النفس آفة لكنها تخر ساجدة لمن خلقها

مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/17 الساعة 22:04
* اسماعيل الخوالدة
قال تعالى في سورة يوسف "وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم "
ظاهر ترتيب الكلام أن هذا من كلام امرأة العزيز ، مضت في بقية إقرارها فقالت وما أبرئ نفسي ، وذلك كالاحتراس مما يقتضيه قولها ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب من أن تبرئة نفسها من هذا الذنب العظيم ادعاء بأن نفسها بريئة براءة عامة فقالت وما أبرئ نفسي أي ما أبرئ نفسي من محاولة هذا الإثم ; لأن النفس أمارة بالسوء وقد أمرتني بالسوء ، ولكنه لم يقع ، فالواو التي في الجملة استئنافية ، والجملة ابتدائية .
أن أمر النفس في الانسان يبعث على ارتكاب الاخطاء في كل الأوقات إلا وقت رحمة الله لعبده ، أي رحمته بأن يقيض له ما يصرفه عن فعل السوء ، أو يقيض حائلا بينه وبين فعل السوء ، كما جعل إباية يوسف عليه السلام من إجابتها إلى ما دعته إليه حائلا بينها وبين التورط في هذا الإثم ، وذلك لطف من الله بهما .

اي رحمة يا ربي ترحم بها الانسان ولذلك ذيلته بجملة إن ربي غفور رحيم ثناء على الله بأنه شديد المغفرة لمن أذنب ، وشديد الرحمة لعبده إذا أراد صرفه عن الذنب يغفر الذنوب يرحم يجدد صفحتك ويقول التوبة تجب ما قبلها يا لرحمتك ربي إن احببت عبدا صرفت عنه المعصيه رغما عنه سبحانك رب يعبد.
اما الان يجب أن لا نترك النفس تجرنا واياكم الى الهلاك ونتحدث الان عن محاسبة النفس وضبطها قال رب العزة :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102], ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1], ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب: 70-71].
يجب حبس الأنفاس، وضبط الحواس، ورعاية الأوقات، وإيثار المهمات
قال تعالى : : ﴿يَا أَيهَا الذِينَ آمَنوا اتقوا اللهَ وَلْتَنظرْ نَفْسٌ ما قَدمَتْ لِغَدٍ وَاتقوا اللهَ إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلونَ﴾ [الحشر: 18 اذا محاسبة النفس هو امر رباني لتنجو يا اخي قاوم قاوم قاوم استعذ بالله اقرأ المصحف صل لا تترك وقت فراغ مارس الرياضة لا تخلو كثيرا بنفسك فالخلوة بالنفس بداية المصيبة ، وقال تعالى: ﴿لَا أقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أقْسِم بِالنفْسِ اللوامَة﴾ [القيامة.

وقد اختلف العلماء في تفسير النفس اللوامة فقال سعيد بن جبير وعكرمة في النفس اللوامة: أي تلوم على الخير والشر ولا تصبر على السراء والضراء، قال قتادة اللوامة: الفاجرة قال مجاهد تندم على ما فات وتقول لو فعلت ولو لم أفعل، قال الفراء: ليس من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيرا قالت: هلا ازددت وإن عملت شرا قالت: ليتني لم أفعل، قال الحسن: هي النفس المؤمنة قال إن المؤمن والله ما تارة إلا يلوم نفسه ما أردت بكلامي ما أردت بأكلتي وإن الفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه ولا يعاتبها، قال مقاتل: هي النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على ما فرطت في أمر الله في الدنيا"

النفس في السنة قال ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله" انها النفس نعوذ بالله من شرورها فهي سبب رئيسي اما للجنة ام النار

اختتم كتابتي بأن الأولى بن أن نحاسب انفسا من ليلٍ إلى ليلٍٍ، فما نراه من تقصير في يومنا فلنتداركه بالتوبة والاستغفار، وكذلك كان يصنع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وإن وجد في أعمال يومه ظلامه فليردها من وقته على أهلها إن أمكن ذلك، وإلا فليعزم على ردها على حسب إمكانه، وأما المحاسبة في المستأنف فلينظر إذا خطر له إقدام على فعل أو إحجام عنه فإن كان ذلك الفعل سيئة أحجم عنه، وعن العزم عليه وليغيبه عن خاطره ما استطاع، فإن مالت إليه نفسه واشتدت شهوته فليجاهدها بصرفها عنه وخلاصها منه فإن غلبته وعزمت عليه فليجاهدها في الإقلاع عن عزيمتها والاستغفار منها، فإن غلبته نفسه العاصية الأمارة بالسوء ففعل ذلك فليبادر إلى التوبة وهي الندم على ما فاته من طاعة الله تعالى والعزم على أن لا يعود إلى مثل ذلك في المستقبل والإقلاع عن المعصية إن كان ملابسها في الحال، فإن أخر التوبة أثم بتأخيرها عن كل وقت يتسع لإيقاعها فيه، فإن أبت نفسه عن الإقلاع فليحذرها بما يفوتها من ثواب الله -سبحانه وتعالى- وبما تعرضت له من عقاب الله -تعالى- ويستمر على تخويفها بذلك إلى أن يحصل الخوف الموجب للتوبة والاستغفار من الحوبة.

هذا ما تيسر بيانه عن محاسبة النفس، والله الهادي إلى سواء السبيل، وإليه المرجع والمآب، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وإمام المرسلين.
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/17 الساعة 22:04