قطر.. والسر
مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/03 الساعة 09:42
مدار الساعة - كتب: الدكتور عبدالمهدي القطامين
قبل البدء في كتابة هذا المقال انا على ثقة ان البعض سيتصيد بعض ايحاءات المقال وربما ان بعض المهووسين سيقول ان رائحة الدولار تفوح منه لكن وكما يقول المثل الشعبي "هذا شليلي وهذي يدي ستظل بيضاء من غير سوء" فما اعتدت يوما ان اقايض ما اكتب بما قد يأتي فتلك لها رجالها ولها اقلامها ولكن هي إشارة الى دولة وجدت انها تستحقها عن جدارة..(للتوضيح فقط)
ثمة الكثير من الحكايا التي ينبغي انصافا للحقيقة ان نقولها عن قطر الدولة الصغيرة التي تقع على كتف الخليج والتي تحتل المركز الثالث عالميا في مستوى دخل الفرد ففي اخر إحصائية بلغ دخل الفرد القطري ما يقارب 102 الف دولار تليها مباشرة الولايات المتحدة الامريكية ب 101 الف دولار ..
وحسب اخر الاحصائيات لتعداد السكان والتي تمت في يناير 2021 فقد بلغ عدد السكان داخل دولة قطر نحو 2.669.000 نسمة (مليونين و669 ألفا)،.تمثل عدد الأفراد من كافة الأعمار (قطريون – غير قطريين) داخل حدود دولة قطر حتى يوم 31 يناير 2021.
ولا تشمل هذه البيانات القطريين خارج حدود الدولة كما لا تشمل غير القطريين ومن لديهم إقامة وكانوا خارج حدود الدولة.
قبل عام زرتها لأول مرة ويفاجأ الزائر لقطر بحجم الانشاءات الكبرى التي تتم في الدولة فهي تخضع لإعادة تشكيل معماري جديد وبنية تحتية تحولها الى دولة ذات طراز معماري فريد يستمد الكثير من التراث العربي الإسلامي في الشكل المعماري والبنيان.
قطر استطاعت ان تنهض من مشيخة صغيرة على اطراف الخليج الى مصاف الدول الاقليمية المؤثرة في الاحداث والفاعلة في كافة قضايا المنطقة واستطاعت هذه الامارة ان تحصد المركز الاول عالميا في مستوى دخل الفرد واستطاعت ان تكون الدولة الاولى في منطقة الشرق الاوسط التي تستضيف بطولة كأس العالم في كرة القدم واستطاعت ان تبني محطة اعلامية هي الجزيرة التي حلقت في سماء الاعلام لتنافس بجدارة كبريات شبكات الاعلام العالمية وتتفوق احيانا عليها بمهنية عالية واستطاعت ان تكون الوسيط الفاعل في ملف الإقليم المؤرق الملف النووي الإيراني وفي ملف طالبان والاميركان وبين حماس ومختلف قوى العالم بعد معركة سيف القدس وتثبيت وقف اطلاق النار ووقف العدوان الهمجي الإسرائيلي على فلسطين وغزة وكانت قناة الجزيرة المحطة العربية الموجودة لنقل الحدث على مدار الساعة وقاتلت كما قاتل ابطال غزة تماما واعادت للوجدان قضية كادت ان تنسى في زحمة البحث عن خيار التطبيع سيئ الصيت.
في سوق يدعى سوق (واقف) في قلب الدوحة ثمة ما يغوي العشاق هناك فالسوق الذي يعج بألاف مؤلفة من البشر في نهايات الاسبوع وفي الايام العادية هناك ترى جنسيات اغلب الدول ثمة شاب اردني هناك يعمل في وزارة الدفاع ينتظر زميله الاخر وقد تواعدا على تناول وجبة الفول والحمص والفلافل في مطعم يقع على ناصية السوق وثمة رجل اعمال كندي يجلس على قهوة تتسيد المشهد ينتظر شريكه لإعداد الحسابات الخاصة بمشروعهما المشترك كابتن طيار من جنسية استرالية رأى في سوق واقف مكانا مناسبا لامضاء بعض وقته قبل موعد الإقلاع بطائرته الى ما وراء البحار وثمة الكثير من المواعيد التي تضرب والمكان سوق واقف الذي اصبح علامة مميزة لكل من يقصد ان يلتقي صديقا او عزيزا عليه.
المثير في امر قطر ان سيادة القانون واضحة وعلى الجميع دون استثناء وتستطيع البقاء في قطر اشهراً وسنوات دون ان يستوقفك شرطي او رجل أمن ما لم تخالف القانون اما اذا خالفت فستجد ان الشارع كله يصبح رجال امن وستدفع ثمن مخالفتك للقانون وعلى الفور ومن النادر جدا ان ترى بعض مخلفات المتنزهين في الاماكن والحدائق العامة فهناك مخالفة مالية باهظة على كل من يلقي ولو عقب سيجارة يدفعها على الفور .”
تحضيرات كاس العالم في قطر مذهلة الى حد بعيد ومنها ان كافة ملاعب الكرة ستكون مكيفة لتوفر الطقس الملائم للاعبين بل ان احدهم اخبرني ان بعض الشوارع القريبة من الملاعب ستكون ايضا مكيفة ووصل التحضير لاستقبال رواد وعشاق الكرة الى تجهيز سفن بالكامل ترسو في الخليج لتكون مقرا للاعداد الهائلة من الزوار القادمين الى قطر في فترة البطولة حيث ان الغرف الفندقية لن تستطيع استيعاب الاعداد المتوقع حضورها للبطولة .
خطاب القطريين دافيء لكل من جاء بلادهم فهم حريصون على ان يكون الزائر كالمواطن يتمتع برفاه وحرية اقتصادية وحرية عمل تحت مظلة القوانين الناظمة للعمل اما اذا اخطأ الوافد وتعمد مخالفة القانون فهناك لا مجال للمناقشة عليك ان تحزم حقائبك وترحل بل وربما لا يكون لديك المتسع الكافي من الوقت لحزمها .
أخيرا ربما لا أذيع سرا اذا قلت ان سر تقدم هذه الامارة ليست الأموال الضخمة المتأتية من النفط والغاز اللذان يشكلان عمود الاقتصاد الوطني فيها بل جاء من التوزيع العادل للثروة والاهتمام بتنمية الانسان فيها واتباع سياسة إقليمية دولية عقلانية جعلت من الامارة دار حكمة ومن اهل الحل والعقد كما يقول المثل الشعبي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/07/03 الساعة 09:42