من الذي يعطل حدودنا مع سوريا؟
قد لا يعلم البعض من المتابعين للشأن السياسي قصص عدم الانحياز في الحروب لصالح الاقتصاد، ومثال ذلك في الحرب العالمية الثانية حينما كانت دول المحور تشن حرباً طاحنة ضد المانيا الهتلرية..
لقد كانت القوات والطيران الأميركي منخرطين بالحرب إلى جانب الإنجليز والفرنسيين، وفي المقابل كان هتلر يتلقى المساعدة الأكبر من الولايات المتحدة نفسها، إذ كان الملياردير الأميركي اليهودي روكفيلر قد فتح جسراً جوياً لنقل المواد الخام والكاوتشوك والحديد الصلب إلى مصانع هتلر المانيا وبولندا والنمسا حيث يسيطر الألمان..
وأكثر من ذلك كانت الشركات الأميركية تبيع المعدات والتكنولوجيا للجيش الألماني، وأهمها شركة فورد لصناعة السيارات والناقلات التي زودت جيش هتلر بمحركات الطائرات وناقلات الجنود وقطع غيار للآليات، ومثلها جنرال موتورز وشركة إيكسون التي زودت الألمان بالوقود والزيوت.
نحن لسنا روكفلر وشركاءه عائلة روتشيلد المتحكمين بمالية العالم، ولكننا شعب ضعيف البنية الاقتصادية ونعاني من هشاشة العظام الاقتصادية عبر سنوات طويلة من العجز ، وليس لنا جسر جوي تجاري مع أحد في المعمورة العربية يجلب لنا احتياجاتنا أو نبعث لهم منتجاتنا المتواضعة، وكل ما نملك هو الحدود البرية التي أعلن عن افتتاحها الأسبوع الماضي مع الجانب السوري حسب مباحثات طويلة وجهود كثيفة لاستثناء الحظر، ولكن الفرحة لم تتم، إذ وقع المحظور من اشتباكات بين ما يقال إنهم قوات معارضة يقابلهم قوات الجيش السوري في محافظة درعا.
عبر عشر سنين مضت وحتى هذا العام الذي خرجنا إليه بعد نازلة كورونا منهكين ومشردين ومدينين، لم تكن الحال خلال ذلك العقد بأحسن منها اليوم، وظهرت أخيرا بوادر الانفراجة مع الخط الأهم شماليا مع الجارة السورية بعد زيارة جلالة الملك لواشنطن وتحقيق رؤية خاصة بالوضع الأردني المحاصر، فقد بقي الرئيس الأسد على سدة الحكم وتشتت الجماعات المسلحة التي استنزفت عشرات مليارات الدولارات التي هطلت عليهم لخلع النظام أو قتال الأطراف المتناحرة، وأن لا حل سوى الحل السياسي ورفع الظلم الذي وقع على الدول الثلاث من لبنان إلى سوريا فالأردن جراء قانون قيصر والعقوبات الأخرى.
الأميركيون لا يعارضون عودة الحركة بين دمشق وعمان، والسعودية فتحت خطا لطيفا مع الحكومة السورية ومنها زيارة وزير السياحة السوري للسعودية في مشاركة بدت مهمة في العلاقات التي لم تقترب من الاحتضان، والإمارات أعادت فتح سفارتها بدمشق، وهذا يعطينا الحق والدافع لنحارب من أجل مصالح الشعب على الأقل، ورأينا كيف الفرح يجتاح الناس خصوصا في شمال المملكة بإعلان افتتاح الحدود كاملة وإٍسقاط الإجراءات المقيدة، ولكن مع ذلك لا نرى أن اشتباكات المعارضة هناك هي وحدها التي قوضت افتتاح الحدود، بل إن هناك أطرافا لعينة تريد خنق الأردن بصمت عبر الحدود بينها وبين سوريا ومع العراق أيضا.
في الداخل الأردني أسهل شيء هو رمي كرة السياسة بين أقدام الناس، وهيا بنا ننخرط في خلق مستقبل سياسي، وحرب أفكار وملاسنات، أما الاقتصاد وحاجة المواطنين للسلع بأسعار معتدلة وإعادة التشغيل للمعطلين بنسبة خمسين في المئة حسب تقارير مؤسسية، وحماية الوظائف الخاصة التي يقتات منها فئات قد يسقط عليهم السقف في أي وقت، فتلك مهمة لا يستطيعها الحكواتيون.
حتى نعيد الحياة لاقتصادنا الداخلي علينا الإسراع في معالجة الوضع الخارجي، فهناك قوى تسيطر على الساحة السورية وغيرها من الدول، لعل أسهلها الجانب الروسي الذي يمكن التنسيق معه مجددا بعد ما جرى مع الأميركيين، ورغم علاقتنا الجيدة رسميا مع الحكومة السورية فيجب البناء عليها ضمن تفاهمات خاصة لعودة خطوط النقل البري، ومعرفة من يعطل فتح حدودنا مع دول الجوار وفي هذا مصلحة للجميع.
Royal430@hotmail.com
الرأي