اشتري قبرا 1

مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/04 الساعة 11:45
قبل ثلاثين عاماً من الآن كنت معاراً من الأردن إلى دولة الأمارت العربية المتحدة الشقيقة وعينت مستشاراً فنيا لإدخال التكنولوجيا لمنظومة الدفاع الإماراتية، وكان خبيراً في هذه المنظومة ممثلاً لإحدى الشركات العالمية الكبرى الذي وقعنا معها عقداً لشراء تلك المنظومة، وفي أثناء تسلمنا لها بعد إجراء الأختبارات الميدانية التي استغرقت ما يقارب سنة كاملة على أدائها، فقال لي هذا الخبير متبجحاً نحن الذين صنعنا التكنولوجيا ونحن سنصنع علاجاً لمنع الموت؛ فتبقى لنا الدنيا أبدية نتحكم بها ونتمتع بها كيفما نشاء. عندئذ سكت برهة،وفكرت ملياً: فأجبته عندما الهمني العزيز الغفور بقوله: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ. وأبلغته أنا الذي صنعك وصنعني هو الله سبحانه وتعالى الذي قدم الموت على الحياة تقديماً رتبياً حيث قال معظم المفسرين : أن حدث الحياة ، أو حدث الولادة يعطيك فرصتين ؛ إما أن تكون سعيداً ، وإما أن تكون شقياً ، يعطيك فرصةً كي تتعرَّف إلى الله عز وجل ، لكن حدث الموت حدثٌ مَصيريّ ، يحدد السعادة الأبدية أو الشقاء الأبدي ، لذلك حدث الموت أخطر في حياة الإنسان من حدث الولادة. لذا، فالناس مشغولون بحياتهم الدنياحيث تأخذ كل ساحة نفوسهم، هي مبلغ علمهم ومحط آمالهم ، أما حدث الموت، فهو ليس داخلاً في حساباتهم اليومية ، لذلك جاءت السور المكية لترسخ الإيمان بالله وباليوم الآخر. فالموت هذه الواقعة اكيدة بإعتبارها ساعة الموت ، حينما نُبْعَثُ لنقف بين يدي مَلِكِ المُلوك ، هل أدخلناها في حساباتنا اليومية أم أن مشاعرنا واهتمامنا وشغلنا في كسب الأموال وإنفاقها على ملذَّاتنا وشهواتنا ؟. لقد أثبتت نتائج الامتحان الدنيوي بعد أن سخر الله للانسان الأشياء والكون، وأعطاه العقل والفطرة، أنزل كلامه بكتابه على نبيه، لتدل أفعاله وخلقه عليه، ويربي هذا الكائن الحي (الإنسان) يوما بيوم، وساعة بساعة. فأيها الإنسان: هذا الرب الذي خلقك من نطفةٍ أليس بقادرٍ على أن يعيدك يوم القيامة. فالدليل القطعي لصورة الجنين في نهاية الأسبوع السادس؛ ابتعد الرأس عن الجِذع ، وتوضَّحت معالم العينين والأنف والفم ، وملامح اليدين ، والرجلين. والأسبوع كما تعلمون سبعة أيام ، فإذا ضربنا سبعة بستة فالرقم اثنان وأربعون . حيث ورد في الحديث الشريف الصحيح الذي رواه الإمام مسلم والإمام أحمد وخُرِّج هذا الحديث في كُتُبٍ كثيرة ، يقول عليه الصلاة والسلام : إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاء ((. لقد جاء هذا الحديث متطابقاً تطابقاً دقيقاً جداً مع الصوَر التي تُلْتَقَطُ للجنين وهو في نهاية الأسبوع السادس. هذه الروح ساعةٌ عصيبة ، يجب أن نُدخلها في كل حساباتنا اليومية. وبقي صاحبنا غارقاً في حلمه يبحث في فضاءه الواسع عن معالجة ذاك اليقين السرمدي الموت ولم تفلح رسائلي له أن الموت مكتوب عنه منذ الآزل أن كل الكون والكائنات الحية والكواكب وكل شئ في هذه الدنيا فاني وهالك وميت بإستثناء الخالق الله سبحانه وتعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ. وإلى اللقاء التالي في شراء القبر لاوائنا القادم.
  • الأردن
  • عربية
  • مال
  • يومية
  • نتائج
  • صورة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/06/04 الساعة 11:45