تضليل الرأي عندما يخونك الذكاء العاطفي

مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/04 الساعة 12:28

كتب: امجد صقر الكريمين
يلعب الإعلام دوراً مهماً فى تشكيل الوعي والإدراك لدى المشاهدين والقراء والمستمعين ومتابعي شبكات التواصل الاجتماعي، بل يمكن اذا تم استخدامه بطريقة علمية منظمة ومخططة ان يكون بمثابة المحرك والمسيطر على عقول الجماهير بمختلف فئاتهم، مثال قطعة الصلصال التى لعبنا بها فى فترة طفولتنا عندما كنا نشكلها بسهولة حسب الشكل المرغوب فيه، فعقل الجمهور هنا هو بمثابة قطعة الصلصال التى يمكن تحريكها والتحكم فيها بل السيطرة عليها واقناعها بفكرة او خلق حدث ما او موقف محدد وترغيب أو ترهيب الجمهور من التفاعل معه او تشتيت من رأي الى آخر.
ما اود الذهب اليه هو ان الاعلام قادر على خلق الشعور بالسعادة والتفاؤل لنفسك، وايضا لمن حولك وهو ما يسمى “الذكاء العاطفي".
لذلك تعلمنا ان نظرية العقل تكمن بتقديم المادة الإعلامية الخاصة القائمة على معرفة جمهورك المستهدف، وحالته النفسية وفئاته العمرية، وكذلك ما تريد ان يصل إليه من معلومة بالطبع بهدف التفاعل معها ويؤمن بها  لدرجة كبيرة "تعديل سلوك"، لذلك لابد ان تدخل داخل عقله لتتعرف على ما يفكر به والمشاعرالتى تسيطر عليه والأسئلة التى تدور أو ستدور فى عقله اثناء تفاعله مع المادة الإعلامية التى ستقدمها وهذا يقود الى أهمية الدورة التي عقدت مؤخرنا بعنوان جراحة العقل لخبير التنمية البشرية الدكتور جاسم المطيري التي كان لها الاثر في كتابة هذا المقال.
بهذا وجب على الناطقين الاعلاميين او المتحدثين الرسميين التعرف على “نظرية العقل” التى تفسر سلوك الآخرين، وتمكنهم من التنبؤ ومعرفة رد فعل الجمهورعلى الرسائل الإعلامية حتي قبل رجع الصدى.
تشكيل الرأي العام اليوم تغير شكلا ومضمونا في ظل تمكن وسائل الإعلام خاصة المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي من  لعب دور نقل المعلومة أو عرضها للتحكم فى الأحداث سواء بتضخيمها وإشعالها على الأرض أو التقليل من أهميتها وتغيير اتجاهها وتقليل نسب التفاعل معها وفق المزاج العام ، وفى نفس الوقت لا يتمكن الجمهور من التوصل لمحرك تلك الأحداث أو المتحكم فى طريقة عرضها، وهو ما يغير دور تلك الوسيلة من مجرد عرض الحدث إلى الموجه والمسيطر عليه وتشكيل الرأي العام سواء المحلي أو حتى الدولي وحشد التأييد اللازم للهدف المطلوب تحقيقه.
اليوم في ظل الاحداث الدولية والمحلية نجد ان هنالك قدرة رهيبة في استخدام شعارات براقة لتضليل الرأي العام واستخدام تعبيرات وصور ورموز حماسية لاستغلال حدث ما بهدف الاستفادة من تأثير الربط النفسي مع الجمهور والاقتراب من حدسه العاطفي والانطلاق من الحيز الضيق للخروج للنطاق للأوسع في التبرير وتمرير الافكار بهدف حشد الرأي العام، منها إطلاق بالونات الاختبار لقياس الرأي العام او افتعال قصص أو نظريات غير حقيقية أو التلاعب بالحقائق لخدمة مصلحة ما وتحويل الانتباه من موضوع رئيسي للهروب لموضوعات فرعية او هامشية تشتت الفكر عن السياق الرئيسي للموضوع المطروح للنقاش.
أدى ظهور وسائل التواصل الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي ليس فى ثورة بوسائل الاعلام فقط بل فى علم النفس الاعلامي وهنا لا بد من الحديث عن تجارب علمية واقعية تم تطرق اليها في مادة علم النفس الاعلامي مع الدكتور سليم شريف للتحقق من صدق نظرية العقل ودوره فى تشكيل الفكر العام وقياس نبض الجماهير، وثبت التحول من أحادي الجانب الى تفاعل مع أطراف متعددة بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وقدرة الجمهورعلى خلق الأخبار ومشاركتها بل التدخل فيها وتغيير مسارها فى العديد من الأحيان، وتلخص نظرية التأثيرات النفسية لوسائل الإعلام انه سوف يستجيب الجمهور بنفس القدر لما يتفاعلون معه من مادة إعلامية بمعني اذا كان هناك مشاهد أو أخبار تحتوي على عنف متزايد سوف يخلق ذلك عنف مماثل لدي الجمهور على أرض الواقع.
وتلخص هنا نظرية التأثيرات الاعلامية ان وسائل الاعلام يمكن ان تسيطر على الجمهور وتتحكم به، وتثير محفزاته سواء بالسلب أو الايجاب وتؤثر عليه وتحاصره بشكل شمولي، وتسيطر على عملية تشكيل أفكار الرأي العام، لذلك استطاع المجتمع الافتراضي مؤخراً تعديل او تغيير السلوك الاجتماعي جراء ردات الفعل حيال الاحداث التي نشهدها على الساحة المحلية.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/04 الساعة 12:28