تجارة التسول في رمضان
أحمد جميل شاكر
منذ اليوم الأول لشهر رمضان المبارك،أخذت أعداد كبيرة من النساء والرجال والأطفال بالانتشار عند المساجد وحتى بين الأحياء السكنية وبينهم من يقرع أبواب المواطنين بخاصة النساء اللاتي يحملن الأطفال الرضع بهدف التسول.
وزارة التنمية الاجتماعية والجهات الأخرى لم تنجح حتى الآن بالتخفيف من حدة ظاهرة التسول، والتي انتعشت الآن مع العطلة الصيفية وموسم الزوار وعودة المغتربين وازدادت مع الشهر الفضيل.
لقد قامت الوزارة في السابق بعملية فزعة وهبة دون أن تكون هناك استمرارية لها، وان الذين تم القاء القبض عليهم من المتسولين عادوا بعد فترة وجيزة الى العمل، وان أساليب جديدة بدأ بعضهم يتبعها في التسول، والتي من الممكن أن تشكل خطورة اجتماعية إن لم تكن امنية ايضا.
من الأساليب التي ما زالت تؤرق الجميع وجود فتيات واولاد صغار في ساعات متأخرة من الليل عند الإشارات الضوئية حتى أن بعضهم يقوم بالتباكي بشكل مستمر بخاصة في ساعات الليل، حيث يتعمد تخفيف ملابسه إمعانا بفقره فيما يقوم آخر بإلقاء حبات من العلكة على قارعة الطريق مدعيا بأن احد العاملين في امانة عمان أو أحد المارة قد قام برميها لمنعه من التسول، وانه لا يستطيع العودة الى منزله دون ان يتمكن من استرداد ثمن حبات العلكة الملقاة ليتبين بعد ذلك انه هو الذي يقوم بذلك لاستدرار العاطفة وان هذا العمل يستمر بصورة يومية.
آخرون يدعون انهم طلبة، ويحملون الكتب المدرسية او حتى الجامعية ويطالبون بأجرة الطريق الى الزرقاء، او اربد، اوالسلط، وأمام هذا الطلب المشروع يقوم المواطن بدفع دينار او اكثر وهذا الطالب المتسول يبقى على هذا الحال اياما واسابيع طويلة لكنه ينتقل من مكان الى اخر.
ومن احدث اساليب التسول أن تقوم سيدة تحمل معها وصفة طبية تدّعي أن زوجها يعاني من امراض في القلب، والضغط والسكري وانها تحتاج الى ثمن الدواء فقط، او تزويدها بالدواء للدليل على انها غير متسولة، لكنها محتاجة لإنقاذ حياة انسان وتوفير الدواء له، حيث يتم في احيان كثيرة تقديم مساعدة مالية لها او شراء الدواء لها بالكامل من احدى الصيدليات القريبة، حيث تقوم بترجيع الدواء الى الصيدلية وقبض الثمن او تبديله بأدوات مكياج اوعطور.
ومن الأساليب المتبعة ايضا ان هناك عصابات منظمة، حيث يقوم بعض الاشخاص وبسيارات حديثة بتوزيع الأطفال على الاشارات الضوئية واعادتهم الى ذويهم بعد ساعة متأخرة من الليل، حتى ان احد المواطنين في ضاحية الرابية في عمان شاهد احد الآباء بسيارته الفارهة، يوزع اطفاله على باب مسجد ضاحية الحسين للإسكان وبعض الاشارات ويزودهم بالمياه، والساندويشات للاستمرار بعملية التسول لساعات طويلة في هذه الليالي الرمضانية.
حتى الآن ما زلنا نعمل بسياسة الهبة والفزعة وليس لدينا اية خطة متكاملة للقضاء على هذه الظاهرة او حتى الحد منها في وقت ما زلنا ندفع فيه عشرات الملايين تحت بنود محاربة الفقر، وتحسين الأوضاع المعيشية للأسر العفيفة.
المواطن مطالب بتغليب العقل على العاطفة، وألا يقدم على مساعدة هؤلاء وأن يبحث عن الفقراء الذين تحسبهم أغنياء من التعفف، والأقربون والجيران أولى بالمعروف.
الدستور