سيف الإسلام القذافـي «إن حكى».. التوقيت والسيناريو
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/02 الساعة 02:57
محمد خروب
عبر الصحيفة الأميركية الأوسع انتشاراً وتأثيراً ونفوذاً/أميركياً ودولياً, أطل في مقابلة مُطولة وريث الأخ قائد الثورة.. سيف الإسلام القذافي, مُستعيداً في حنين الى الماضي مآثر الجماهيرية التي أقامها والده. زاعماً أنّ الليبيين «يريدون العودة إلى الماضي» بعدما خابَ أملهم في ما حدث طوال السنوات العشر الأخيرة، نافياً أن تكون ثورة بقدر تسميتها حرباً أهليّة أو أيّام شؤمٍ.
وإذ يستنتج قارئ المقابلة أو ما أفصحَت عنه نيويورك تايمز, أن «سيف الإسلام» لم ينسَ شيئاً ولم يتعلّم شيئاً, كما هي حال آل بوربون في فرنسا، فإنّ التوقيت الذي اختارته الصحيفة الأميركية لنشر هذه المقابلة القديمة (وفق الصحيفة المقابلة تمّت في رمضان الماضي) يدعو للتساؤل عن «السرّ» في ذلك, خاصة أنّ الملف الليبيّ بات في عهدة دول الغرب الاستعماري ولم يعد شأناً عربياً ولا حتّى إقليمياً. وما جدول الأعمال الذي وضعته العواصم الأطلسية (التي أطاحت نظام القذافي بطلب من جامعة عمرو موسى العربية), وجرى تطبيق بنوده وفق «خريطة الطريق» التي وضعها منتدى الحوار السياسي/الليبي، والذي واكبته على نحو حثيث العواصم التي إلتقت في مؤتمر برلين2/23 حزيران الماضي, وشاركت فيه 15 دولة بينها تركيا وأربع منظّمات إقليمية ودوليّة. وأكثر ما شدّد عليه المؤتمرون هو «ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية/والبرلمانية الليبية في 24/12 القريب.
إعادة الأضواء إلى سيف الإسلام القذافي أميركياً ليست صدفة, وخاصة أنّ نجل القذافي لا يتوفر على حثيثية ميدانية وحضور جماهيري يمكن الرهان عليه, وسط الفوضى المسلّحة والفلتان الأمني الذي يميّز المشهد الليبيّ، ناهيك أنّه لا يحظى بدعم أيّ دولة من دول الإقليم ولا تبدي أي عاصمة غربية حماسةَ تجاهه, وسط صراع دولي وإقليمي محموم للسيطرة على ليبيا. ليس فقط لثروتها النفطيّة وإنّما خصوصاً لموقعها الجيوسياسي الذي سيحظى مَن يُحكم قبضته عليها بأفضلية, يمكن أن تمنحه أوراقاً إضافية في الصراع المحتدم على المنطقة. بعد عودة روسيا إلى المشهد بقوّة وحضور الصين الذي لا يمكن الاستهانة به اقتصادياً كما وجودها العسكريّ, في جيبوتي والمناورات البحريّة التي أجرتها الأساطيل الروسيّة/والصينية/والإيرانية في بحر العرب.
لم يأتِ سيف الإسلام بجديد لليبيين، ولم يطرح برنامجاً أو يُقدّم اعتذاراً أو نقداً ذاتياً, ولا حتى قراءة مقبولة جماهيرياً, سوى تلك القراءة «القديمة» عن نظام والده الذي يريد إحياءه، متجاوزاً عن قصد إفرازات العشرية السّوداء التي عصفت بالليبيين, ودفعت معظمهم إلى التحرّر من «وهم الثورة»، لكنّهم بالتأكيد لا يُبدون حنيناً لحقبة القذافي اللهم–ربما–إلّا «الأمن» النسبيّ الذي «تمتّعوا» به وقتذاك, مقارنة بما هي عليه حالهم الكارثية الآن, حيث سطوة الميليشيات المسلّحة والعصابات المنفلتة ومرتزقة تركيا وتدخّلات جيوشها دعماً لطرف إسلامويّ الهوى والتّحالفات.
سيف الإسلام الذي راهن عليه بعض الليبيين عندما بدأ نجمه بالبزوغ واقترب موعد خلافته لوالده أو هكذا بدت التوقّعات, خرج «حينذاك» على العالم كشخصية منفتحة وحداثية, يروم مغادرة «دائرة الجماهيرية» المغلقة وغير المنتجة, سوى الثرثرة وخُطب الأخ قائد الثورة وزياراته الخارجيّة المثيرة للضجر والسّخرية، ودائماً تبنّيه خطاباً وسياسة عدمية يمكن تلخيصها في مفردة «طز» لكلّ ما يراه لا يتناسب ونظرية «الثالثة', التي عاشت أربعة عقود من الثرثرة والتنظير, دون أن تحظى بأي حيثية أو تجد لنفسها فرصة للتطبيق, واختبار ما إذا كانت قابلة للحياة؟ أم أنّها مجرّد «تهويمات» أخرى على غرار تهويمات الأخ القائد في رواياته وخصوصاً في كتابه الأخضر.
في السطر الأخير.. هل تريد واشنطن خلطَ الأوراق مع اقتراب موعد 24/12/2021 عبر تسليط الأضواء على سيف الإسلام القذافي؟ أم أنّها تلوّح للذين لا يريدون (من أطراف الأزمة الليبية في طرابلس وبنغازي والجنوب الليبي) السّير في ركابها, بأنّ هنا «بدائل» لديها وفي مقدّمتهم سيف الإسلام القذافي؟. بكلّ ما يعنيه ذلك من إعادة إنتاج النّظام السّابق ولكن وفق سيناريو أميركي جديد. يلحظ ما طرأ على مشهد المنطقة العربية خصوصاً من تغييرات ومتغيّرات، والاحتمالات المفتوحة لإعادة ترتيب المنطقة وتواصُل مشروع الصهينة والأسرلة؟
.. الأيام ستقول.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي
عبر الصحيفة الأميركية الأوسع انتشاراً وتأثيراً ونفوذاً/أميركياً ودولياً, أطل في مقابلة مُطولة وريث الأخ قائد الثورة.. سيف الإسلام القذافي, مُستعيداً في حنين الى الماضي مآثر الجماهيرية التي أقامها والده. زاعماً أنّ الليبيين «يريدون العودة إلى الماضي» بعدما خابَ أملهم في ما حدث طوال السنوات العشر الأخيرة، نافياً أن تكون ثورة بقدر تسميتها حرباً أهليّة أو أيّام شؤمٍ.
وإذ يستنتج قارئ المقابلة أو ما أفصحَت عنه نيويورك تايمز, أن «سيف الإسلام» لم ينسَ شيئاً ولم يتعلّم شيئاً, كما هي حال آل بوربون في فرنسا، فإنّ التوقيت الذي اختارته الصحيفة الأميركية لنشر هذه المقابلة القديمة (وفق الصحيفة المقابلة تمّت في رمضان الماضي) يدعو للتساؤل عن «السرّ» في ذلك, خاصة أنّ الملف الليبيّ بات في عهدة دول الغرب الاستعماري ولم يعد شأناً عربياً ولا حتّى إقليمياً. وما جدول الأعمال الذي وضعته العواصم الأطلسية (التي أطاحت نظام القذافي بطلب من جامعة عمرو موسى العربية), وجرى تطبيق بنوده وفق «خريطة الطريق» التي وضعها منتدى الحوار السياسي/الليبي، والذي واكبته على نحو حثيث العواصم التي إلتقت في مؤتمر برلين2/23 حزيران الماضي, وشاركت فيه 15 دولة بينها تركيا وأربع منظّمات إقليمية ودوليّة. وأكثر ما شدّد عليه المؤتمرون هو «ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية/والبرلمانية الليبية في 24/12 القريب.
إعادة الأضواء إلى سيف الإسلام القذافي أميركياً ليست صدفة, وخاصة أنّ نجل القذافي لا يتوفر على حثيثية ميدانية وحضور جماهيري يمكن الرهان عليه, وسط الفوضى المسلّحة والفلتان الأمني الذي يميّز المشهد الليبيّ، ناهيك أنّه لا يحظى بدعم أيّ دولة من دول الإقليم ولا تبدي أي عاصمة غربية حماسةَ تجاهه, وسط صراع دولي وإقليمي محموم للسيطرة على ليبيا. ليس فقط لثروتها النفطيّة وإنّما خصوصاً لموقعها الجيوسياسي الذي سيحظى مَن يُحكم قبضته عليها بأفضلية, يمكن أن تمنحه أوراقاً إضافية في الصراع المحتدم على المنطقة. بعد عودة روسيا إلى المشهد بقوّة وحضور الصين الذي لا يمكن الاستهانة به اقتصادياً كما وجودها العسكريّ, في جيبوتي والمناورات البحريّة التي أجرتها الأساطيل الروسيّة/والصينية/والإيرانية في بحر العرب.
لم يأتِ سيف الإسلام بجديد لليبيين، ولم يطرح برنامجاً أو يُقدّم اعتذاراً أو نقداً ذاتياً, ولا حتى قراءة مقبولة جماهيرياً, سوى تلك القراءة «القديمة» عن نظام والده الذي يريد إحياءه، متجاوزاً عن قصد إفرازات العشرية السّوداء التي عصفت بالليبيين, ودفعت معظمهم إلى التحرّر من «وهم الثورة»، لكنّهم بالتأكيد لا يُبدون حنيناً لحقبة القذافي اللهم–ربما–إلّا «الأمن» النسبيّ الذي «تمتّعوا» به وقتذاك, مقارنة بما هي عليه حالهم الكارثية الآن, حيث سطوة الميليشيات المسلّحة والعصابات المنفلتة ومرتزقة تركيا وتدخّلات جيوشها دعماً لطرف إسلامويّ الهوى والتّحالفات.
سيف الإسلام الذي راهن عليه بعض الليبيين عندما بدأ نجمه بالبزوغ واقترب موعد خلافته لوالده أو هكذا بدت التوقّعات, خرج «حينذاك» على العالم كشخصية منفتحة وحداثية, يروم مغادرة «دائرة الجماهيرية» المغلقة وغير المنتجة, سوى الثرثرة وخُطب الأخ قائد الثورة وزياراته الخارجيّة المثيرة للضجر والسّخرية، ودائماً تبنّيه خطاباً وسياسة عدمية يمكن تلخيصها في مفردة «طز» لكلّ ما يراه لا يتناسب ونظرية «الثالثة', التي عاشت أربعة عقود من الثرثرة والتنظير, دون أن تحظى بأي حيثية أو تجد لنفسها فرصة للتطبيق, واختبار ما إذا كانت قابلة للحياة؟ أم أنّها مجرّد «تهويمات» أخرى على غرار تهويمات الأخ القائد في رواياته وخصوصاً في كتابه الأخضر.
في السطر الأخير.. هل تريد واشنطن خلطَ الأوراق مع اقتراب موعد 24/12/2021 عبر تسليط الأضواء على سيف الإسلام القذافي؟ أم أنّها تلوّح للذين لا يريدون (من أطراف الأزمة الليبية في طرابلس وبنغازي والجنوب الليبي) السّير في ركابها, بأنّ هنا «بدائل» لديها وفي مقدّمتهم سيف الإسلام القذافي؟. بكلّ ما يعنيه ذلك من إعادة إنتاج النّظام السّابق ولكن وفق سيناريو أميركي جديد. يلحظ ما طرأ على مشهد المنطقة العربية خصوصاً من تغييرات ومتغيّرات، والاحتمالات المفتوحة لإعادة ترتيب المنطقة وتواصُل مشروع الصهينة والأسرلة؟
.. الأيام ستقول.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/08/02 الساعة 02:57