فقدان حليب الحساسية أخطر من الـ«كورونا»
لا أحد يقلل من أهمية الانشغال الكامل لوزارة الصحة والقطاعات الطبية الأخرى بوباء كورونا. لكن أحدا لا يستطيع أن يجزم بأن متطلباتنا الصحية تقتصر على محاربة ذلك الوباء. فهناك متطلبات تمتد إلى مجالات عديدة، قد يكون بعضها أشد خطراً من «الكوفيد».
من ذلك قضية فقدان الحليب الخاص بأطفال الحساسية التي لم أكن أعتقد أنها بمثل تلك الخطورة، وذلك التشعب. فقد كتبت ما وردني من معلومات على صفحتي، لتنهال الاتصالات وليتبين أن القضية أشد خطراً على حياة الأطفال المعنيين، وأكبر عبئاً على جيوب أولياء أمورهم.
وكشفت القضية عن خلل كبير يمتد ما بين وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء والتأمين الصحي وغيره من جهات معنية بالأمن الدوائي، وبتوفير كل ما يرتبط بحياة أطفالنا.
بدأت القصة بشكوى تتعلق بفقدان أحد أنواع الحليب المخصص للأطفال المصابين بالتحسس «نيوكيت»، وبارتفاع أسعاره أصلا، وعدم صلاحية البدائل للكثير من الحالات. لكنها تطورت إلى تفاصيل مثيرة، من بينها حدوث سوق سوداء لذلك النوع من الحليب.
ففي حين كان سعر العبوة الواحدة التي تكفي الطفل لما بين 3 - 4 أيام، 25 دينارا، أقسمت سيدة أنها حصلت عليها بسعر أربعين دينارا. وقالت أخرى إن الاسرة قامت - مضطرة - بالبحث في كل صيدليات محافظات المفرق والزرقاء وجرش، وكانت محصلة الجولة عبوة واحدة.
قصة هذا الحليب كما روتها أمهات يتألمن نتيجة فقدان هذا النوع من الحليب، وعدم ملاءمة أي بديل لحالات أطفالهن، تتلخص بالتزام وزارة الصحة بتوفير جزء من متطلبات الأطفال المرضى للسنة الأولى التي تعقب ميلادهم. وتترك ذويهم يتحملون أعباء تأمينه للسنوات اللاحقة، وبكلفة تصل إلى ما بين 200- 300 دينار شهريا للطفل الواحد. وقد يتضاعف الرقم فيما إذا شح المنتج في الأسواق.
والأخطر من ذلك أن المنتج قد فقد من الأسواق، وتوقفت وزارة الصحة «مستشفى البشير» والخدمات الطبية الملكية «مدينة الحسين الطبية» عن صرف أية كميات بسبب عدم توفره. في حين حاولت بعض الأسر تغيير نوعية الحليب إلى منتجات أخرى مثل حليب فول الصويا وغيره، بناء على نصائح طبية، فكانت النتائج سلبية، وتشكل خطراً على صحة الأطفال. بينما حذر أخصائيون من تلك الخطوة بالنسبة لبعض الحالات، وأكدوا أن اللجوء إلى البدائل لن يكون مأموناً في الكثير من الحالات تبعا لتفاصيل الحالة المرضية.
ومع أن بعض الأمهات أشرن إلى معلومات غير مؤكدة حول احتمالية توفير كميات وطرحها في الأسواق على وجه السرعة، إلا أنهن يطالبن بأن تحرص وزارة الصحة ومؤسساتها على إلزام الوكيل بتوفير تلك المواد باستمرار في الأسواق.
كما يطالبن بتأمين الأطفال المرضى بالحساسية بهذا النوع من الحليب، بكميات كافية، ولفترات تمتد حتى مرحلة الفطام. خاصة وأن الكثير من الأسر لا تملك ما يكفي لتلك النفقات. وأن يتم تسهيل عملية الصرف بدلاً من اقتصارها على مشفيي البشير والمدينة الطبية.
Ahmad.h.alhusban@gmail.com
الرأي