اَلْقِيَادَة اَلْأُرْدُنِيَة لاَ وَلَمْ وَلَنْ تُغَيِّر مَبَادِئُهَا
لقد تبنت القيادة الأردنية أباً عن جداً منذ إن أطلق الشريف الحسين بن علي طلقة واحدة من بندقيته، وكان ذلك قبل فجر يوم التاسع من شعبان 1334ه الموافق 10 يونيو 1916م في مكة المكرمة وكان لدوي تلك الطلقة صدى في جدة والطائف والمدينة.
وامتدت الثورة ضد العثمانيين بعد إخراجهم من الحجاز حتى وصلت بلاد الشام، وإسقاط الحكم العثماني فيها، وفي العراق، وذلك نتيجة للسياسة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، والتي تمثلت بالتجنيد الإجباري، ومصادرة الأملاك والأرزاق، ومن ثم مجاعة 1915. وكان من أهداف الثورة العربية الكبرى إقامة دولة عربية، أو اتحاد دول عربية يشمل شبه الجزيرة العربية نجد والحجاز على وجه الخصوص وبلاد الشام عدا ولاية أضنة التي اعتبرت ضمن سوريا في ميثاق دمشق مع احترام مصالح بريطانيا في جنوب العراق وهي المنطقة الجغرافية التي تبدأ في بغداد وتنتهي بالساحل الشمالي للخليج العربي.
وبعد إنتصارات الثورة العربية الكبرى اتجه الرأي لإقامة اتحاد أو تحالف دول عربية بدلاً من دولة عربية واحدة، على أن يرأسه الهاشميون، فيكون الشريف الحسين بن علي ملكًا لشبه جزيرة العرب، والأمير فيصل ملكًا لسوريا، والأمير عبد الله ملكًا للعراق، إلا أنّ عداء الفرنسيين للأمير فيصل، واحتلالهم سوريا، منعه من تحقيق غايته، فتوّج ملكًا على العراق، وتمكّن الأمير عبد الله من انتزاع تاج الأردن بوصفه سوريا الجنوبية وما فتِئ يطالب بمشروع سوريا الكبرى حتى وفاته. وأما الشريف الحسين بن علي، فقد زالت مملكته في الحجاز عام 1926 على يد آنذاك السلطان عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود وقد فقدت عشيرة الخماش دفاعاً عن الهاشميين في الحجاز ما يقرب من ستة آلاف رجل كما ذكر الدكتور محمد الفرا مندوب الأردن الدائم لدى الأمم المتحدة خلال عامي 1967 و 1968م في مذكراته.
وما زالت تعتبر مبادئ الثورة العربية الكبرى حتى وقتنا الحاضر من أبرز تجليات القومية العربية بشكلها المعاصر، وشكّلت محطة مفصلية في تاريخ المنطقة، ووعيها، ولا تزال ألوان علم الثورة العربية الكبرى، أساس أعلام عدد كبير من الدول العربية والحركات السياسية فيها. فقد أستشهد الملك عبدالله بن الحسين في المسجد الأقصى في القدس الشريف دفاعاً عن مبادئه وتبعه جلالة الملك طلال بن الحسين الذي صارع المرض حتى توفاه الله دفاعاً عن مبادئه أيضا ومن ثم تبعه جلالة الملك الحسين بن طلال المعظم رحمه الله والذي إستمر في الدفاع عن مبادئ الثورة العربية الكبرى في جميع المحافل الوطنية والإقليمية والعالمية حتى توفاه الله بعد صراع مع أشرس الأمراض. وتولى المسؤولية بعد وفاة الملك الحسين بن طلال رحمه الله نجله الأكبر عبدالله الثاني ابن الحسين في ظروف قاسية وعواصف وأعاصير شديدة تجتاح المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وإستمر على مبادئ أبائه وأجداده رغم كل تلك الظروف والضغوطات الاقتصادية والسياسية... من قبل عدد كبير من الدول العربية والإقليمية والعالمية لتغيير مبادئه ورغم المؤامرات من قبل القريب والغريب. وقد قالها جلالته في أكثر من مؤتمر وأكثر من لقاء صحفي وخطاب موجه للشعب الأردني والأمة الإسلامية والعربية ثلاثة لآت وهي: لا للتخلي عن القدس، لا للتوطين، ولا للوطن البديل، وهذه مبادئ مشتقة من مبادئ الثورة العربية الكبرى، ولا ولم ولن يتخلى عنها جلالته. ولم تنجرف السياسة الأردنية لا مع إتفاقيات أبراهام ولا مع صلاة يوم الخميس الموحدة بين اليهود والمسيحيين والمسلمين التي تم الإعلان عنها من قبل بعض الدول العربية. وبإختصار شديد لا ولم ولن نعهد في عالمنا الإسلامي ولا عالمنا العربي ولا العالم بأسره قيادة تمسكت وتتمسك وستتمسك بمبادئها كالقيادة الهاشمية.