دلال يكتب: «كل شيء تغير» ليصب في مصلحة الأردن

مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/21 الساعة 15:45

 بقلم خالد دلال

 
لعل من أهم الرسائل التي أراد الرئيس الأميركي جو بايدن إيصالها إلى العالم أجمع، خلال القمة التي جمعته بجلالة الملك عبدالله الثاني في واشنطن، هي تلك الأبعاد التاريخية للعلاقة والصداقة القوية التي تجمعه بجلالته منذ عقود، أيام كان يلتقيه وهو بصحبة جلالة الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، وحتى يومنا هذا، بقوله خلال تصريحات صحفية مشتركة للزعيمين: “أود الترحيب مجددا في البيت الأبيض بصديق عزيز، وهو جلالة الملك. لقد أمضينا الكثير من الوقت معا منذ زمن طويل. فقد كنت التقي جلالته عندما كان مع والده، كما هو ابنه اليوم، وكنت أنا وقتها عضوا شابا في مجلس الشيوخ الأميركي”.
 
هذه الإشارة الاستراتيجية للرئيس الأميركي لم تأت صدفة أو من فراغ، بل ترجمة لقراءة حكيمة متأنية للدلالة على عمق العلاقة بين الزعيمين، وانعكاسات ذلك الإيجابية الحتمية على حجم الشراكة التي ستجمع الأردن والولايات المتحدة في مختلف القضايا الثنائية وعلى مستوى المنطقة، في مقبل الأيام والأشهر والسنوات.
 
ومن هنا، يمكننا تخيل حجم الفائدة التي سيجنيها الأردن على مستوى العلاقات الثنائية سياسيا واقتصاديا وعسكريا وغير ذلك. ولنا في المساعدة الأخيرة من قبل الولايات المتحدة للمملكة بموضوع لقاحات فايزر، والتي وصل منها نصف مليون جرعة إلى الأردن مؤخرا، مثال واحد، وهناك الكثير غيره، على النجاح الدبلوماسي للمملكة في دعم قضايا الوطن. كما يقودنا الحديث عن العلاقات الثنائية إلى التقارير الصحفية التي تتحدث عن توقع مفاوضات قريبة بين الأردن والولايات المتحدة لتوقيع مذكرة تفاهم جديدة بين الجانبين بخصوص المساعدات الأميركية للمملكة. فوفق تغطية إعلامية خاصة بصحيفة الغد، فقد أفاد تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث الكونغرس الأميركي بأن “السنة المالية 2022 ستكون الأخيرة من مذكرة التفاهم بين البلدين، وعليه فمن المتوقع أن تتفاوض الإدارة الأميركية على مذكرة تفاهم جديدة مع الحكومة خلال الأشهر المقبلة”. وهذه أخبار سارة لنا جميعا.
 
أما على مستوى قضايا المنطقة، فقد تصدرت القضية الفلسطينية، وكما هو متوقع، قمة جلالته والرئيس بايدن، حيث كان هناك تطابق في وجهات النظر أساسها تحقيق السلام وفق حل الدولتين، وهو الحل الاستراتيجي الذي يدعمه الأردن والإدارة الأميركية الحالية بقوة، وهو الحل الذي كاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل نحو عام على يد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصفقة القرن المجحفة التي دفنت برحيله. لهذا جاء تأكيد جلالته خلال القمة على “ضرورة العمل على إعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين”، إضافة إلى تأكيد جلالته على “مواصلة الأردن دوره التاريخي والديني الثابت في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات”. وعلى مستوى المنطقة أيضا، فقد جاء بحث الزعيمين للعديد من القضايا من التعاون في الحرب على الإرهاب، إلى إيجاد حلول سياسية لأزمات المنطقة، إلى غيرها ليضع المواقف الأردنية على رادار السياسة الخارجية الأميركية، ولما لذلك من تأثير إيجابي حماية لمصالحنا العليا مستقبلا.
 
أليس كل هذا يصب في دعم حقوقنا؟ نعم والفضل يعود، بعد حمد الله، لحكمة القيادة وشجاعة مواقفها.
 
لعل خلاصة القمة بين جلالة الملك وبايدن تقرأ في جملة واحدة لها مضامينها القوية على لسان الرئيس الأميركي بقوله: “لطالما كنتم إلى جانبنا، وستجدنا دائما إلى جانبكم”، وهو القول الذي يحسدنا عليه الكثيرون في المنطقة والعالم.
 
فعلا لقد “تغير كل شيء”، كما جاء من اقتباس للرئيس بايدن من قصيدة شعرية إيرلندية، خلال ترحيبه بجلالة الملك. وقد يكون المعنى تغير العالم مع قرب زوال جائحة كورونا، أو بعد رحيل ترامب وسياساته الهوجاء. ولكن إذا ما أردنا البناء على ذلك أردنيا،  لقلنا: فعلا لقد “تغير كل شيء”، ولكن ليصب في مصلحة الوطن. وهذا نصر سياسي أقوى من انتصارات الحروب، إذا ما أمعنا النظر والتأمل والفكر.الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/21 الساعة 15:45