أقل من 11 الف دينار مياومات الرئيس..

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/05 الساعة 02:24

ابراهيم عبدالمجيد القيسي

تناقل الناس اكذوبة نعرف من يقف خلفها ولا نريد التحدث عنه الآن، وكالعادة؛ انتشرت الكذبة في سوق النميمة ومزادات ومناقصات الكلام العام أعني في (الفيسبوك وأخوانه)، وأجمع المناقصون الذين يحاربون نزاهة وشفافية المسؤولين «النظيفين»، على أن المبالغ التي تقاضاها رئيس ديوان المحاسبة الدكتور عبد الخرابشة عن مياوماته وسفراته الخارجية،بلغت بين(40 – 60) الف دينار وروايات أخرى أجرى بعضهم فيها مقارنات تثبت خلو عقله من أية معلومات عن أداء ديوان المحاسبة..

لم يتحدث «المزايدون على سمعة المسؤولين الملتزمين» ولا «المناقصون على سمعة الأردن» عن فواتير هاتف رئيس ديوان المحاسبة مثلا، التي لا تبلغ «شلن» في الشهر، ولا عن حجم استهلاك سيارته الحكومية من البنزين، التي لم تصل في شهر من الأشهر إلى حدود أقل فاتورة من فواتير الأمناء العامين في الوزارات والمؤسسات الأخرى، ولم يتحدث المتحدثون عن إجازات الدكتور عبد الخرابشة السنوية وغيرها، فالأيام ال30 المقررة كإجازة سنوية لرئيس ديوان المحاسبة على حالها ولم يأخذ الرئيس يوما واحدا إجازة ..هم لو تحدثوا بهذا لما وجدوا شيئا قابلا لا للنميمة ولا لابتزازنا، فأي إعلام وأي حوار عام وأي خطاب هذا؟!.

ديوان المحاسبة مؤسسة رقابية تابعة لرئيس الوزراء، هو المسؤول الأول عنها وهو من يسمح لرئيسها بالسفر، لكن لا يعلم هؤلاء لماذا يسافر رئيس ديوان المحاسبة؟ ولا يعلم أن ثمة نصوصا قانونية تلزم الأردن بحضور اجتماعات ومؤتمرات منظمات عالمية وعربية وأممية، ويحدد الحضور لرؤساء مؤسسات ذات علاقة، وفي حالة ديوان المحاسبة الأردني، فرئيسه وبمقتضى النص القانوني ملزم بحضور اجتماعات لمنظمات عالمية وأممية مختصة.

ومن هذه المنظمات التي يسافر رئيس ديوان المحاسبة لحضور اجتماعاتها ومؤتمراتها: المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة ( الإنتوساي )، فالأردن عضو فيها، وكذلك عضو في المجلس التنفيذي للمجموعة العربية لأجهزة الرقابة العليا، وعضو في المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة، وكذلك المنظمة الآسيوية لأجهزة الرقابة العليا، وعضو في المنظمة العالمية لأجهزة الرقابة العليا .. وكلها توجب على رئيس ديوان المحاسبة الحضور الدائم لاجتماعات هذه المنظمات، فتقاريرها وما يترتب على هذه التقارير يتم اعتماده من قبل مؤسسات ومنظمات دولية وأممية أخرى منها مانحة، وكذلك تؤثر هذه التقارير على تصنيفات الدول من قبل جهات ومراكز مختصة في الشفافية والنزاهة والحاكمية وغيرها..وهي التي يجب أن يسافر رئيس ديوان المحاسبة في الأردن لحضورها، فالسفر ليس نقاهة ولا سياحة ولا استطلاع آراء أو ترويج ..الخ الأعمال الفراطة التي نسمع عنها، ولا يتناقلها الناس ولا صحافة «النص كم» المعتمدة في العتمة.

وحين يتناقل هؤلاء أرقاما فلكية عن سفرات رئيس الديوان، عليهم أن يعلموا أن كل المبالغ التي تقاضاها رئيس ديوان المحاسبة خلال توليه للمسؤولية لم تبلغ 11 الف دينار عن 7 سفرات، وكل مبلغ يتقاضاه يدفع من جيبه مبلغا يساويه او يزيد عنه لنفقات السفر، فمبلغ 1500 دينار لا يكفي تذاكر سفر ولا أجرة فنادق في بعض البلدان، لكن الرجل ملزم بالحضور ولا يمكنه أن يمد يده للمال العام ليكمل نفقات سفره، فيدفع من جيبه.

يجب أن ننصف ديوان المحاسبة في عهدة الخرابشة، ولا أقول هذا دفاعا عنه وعن الديوان، فأنا لدي ملاحظاتي على الديوان وأدائه وآليات عمله وكتبت عنها انتقادا، لماذا لا يتحدث هؤلاء عن تقارير الديوان الجديدة وعن ملاحظات واستيضاحات الديوان، خصوصا حين أصبح لدينا سياسيون مناضلون، يستندون في نضالاتهم وطلبهم للشعبية على تقارير الديوان وملاحظاته ومعلوماته وأخباره التي تتقصى الأداء المثالي وتفضح التقاعس، وهي جهود موصولة يقوم بها الديوان كما نرى ونسمع ونتابع، ومعلوماتي الأكيدة بأن معاملة واحدة لا تبيت على مكتب رئيس ديوان المحاسبة الدكتور الخرابشة أو يمر يوم واحد دون أن يتابع معلومة وردته من الاعلام او غيره.

أتمنى لو يتحدث المتحدثون عن الآليات والسياسات وليس عن الأشخاص والمسؤولين المعنيين بالرقابة، لا سيما وأن تاريخهم محترم لا يقبل التشكيك، فالتشكيك بهؤلاء هو مشكلة بحد ذاته تقوض الثقة او الأمل بالثقة بالدولة وبمؤسساتها، ونحن بالطبع لا ننتظر من الغوغائيين ان ينصفوا المؤسسات فهم مسكونون بالثوران واللف والدوران، لكن المطلوب من الاعلام المهني الوطني ان يقوم بواجبه تجاه هذا الخطاب المنفلت.

أكثر من مرة كتبنا وانتقدنا التقارير الموسوعية التي يصدرها الديوان وأنها تحتاج إلى سنوات ليطلع عليها المعنيون، وقام الديوان بالفعل بالتركيز على النوع وليس على الكم في تقاريره، وهذا نوع من رشاقة وموضوعية الأداء والإنجاز، انتهجه الديوان كطريق إصلاحي لأدائه في عهد الدكتور عبد الخرابشة.

العاطلون عن العمل الذين يريدون العودة إلى سيرتهم القديمة في الدهلزة والتفويت والطبطبة، عليهم أن يبحثوا عن فرص عمل أخرى في مجالات خاصة او ليصبحوا رؤساء بلديات في أوروبا، فطاقاتهم أكبر من حدود استيعابنا واحتمالنا..

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/05 الساعة 02:24