جريمة ارتكبها المسلمون ..!
كيف يمكن ان ندعي (الحب) لرسولنا عليه الصلاة والسلام وقد عطلنا أبجدية النبوة الأولى، وهي الدعوة لتعريف الناس بالدين الخاتم، وإيصالهم هذا الذكر النبيل الذي اختصنا الله بأمانة تبليغه، واصطفانا لمهمة نشره في العالمين، وكيف يمكن ان نلوم (الآخرين) الذين لم يصلهم صوتنا اذا ما اساؤوا لديننا او انحازوا ضدنا او تقاعسوا عن إنصافنا، وهل هم (مجرمون) كما يحلو لنا ان نصفهم، أم ضحايا لتكاسلنا وقعودنا وعدم قيامنا بواجبنا الذي يقتضي تقديم (ديننا) إليهم، على حقيقته، وتعريفهم به كما هو، وإزالة كل ما اعتراهم حوله من تشويه او تدليس.
تسألني عن المناسبة؟ لدي صور كثيرة مفجعة يمكن ان أسجلها للتدليل على تقصيرنا المشين بحق ديننا ورسولنا عليه السلام - وبحق الدعوة التي جعل الله تعالى امتنا بسببها (خير امة أخرجت للناس)، لكن استأذن في الإشارة الى صورتين فقط: إحداهما التقطت في أمريكا، حيث أشار استطلاع أجراه معهد غالوب لاستطلاعات الرأي قبل سنوات، الى ان أكثر من (63%) من الأمريكيين يجهلون الدين الإسلامي، ومن بين هؤلاء %23 معرفتهم معدومة تماماً بالإسلام، و(36%) لم يسمعوا قط بالنبي محمد عليه السلام، و25% لا يعرفون اسم (القرآن الكريم)، فيما ابدى هؤلاء انطباعاتهم حول الاسلام - كما يتخيلوه - فذكر (53%) منهم انهم (دين غير جيد) وان المسلمين غير متسامحين وذكر (66%) ان معظم المسلمين لا يتقبلون الأديان الأخرى، و(81%) رأوا ان المسلمين لا يعتقدون بوجود المساواة بين الرجل والمرأة، بينما ذكر (58%) من المستطلعين ان البوذية (جيدة وجيدة جداً) و(91%) ان (الدين المسيحي جيد وجيد جدا ).
الصورة الأخرى جاءت من مؤتمر عقد في جنوب السودان استباقاً لاستفتاء التقسيم الذي جرى عام 2010، وقد عقده نخبة من المسلمين (يشكلون %20 من سكان جنوب السودان)، وعلى هامشه ذكر احد المتحدثين ان نسبة (الوثنيين) في جنوب السودان تبلغ نحو (60%) من إجمالي عدد السكان (تصور،)، (عدد الوثنيين في العالم يتجاوز عدد أتباع الديانات السماوية الثلاث) ومع الاحترام لكل المؤمنين بالأديان، فان واجب المسلمين - خاصة في هذا العصر الذي تحول فيه العالم الى قرية صغيرة - ان يصلوا الى هؤلاء وان يقدموا لهم دينهم، لا تبشيراً به كما يفعل الآخرون، وانما بالدعوة والكلمة الطيبة، لكن ذلك - للأسف - لم يحدث كما يجب (لا نقلل من جهود بعض الدعاة في هذ المجال) ولم يجد من دولنا الإسلامية ومؤسساتنا الدينية ومرجعياتنا المعتبرة ما يفترض ان يكون، خاصة ونحن نتحدث عن مواجهة التطرف، وعن اختطاف صورة الإسلام، ونتدافع جميعاً (لنصرة الإسلام) والدفاع عن رموزه ومقدساته.
حين تكون (البوذية) في أمريكا معروفة أكثر من الإسلام، وجيدة جداً حسب انطباعات الأمريكيين في الوقت الذي يرون فيه الإسلام (غير جيد) وغير معروف، وعنصري.. أشعر - وغيري كثيرون - بان ثمة جريمة قد ارتكبناها - كمسلمين - بحق أنفسنا وديننا وقضايانا.. وبان ثمة (ذنبا) كبيرا نتحمله نحن لا غيرنا.. وبأننا يجب ان نلوم أنفسنا على هذا التقصير قبل ان نلوم غيرنا ممن يجهلوننا فيبادرون للإساءة إلينا او الانحياز ضدنا.. خاصة اذا كانوا يفعلون ذلك بدافع الجهل لا تعمد سوء الفهم.. او غيره من الأسباب التي نعرفها. الدستور