السياحة تحتاج وزيراً مقاتلاً يخوض معركتها
قبل ايام نشر الزميل خليل الفراية من العقبة خبرا سارا ومفرحا عن قدوم طائرة روسية تقل 220 سائحا . وذلك بعد انقطاع طويل لعودة حركة المطارات وعودة السياحة .
وفي المقابل لو جرى رصد لحركة المسافرين القادمين والمغادرين للحدود البرية والجوية الاردنية، لاكشتفنا رقما مرعبا ومسكوتا عنه لاعداد من العرب والاجانب الذين قدموا للاردن بقصد الاقامة السياحية وغادروا على وجه السرعة، لانهم اكتشفوا بيئة وظروفا عامة في الاردن غير مشجعة على السياحة .
وانصح في هذا الباب وزير السياحة لو يخاطب ادارة الاقامة والحدود ، ويستعرض بيانات حركة القادمين والمغادرين الى الاردن خلال اخر 45 يوما .
الحياة امنة ، والمخاوف الصحية تبددت ، وغيمة كورونا انقشعت اردنيا واقليميا ودوليا . وما قد بقى للاردن فرصة ضئيلة لاستغلال والاستفادة من عودة السياحة وسياحة الصيف . ومن يخسر موسم السياحة الان لم تعد اليه السياحة في الاعوام القادمة بسهولة ، وهذه المعادلة يعرفها خبراء السياحة.
في دول الجوار العربي والاقليمي شرعت ابوابها ومعابرها ومطاراتها لاستقبال السواح . وابلغني صديق قادم من شرم الشيخ ان نسبة الحجوزات وصلت الى 70 % ، وهو رقم سياحي قياسي مقارنة مع العام الماضي من عمر كورونا ، ويضاف الى ذلك فان تركيا رفعت كل المحذروات وموانع السفر ، ومطاراتها تستقبل يوميا مئات الاف المسافرين .
عاملون في القطاع السياحي اكدوا ان هناك عروض حجوزات كثيرة لسواح من دول اوروبية واسيوية مصنفة وبائيا « خضراء « . والخوف ان ينسى السواح ومروجو السياحة الاردن ، وان يرفعوها عن الخريطة السياحية الاقليمية . وهذا التخوف مبرر ومعقول ، وتعرفون ان المنافسة السياحية في الاقليم على اشدها، ولا يعقل ان نبقى نفكر اردنيا في طرق واطر تقليدية.
لماذا لا نقول للعالم في هذه اللحظة ان الاردن وجهة سياحية امنة؟ وهي حقيقة دون مبالغة ، وما يؤكدها حتما ارقام الاصابات اليومية ومؤشرات كورونا الماضية نحو الانحدار والاختفاء ، والى جانب نجاعة ورشد الاجراءات الصحية والوقائية والارشادية التي اتبتعها الدولة في التعامل مع الوباء.
فرصة اقتصادية عظيمة.. ولا اعرف الحكومة ماذا تنتظر وعلى ماذا تعول في التعامل مع تداعيات الازمة الاقتصادية الطاحنة والخانقة ؟ فرصة لتعويض ما وقع من خسائر مالية ، واضافة الى استنهاض فرص المستقبل والتطلع نحو اقتصاد سياحي اقوى ، وتعود السياحة كسابق عهدها.
هئية تنشيط السياحة خائفة ومترددة، وكان الامر لا يعنيها. وسمعت قبل ايام تصريحات بنبرة وضمير واحساس طبيب وبائيات . وهذا سر اردني غريب ، كل المسؤولين فجاة تحولوا الى اطباء وخبراء اوبئة ، وفي حين اطباء وخبراء الاوئبة يبثون خطابا مطمئنا ومريحا عن كورونا، يخرج مسؤولون رسميون يتكلمون عكس ذلك.
وزير السياحة في القرارات الاخيرة لعودة تشغيل المنشات السياحة، حرم منشات من حقها الشرعي بعودة تشغيلها كقريناتها. وميز بين منشاة سياحية واخرى دون مبرر موضوعي ومنطقي . منشات مغلقة وتنتظر حتى الاول من ايلول للسماح بعودة تشغيلها ، ومنها بارات وديسكوهات ، وفيما تحولت مطاعم سياحية سمح لها بالتشغيل الى بارات وديسكوهات ، قرار غريب ، ومفارقة لا احد قادر على تفسير وفهم سرها .
عاملون ومستثمرون في القطاع السياحي بلغوا شفير الهاوية. وفرصة التعافي وعودة الحياة للقطاع السياحي خسرها الاردن . افتحوا الحدود والمطارات ، والمنشآت السياحية دون تمييز ، وارفعوا المحاذير واقروا اجراءات ذكية ومرنة ، واتركوا الناس يعيشون.
وما اراه وقد يتفق معي كثيرون ان السياحة بحاجة الى وزير مقاتل يخوض معركتها، لنحمي ما تبقى من اقتصادها ولنضمن الاستفادة من اي فرصة مستقبلية .. الاردن معافى ، والمطلوب معرفة كيفية تسويق صورة الاردن في العالم ، والمطلوب ايضا وزير يقاتل من اجل السياحة ، وكيف يخطف القرار من اعداء السياحة والحياة.