مع فلسطين ولأجلها
الذين استهدفوا حركة فتح مخطئون، والذين نادوا باستقالة الرئيس محمود عباس ورحيله، حتى ولو كانوا محقين، ولكنهم لم يتصرفوا ببعد النظر، ومن ضيقي الافق، لأن حركة فتح ما زالت الفصيل الفلسطيني الرئيسي كانت ولا تزال، حتى ولو تحولت حركة حماس لأن تكون شريك أساسي ومهم، لا يقل عن حركة فتح اهمية وتطلعا.
الرئيس الفلسطيني نتاج تاريخ حركة فتح ورئيسها، وهي التي تُقرر له البقاء أو الترشيح أو الرحيل، وعلى ارضية هذا الفهم وهذه النتيجة تم الاتفاق الثنائي بين فتح وحماس في اسطنبول يوم 24/9/2020، لأن يبقى ابو مازن رئيسا، ويتم تجديد شرعيته، وأن يكون المرشح الوحيد بين الفصيلين، وخلاف ذلك لا تأثير للمعارضين لهذه الخلاصة السياسية الواضحة المفترض أنها جلية.
حركة فتح ما زالت لا تستكين في مواجهة الاحتلال من أجل مواصلة النضال، واستكمال رحلة أول الرصاص أول الحجارة، رغم انحياز قيادات معتبرة من بين صفوفها نحو العمل الوظيفي، وتحولوا ليكونوا أسرى الامتيازات والمرابح والنفوذ والمكاسب الأنانية الذاتية الضيقة.
ولكن قواعد فتح وكوادرها المناضلة النظيفة لا يجوز ان تُخطئ، وأن لا تقع بالمحظور كما فعلت، ودافعت عن سلوك الأجهزة الأمنية وتسلطها على جمهور المحتجين من أبناء شعبهم وتمادت في سحل الشباب والصبايا في الشوارع، بدل حمايتهم من الأذى، وتصون مسيراتهم الاحتجاجية بدلاً من التنكيل بهم بالهراوات، فماذا أبقت هذه الأجهزة لشعبها من كرامة حتى يواصلوا مواجهة المستعمرة وأجهزتها؟؟.
من المعيب حقاً أن هذه الأجهزة تفعل ذلك في نفس الوقت الذي تقمع خلاله سلطات الاحتلال شعب فلسطين في القدس وبيتا وكفر قدوم والعديد من مواقع المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية، ويتم اعتقال أكثر من 2300 مناضل فلسطيني من أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة لدورهم المشرف في انتفاضة القدس خلال شهر رمضان، على يد أجهزة الشاباك وحرس الحدود.
قرار سياسي أمني خاطئ يفتقد للحكمة وسعة الصدر الذي استهدف المعارض الفلسطيني نزار بنات على خلفية إطالته اللسان، ومعاقبته بالتصفية متعمداً، أو لقسوة منفلته، غير منضبطة، فالنتيجة واحدة تم قتله على يد أجهزة الأمن، وسجلت على نفسها الخطيئة، وتجاوز الحدود، والوقوع بالمحذور، وما لا تُحمد نتيجته وعقباه.
استقبال جلالة الملك للرئيس الفلسطيني في عمان قُبيل الزيارة الأردنية الهامة لواشنطن، تدلل على الخيار الأردني أن محمود عباس ما زال الرئيس الشرعي، يتم التعامل معه واستقباله بما يليق به كرئيس للشعب الفلسطيني، مثلما تدلل أن الملك عبدالله الثاني وفياً، سيحمل الملف الفلسطيني معه لواشنطن، ويضعه على طاولة المفاوضات مع الإدارة الأميركية الجديدة، لعلها تفتح ثغرة بالجدار المغلق، بسبب: 1- الانحياز الأميركي المسبق للمستعمرة الإسرائيلية، 2- الانقسام الفلسطيني ومسبباته في إضعاف الحضور والتأثير المطلوب، 3- الحروب البينية العربية التي دمرت قدرات العرب وأضعفت أغلبية عواصمهم.
لا خيار أمام الأردن سوى الانحياز لفلسطين، ودعم صمود شعبها، وإسناد حركته السياسية، واستمراريتها حتى ينتزع حق المساواة والاستقلال والعودة، هذا هو الخيار الذي يسكن ضمير الأردنيين، لن يضعف ولن يتراجع. الدستور