علاقة الإعلام بالإصلاح

مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/09 الساعة 02:52

يُعد الإعلام بأشكاله المختلفة من أهم وسائل التنمية السياسية والمجتمعية وأدواتها، إذ يقع عليه عبء تنشئة المواطن الذي يتفاعل مع الحياة المعاصرة تفاعلاً مختلفاً، كونه يؤثر في تشكيل الاتجاهات والقناعات، وطرق الإدراك من خلال الأخبار والحوادث والبرامج والرسائل الاتصالية التي تربط المواطن بموضوعات، وقضايا مجتمعية.

وتتمثل نزاهة الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وصحافة إلكترونية في الطرح، وتبّني القضايا المحلية والسياسية للأحزاب المؤيدة والمعارضة، وتبّني وجهات نظر النقابات المهنية والمؤسسات الوطنية والهيئات المتنوعة، ومنظّمات المجتمع المدني، والاهتمام بالتنشئة السياسية؛ لتحقيق التنمية الشاملة المنشودة.

وتُعد وسائل الإعلام مصدراً مهماً من مصادر تشكيل الوعي لدى الفرد، وخاصةً الوعي السياسي والثقافي، ويكون التأثير كبيراً، ولكنه غير مباشر، حيث يكون من خلال عوامل مساعدة ومساندة وسيطة أخرى؛ كالأحزاب، والنقابات، والجامعات، والمدارس، والجماعات الصغيرة المحيطة بالفرد، وقادة الرأي وغيرهم.

ويُعدّ تأثير الإعلام في عملية التنشئة الاجتماعية والسياسية تأثيراً تراكمياً؛ بسبب اعتماده على اكتساب الثقافة، والمعلومات والوعي وبناء المواقف السياسية.

ولما كانت وسائل الإعلام في المجتمعات تلعب دوراً كبيراً في إثارة القضايا السياسية والمجتمعية، وتسليطها الأضواء على احتياجات المجتمع ومشكلاته، وإبراز جوانب التطور والتغيير فيه، فإن هذا الدور يزداد قوةً وتأثيراً كلما زاد انتشار وسائل الإعلام، وكلما تطورت تقنياتها، الأمر الذي يضاعف من مسؤولياتها في المساهمة في تطوير هذه المجتمعات، وإحداث التغيير فيها.

ويلعب الإعلام دوراً مهماً في الاصلاح وفي البعدين الحضاري والثقافي لارتباطه بمفهوم الهوية الوطنية وبمفهوم الذات، وربط الفرد بثقافته وقيمه، إضافةً لذلك فإن الإعلام القائم على مضامين هادفة وعلمية ومدروسة يمكّن الأفراد من إدراك المعايير التي يستطيعون من خلالها المشاركة في الحياة السياسية والحكم على معايير السلوك المقبولة أوالخاطئة في المجتمع.

ويستمد الإعلام أهميته وثقته من رضا المواطن، كما أن تطور الإعلام منوط بما يتكون لدى المجتمعات من فكرة صادقة، وثقة كبيرة، فالثقة والمصداقية عاملان حاسمان في الرضا العام بما يقدم، ومن ثم رغبتهم ودعوتهم؛ لتبني مثل هذا التناول.

ويأتي رضا المجتمع نتيجة نقل الإعلام للقضايا والأحداث والرسائل، وعرضها بشفافية، والصدق والبعد عن أساليب الدعاية التي يُراد بها التضليل، أو بثّ الإشاعات، ورسم صورة يريدها الإعلام أو النسق السياسي لدى المتلقي حسب مواصفات ومقاييس محددة لا تخرج عن إطار مرسوم لموضوع معين يُراد به توجيه الرأي العام، لصالح هذا الموضوع أو القضية.

ويؤدي حجب وسائل الإعلام للحقائق إلى التشكيك والتلفيق، وفقدان الثقة بهذه الوسائل، وعدم تلبية فضول الأفراد في الحصول على المعلومة، لا سيما أننا أصبحنا بعصر من يملك المعلومة هو الأقوى سواءً على مستوى الفرد، أو الجماعة، أو الدولة بصرف النظر عن كون هذه المعلومة سياسية، أم اقتصادية، أم ثقافية.

كما يدفع حجب المعلومة عن الفرد للحصول عليها من مصادر أخرى خارجية في ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا والإنترنت والفضائيات، الأمر الذي يجعل من الفرد فريسة سهلة للأفكار والمعتقدات والرسائل المؤجلة، التي توجهها وسائل الإعلام الأخرى ، خاصةً إذا كان هناك تغريب للمعلومة، أو مخالفة، أو معارضة للمعتقد، أو الأيديولوجية أو الأصالة أو التراث.

ويبرز دور وسائل الإعلام في تحمل مسؤولياتها تجاه هذا الإصلاح، وذلك من خلال إعداد برامج واقعية، وجادة تنير لهم الطريق وتخطط لمستقبلهم وتعرض قضاياهم ومشكلاتهم المختلفة أمام صاحب القرار، وجعلهم في مقدمة الأولويات والسياسات الحكومية.

فيمكن لوسائل الإعلام أن تعمق التماسك في البنيان الوطني، وتوثق الصلات بين النظام والشعب، وتعزيز القيم السائدة بالمجتمع، وتعمل على هدم قيم معينة، وبناء قيم جديدة.
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/09 الساعة 02:52