كارتل المخدرات.. هذا هو المسؤول عنها
يبدو أننا في غمرة الفوضى السياسية والاقتصادية عالمياً، قد نسينا أخطر حرب صامتة تدور رحاها في نواحي المجتمع الأردني.. إنها المخدرات التي باتت تحصد أعلى نسبة للمكافحة من قبل جهاز الأمن العام داخليا وإدارة مكافحة المخدرات التي تتعامل يوميا مع مئات القضايا بين ترويج وتعاط، ولكن السؤال العصي على الفهم سابقا هو: من أين تأتي المخدرات ومن هي الجهة المسؤولة عنها؟ ولكن اليوم باتت الأمور أكثر وضوحا وبسهولة الدلالة على المصدر، ولكن للأسف لا نستطيع كبح تدفقها تماما، ما يُثقل كاهل أجهزة المكافحة داخليا، واضطرار قواتنا المسلحة لتنظيف الواجهة عسكريا.
في جلسة اطلاع وتقييم للأوضاع السياسية الخارجية والأمنية الداخلية، برز المحور الأخطر الذي تتحمله قواتنا المسلحة على الحدود الشمالية مع الجارة الشقيقة سوريا، إذ أن الحدود المشتركة من أقصى الغرب حتى نهايتها مع العراق لا يمكن محاصرتها على الأرض، ولكن الزخم الرئيس يتركز ما بين غرب درعا حتى قريب من الركبان شرقا، وتبذل قوات الجيش الأردني بكافة أسلحتها جهودا مضنية لحماية الحدود من المتسللين اليوميين والإرهابيين، فقد اصبح الأمر يتخذ طريقة "البحارة" بالمعنى القديم بين الحديّن لتهريب الأسلحة وأطنان المخدرات المستوردة أو المصنعّة في المنطقة الجنوبية لحدودنا، حيث لا تخضع لرقابة فعلية لسلطة دمشق عليها بسبب سيطرة جماعات حزب الله وقوات العصائب التي تحولت الى مصانع للمخدرات والنقد المزور.
إذا من أين تاتي المخدرات والأسلحة؟ الجواب بات واضحا بعد رصد دقيق ومحترف وفي جهد مشترك بين كافة الوحدات المسلحة والاستخبارات الأردنية التي ترصد أي حركة ولا تعمل سوى لحماية حدودنا، حيث ما لم تقله المصادر أو تؤشر عليه، بات لدينا واضحا بعد ثلاثة أيام من محاولتي تقصي المعلومات الهامة التي وقفنا عليها، دون وصولنا الى أسماء أو جهات، ففي تقارير عالمية ظهر جليا أن حزب الله اللبناني ما زال هو المسؤول الأول عن تدفق ذلك السمّ القاتل لمناطق الجنوب السوري والحدود الأردنية وبرز اسم (خليل حرب) أحد قادة الحزب العسكريين كمسؤول عن كارتل المخدرات وتوزيعه على المنطقة.
وفي تقارير سابقة أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية فإن حرب كان قائدا لعمليات الحزب خارج لبنان ومسؤولا عن تدفقات مالية لتجنيد عناصر مقاتلة قامت بالتسلل عبر سوريا نحو الأراضي الأردنية وتهريب أسلحة متطورة للقيام بأعمال تخريبية، ونذكر بذلك ما حصل خلال الأعوام ما بين 2005 حتى 2007 من محاولات مرتبطة بالتنظيم والتي أحبطتها المخابرات الأردنية وأحدثت حينها ضجة عالية الصوت، ولكن على ما يبدو أن المسالة لم تنته، حيث أن عصابات المخدرات بالقرب منا تضع حدودنا الشمالية على جبهة حرب مزدوجة ما بين أمن الحدود وخطر المخدرات التي يعاد إنتاجها كيميائيا في مصانع متخصصة في الجنوب الغربي والشرقي للأراضي السورية المحاذية.
ليس هذا فقط، بل إن خارطة توزيع الممرات الحمراء للأصناف المتعددة من المخدرات بأنواعها تتعدى نحو المنطقة الشرقية من الأراضي السورية، إذ تنشط هناك جماعات خطيرة تنقل المخدرات القادمة من أفغانستان الى إيران وعبر الصحراء العراقية الغربية نحو مناطق بادية الشام شرق تدمر حتى قريب من الحدود الأردنية الشمالية، حتى باتت تلك المناطق يمكن إطلاق اسم "وادي المخدرات" عليها إذ ان مسارها من الحدود اللبنانية الشمالية أو سهل البقاع الشهير تلتقي مع منظمات تهريب المخدرات المرتبطة في مسافة لا تتعدى 500 كيلومتر، وجميعهم كالوحوش الرابضة تنتظر الفرصة كل يوم لتهريبها للداخل الأردني ونقلها للوكلاء لتمريرها نحو السعودية ومصر وغرب نهر الأردن.
لا شك أن الحرب على سوريا والتدخلات الخارجية وضعت الدولة السورية في دوامة قد لا تساعدها على حصر تلك المساحات الشاسعة، ومن هنا تستغل التنظيمات العصابية وكارتلات المخدرات الفراغ الأمني هناك، لفتح قنوات إمداد مستمر لكافة الأنواع المحرمة، ولكن الأشد ضراوة هي العصابات التابعة لحزب الله التي تتحكم بطرق خاصة لها، وتبني مصانع للكبتاجون والميثيافيين الصناعي، وهم يقتربون كثيرا للمدن والقرى الأردنية الشمالية، وهذا ما أدى الى سرعة انتشار رقعة المخدرات في مجتمعنا عبر مجرمين لا يخضعون لسلطة ضمير، رغم الجهد المحترف فنيا وعسكريا للتصدي للخطر المتوقع من الشمال يوميا.
Royal430@hotmail.com
الرأي