التطوير السياسي بين التنظير والتطبيق

مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/05 الساعة 00:58
د. خالد الشقران
تتباين المناهج والمقاربات المتبعة في عمليات التطوير والتحديث السياسي من مجتمع إلى آخر بحسب طبيعة النظام السياسي وتركيبة المجتمع وبناه القيمية والثقافية والاجتماعية وطبيعة وخريطة التيارات السياسية المتواجدة فيه واتجاهاتها الفكرية ومشاربها وانتماءتها السياسية.

وانطلاقاً من أن هدف أي عملية تطوير سياسي زيادة قدرة النظام السياسي على التكيف مع التغيرات والتحولات السياسية والمجتمعية اضافة إلى إنشاء هيكليات سياسية ومؤسسات وعلاقات ارتباطية وتفاعلية ما بين الحكومات والمجتمع بكل تكويناته، فمن الطبيعي ان تكون عملية إنشاء أو تعديل التشريعات القانونية وحتى الدستورية عند مقتضيات الضرورة من الأساسيات المطلوبة في عمليات التحديث والتطوير السياسي.

على أن نقطة البداية في تحقيق الإنجازات الحقيقية في هذا المجال إنما تكون من خلال استعداد ممثلي التيارات السياسية والمجتمعية وجاهزيتها الفكرية والمعرفية للدخول في عمليات حوار معمق ومتعدد الأبعاد والاتجاهات والآراء تستهدف بالدرجة الأولى تحقيق المصلحة العامة للدولة والمجتمع بما يضمن المزيد من التطوير والبناء التراكمي المفضي الى تحقيق تقدم واقعي وملموس في البنى المؤسسية والتشريعية والعملية والممارسات الديمقراطية بشكل ينعكس بشكل إيجابي ويخدم سير وتطور الحياة السياسية برمتها .

في عمليات التطوير المرتبطة بالحياة السياسية والاقتصادية وكذلك الحريات العامة ثمة فرق شاسع ما بين عمليات التنظير والتأطير والتأصيل القائم على المقترحات النظرية المجردة التي قد تبدو للناظر او المستمع من بعيد سهلة التطبيق وبين الممارسة العملية على الأرض تحتاج إلى أكثر من مجرد تعمق في بحث المنهجيات والمقاربات التي يمكن أن تناسب المنظومة المعرفية والقيمية والفكرية للمجتمع والدولة والتي قد لا تناسبها الطروحات والمقترحات الفكرية المستوردة او الجاهزة باعتبارها ممارسات غريبة عن منظومتها القيمية والسياسية والاجتماعية أو لا تتوافق معها.

وحتى نكسب جولة جديدة من البناء والتطوير المؤسسي والتشريعي والبنيوى التي يمكن توظيفها في خدمة دولتنا ومجتمعنا فلا بد من ان ترتبط الاولوية القصوى لدى كل المشاركين في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بضرورة التوصل الى نتائج واقعية تخدم مسار عملية الاصلاح والتطوير السياسي والاقتصادي وما يتبع ذلك من أطر تشريعية ودستورية تسهم بشكل مباشر في تحقيق تقدم قيمة مضافة في الحياة السياسية والعملية الديمقراطية يخدم واقعنا السياسي الاجتماعي ومستقبل الأجيال القادمة.

وانطلاقاً من الايمان بأهمية وآمنية عمليات البناء التراكمي المتدرج لتطوير الحياة السياسية والديمقراطية للمجتمعات والأمم فإن من العقلانية بمكان أن يتم النظر باحترام إلى ما ستفضي إليه جهود اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من نتائج وتوصيات مهما كان شكلها وحجمها وطبيعتها على أنها تشكل لبنة أساسية وضرورية في البناء الديمقراطي والحياة السياسية الأردنية التي قدمتها ثلة مقدرة من أبناء الوطن وتياراته الفكرية والسياسية والمجتمعية يمكن البناء عليه وقابل للتحديث والتطوير مجدداً في المستقبل بما يحقق المصلحة العامة للدولة والمجتمع.

kshogran@jpf.com.jo

الرأي
  • تعديل
  • قانون
  • اقتصاد
  • الملك
  • نتائج
  • تقبل
  • الأردن
مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/05 الساعة 00:58