تماماً لأنهم في الأساس يتكونون من كل الطبقات كما الآخرين، أمَّا لماذا يبدون كذلك ويلوذون بالصمت فربما لانهم اكتشفوا أن التعبير بالصمت أبلغ من الكلام الذي يتحول الى مجرد ضجيج مزعج خصوصاً عندما يبث عبر مكبرات الصوت.
إن الأغلبية الصامتة ليست موافقة على طريقة العروس عندما يسألها المأذون عن قبولها أو رفضها لمن ستمضي معه بقية حياتها.
الاستماع لرأي هؤلاء ممكن وضروري في آن ليس لترجيح صوابية اتجاه ضد اتجاه، ولكن للتعرف على سبب عزوفهم عن المشاركة الايجابية، من منطلق انه لا يجوز ترك فئة في المجتمع خارج الحسابات، وخارج الدائرة النشطة التي يتحرك فيها المواطنون بشكل طبيعي، ولأن التسليم بخروج فئة من الناس من امكانية الاشتباك والتفاعل يحولهم في نظر الآخرين الى سكان لا مواطنين ينتمون الى وطن لهم فيه تاريخ ومستقبل، كما ان فقدان الأمل في جرهم نحو المشاركة يؤدي بالضرورة لخسارة كبيرة تحدث أثراً سلبياً على الديمقراطية وتشوهاً واضحاً في مخرجات العملية الانتخابية نتيجة تدني نسب الاقتراع الفعلي.
إن أول أهداف الإصلاح الذي تنشده الدولة يجب أن يكون استعادة الثقة في الأدوات التي تدير الشأن العام كله، لأن بقاء انعدام الأمل في التغيير نحو الأفضل يوسع دائرة الاحباط ويعطِّل تقدم المسيرة بالتالي، وأولى خطوات الإصلاح لا بد ان تكون ترسيخ سيادة القانون لتحقيق العدالة بين الناس الذين يصبرون على المكابدة إذا تأكدوا أن الكل سواء يقتسمون الغرم والغنم.
الرأي