هذا خطأ كبير أرجو أن نستدركه
مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/23 الساعة 01:14
ما حدث في عالمنا العربي هو أن السلطة استأثرت بكل شيء، ولكي تضمن استمرارها وتحافظ على امتيازات النخب التي تدور في فلكها، توجهت إلى تأميم المجتمع وإخضاعه، وبدل أن تستثمر فيه وتنميه، تعمدت تجفيفه وتجريفه، وانشغلت بالعبث في نواميسه، سواء من خلال إشاعة الكراهية بين مكوناته، أو تهجير كفاءاته، أو ضرب رموزه أو إفقاره.
تحت سطوة الإحساس بالقهر انفجر المجتمع، وكان يمكن أن نشهد تحولات جادة وصحيحة في إطار إعادة بناء العلاقة بينه وبين السلطة وصولا إلى تأسيس الدولة، لكن هذا الانفجار أفضى (لأسباب داخلية وخارجية) إلى حالة من الفوضى كان عنوانها العنف والتطرف ، وبالتالي خسرنا فرصة «التصحيح» ، وأصبحنا أمام مرحلة من الهدم ، وأخشى أن أقول بأنه لا يوجد في الأفق على المدى المنظور، مع غياب الكتلة التاريخية القادرة على إنتاج مشروع البناء، أية بارقة أمل لاستنهاض المجتمعات مرة أخرى، او توجيه الجسد للخروج من الفوضى والتوحش واليأس إلى التعقل والتصالح ، او تكرار واقعة الانفجار بصورة أفضل وإرادة اكبر.
في ظل تفكك المجتمع ، كان طبيعيا أن تنهار الدولة بسرعة، وان يتسيد المشهد «الفاعلون» الذين عانوا بشكل او بآخر من قهر السلطة، سواء أكان هؤلاء يمثلون ميليشيات ذات ولاءات ممتدة، او طوائف تشعر بالمظلومية والتهديد،او نخب سياسية وجدت أن مصالحها تتقاطع مع بقاء الوضع على ما هو عليه وان التغيير سيجردها من امتيازاتها، فيما وجد الآخر ، الإقليمي والدولي، ان ثمة فراغا نشأ بعد سقوط الدولة فسارع إلى ملئه، وما كان ذلك ليتم بهذه الصورة المفزعة لو أن المجتمعات تتمتع بما يلزم من عافية، او أنها محصنة اجتماعيا وثقافيا لمواجهة عواصف الكراهية المحملة على مراكب الدين والطائفة والمذهب، وقبل ذلك مركب السياسة.
إن كثيرا من الأسئلة التي نتداولها اليوم حول غياب الحكماء او انتشار جراثيم التطرف ، او ضعف المؤسسات التي تشكل بنية الدولة ، او تراجع أصوات الاعتدال ، او جنوح الشباب نحو الوقوع في غواية التوحش، او ما يحدث من انشقاقات داخل الأحزاب والحركات ، وغيرها من أسئلة الفوضى التي أنتجت المشهد المفزع الذي نراه يتمدد في عالمنا العربي ، كلها لها إجابة واحدة وهي ان مجتمعاتنا أصبحت»مريضة» تماما، وبالتالي فان العقاقير التي نصرفها من اجل معالجتها تذهب بنا إلى صيدليات التخلف وربما التشظي و الصدام ، والسبب هو أن ما أنجزناه على امتداد العقود الماضية انصب في «خانة» القبض على روح المجتمع وزرع الألغام داخله وتحويله إلى مجرد «هياكل» مفرغة من مضامينها، وأجساد تتحرك بلا استبصار وبلا آمل ..وبلا رؤوس أيضا.
الآن لا بد أن ننتبه إلى أن المهمة التي يتوجب على الدول القيام بها ، خاصة لمن نجا من» تسونامي « الفوضى والانكسار، هي النظر بعيون مفتوحة إلى المجتمع،لا لفهم حركته فقط، وإنما للحفاظ على وحدته وتماسكه، ونزع الألغام التي وضعت لكي تفجّره، وتحريره من الخرافات والأوهام التي أشغلناه بها، ثم الانتقال فورا من مرحلة التجريف التي استهدفته إلى مرحلة التنمية الحقيقية والبناء الجدي والشراكة العادلة.
أخشى ما أخشاه أن يتصور البعض أن الاستمرار في «تصفية» قوى المجتمع وتفكيك مؤسساته هو الضمان للحفاظ على استمرار الدولة واستقرارها..وهذا خطأ كبير أرجو أن نستدركه وان لا نقع فيه.
الدستور
تحت سطوة الإحساس بالقهر انفجر المجتمع، وكان يمكن أن نشهد تحولات جادة وصحيحة في إطار إعادة بناء العلاقة بينه وبين السلطة وصولا إلى تأسيس الدولة، لكن هذا الانفجار أفضى (لأسباب داخلية وخارجية) إلى حالة من الفوضى كان عنوانها العنف والتطرف ، وبالتالي خسرنا فرصة «التصحيح» ، وأصبحنا أمام مرحلة من الهدم ، وأخشى أن أقول بأنه لا يوجد في الأفق على المدى المنظور، مع غياب الكتلة التاريخية القادرة على إنتاج مشروع البناء، أية بارقة أمل لاستنهاض المجتمعات مرة أخرى، او توجيه الجسد للخروج من الفوضى والتوحش واليأس إلى التعقل والتصالح ، او تكرار واقعة الانفجار بصورة أفضل وإرادة اكبر.
في ظل تفكك المجتمع ، كان طبيعيا أن تنهار الدولة بسرعة، وان يتسيد المشهد «الفاعلون» الذين عانوا بشكل او بآخر من قهر السلطة، سواء أكان هؤلاء يمثلون ميليشيات ذات ولاءات ممتدة، او طوائف تشعر بالمظلومية والتهديد،او نخب سياسية وجدت أن مصالحها تتقاطع مع بقاء الوضع على ما هو عليه وان التغيير سيجردها من امتيازاتها، فيما وجد الآخر ، الإقليمي والدولي، ان ثمة فراغا نشأ بعد سقوط الدولة فسارع إلى ملئه، وما كان ذلك ليتم بهذه الصورة المفزعة لو أن المجتمعات تتمتع بما يلزم من عافية، او أنها محصنة اجتماعيا وثقافيا لمواجهة عواصف الكراهية المحملة على مراكب الدين والطائفة والمذهب، وقبل ذلك مركب السياسة.
إن كثيرا من الأسئلة التي نتداولها اليوم حول غياب الحكماء او انتشار جراثيم التطرف ، او ضعف المؤسسات التي تشكل بنية الدولة ، او تراجع أصوات الاعتدال ، او جنوح الشباب نحو الوقوع في غواية التوحش، او ما يحدث من انشقاقات داخل الأحزاب والحركات ، وغيرها من أسئلة الفوضى التي أنتجت المشهد المفزع الذي نراه يتمدد في عالمنا العربي ، كلها لها إجابة واحدة وهي ان مجتمعاتنا أصبحت»مريضة» تماما، وبالتالي فان العقاقير التي نصرفها من اجل معالجتها تذهب بنا إلى صيدليات التخلف وربما التشظي و الصدام ، والسبب هو أن ما أنجزناه على امتداد العقود الماضية انصب في «خانة» القبض على روح المجتمع وزرع الألغام داخله وتحويله إلى مجرد «هياكل» مفرغة من مضامينها، وأجساد تتحرك بلا استبصار وبلا آمل ..وبلا رؤوس أيضا.
الآن لا بد أن ننتبه إلى أن المهمة التي يتوجب على الدول القيام بها ، خاصة لمن نجا من» تسونامي « الفوضى والانكسار، هي النظر بعيون مفتوحة إلى المجتمع،لا لفهم حركته فقط، وإنما للحفاظ على وحدته وتماسكه، ونزع الألغام التي وضعت لكي تفجّره، وتحريره من الخرافات والأوهام التي أشغلناه بها، ثم الانتقال فورا من مرحلة التجريف التي استهدفته إلى مرحلة التنمية الحقيقية والبناء الجدي والشراكة العادلة.
أخشى ما أخشاه أن يتصور البعض أن الاستمرار في «تصفية» قوى المجتمع وتفكيك مؤسساته هو الضمان للحفاظ على استمرار الدولة واستقرارها..وهذا خطأ كبير أرجو أن نستدركه وان لا نقع فيه.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/23 الساعة 01:14