اَلْقُوَة تَتَكَلَم وَتَفْرِض رَأْيَهَا وَتُسَيْطِر وَتَتَحَكَم فِيْ قَرَارَاتِ شُعُوْبِهَا وَاَلآخَرِيْن
منذ بدء الخليقة كانت هناك سياستين متبعتان في حياة البشر، سياسة القوة والتي لا تخضع لتعليمات رسالة أو دين سماوي وتمثل في كثير من الأحيان القهر والظلم وعدم الخضوع لإتفاقيات أو تفاهمات أو معاهدات . . . إلخ وتؤدي إلى هضم حقوق الآخرين وفرض رأيها وسيطرتها وتحكمها في الناس. وفي المقابل سياسة التعاليم السماوية والسلم والسلام والإحتكام لصوت الحق والمنطق والمواثيق أي ممارسة الديموقراطية الحقيقية قبل إستخدام القوة في حياة الناس. وقد تمثَّلت السياستين في قصة إبني آدم في السياسة الأولى سياسة القوة والقهر والظلم والتي إستخدمها قابيل ضد أخوه هابيل والإعتداء عليه بالقتل والسياسة الثانية وهي سياسة التعاليم السماوية والسلم والسلام التي إستخدمها هابيل (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (المائدة: 28)). ومن تاريخ الشعوب الذي درسناه وتعلمناه تبنت معظم شعوب العالم وبالخصوص الشعوب الأوروبية أسلوب قابيل مع جميع الشعوب التي غزتها وسيطرت عليها وإستعمرتها.
وأما الأسلوب الآخر أسلوب هابيل فنادراً جداً ما يتم إستخدامه من قبل بعض حكام الدول العظمى والقوية في العالم، إلا فقط لفرض سلطتها على قادة وشعوب الدول التابعة لها والتي ما زالت تحت إستعمارها وذلك لعدم القدرة على السيطرة عليها لبعدها عنها. فأي ديموقراطية تتكلم عنها الدول الأوروبية وأمريكا وروسيا والصين وغيرها من الدول؟ إذا ما تعارضت مع مصالحها؟. بإختصار ليس هناك ديموقراطية حقيقية في العالم إلا ما كان على زمن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وعلى زمن الخلفاء الراشدون (العهدة العمرية) الذين إحتكموا للقرآن الكريم وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام الصحيحة فقط لا غير.
من وصايا رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما كان يُرسل الجيوش في الحرب والقتال وعند النزال: لا تقتلوا صبياً ولا إمراة ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا راهباً ولا تقطعوا مُثمراً ولا تخربوا عامراً ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة الا لمأكل ولا تٌغرقوا نحلاً ولا تحرقوه وغيرها. فأين هذه الوصايا مما حدث في حروب البشرية في أوروبا وأمريكا وأفريقيا وأستراليا وآسيا، وإسبانيا (محاكم التفتيش) والبوسنة والهرسك وغيرها من الدول في العالم وفي الحربين العالميتين الأولى والثانية وفي حرب الخليج الأولى والثانية.. إلخ.
وكما سجَّل التاريخ ويسجل لم يستطع أي شعب مقهور ومظلوم ومهضوم حقه في العالم أن يرفع القهر والظلم عنه ولا أخذ حقه إلا بإستخدام القوة فقط، لا مكان للديموقراطية في أخذ الحق. وهناك أمثله عديدة في العالم على ذلك فيتنام، أفغانستان(طالبان)، وغيرهم وآخيراً أهل فلسطين في قطاع غزة في معركة سيف القدس مع الكيان الصهيوني. ورغم أن قطاع غزة مساحته لا تتعدى 365 كم مربع ومحاصر من كل الجهات براً وبحراً وجواً وقد جُوِّعَ أهله وحرموا من الطعام والدواء وممارسة الحياة الطبيعية.. إلخ. إلا أنهم بالصبر والثبات والعمل الدؤوب ليلاً نهاراً والحفر في الصخر الصوان ومواجهة شياطين الإنس والجن من حولهم ومحاربة الجوع والفقر والمرض وعمل المستحيل. إستطاعوا أن يطوروا أنفسهم عسكرياً وأصبحوا يملكون من الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى والطائرات المسيرة الإنتحارية والإستكشافية التي مكنتهم من فرض كلامهم وشروطهم على عدوهم وعلى من ورائه وكسبوا المعركة ونزعوا حقوقهم منه بالقوة وكسروا شوكته وجعلوه يوقف الحرب من طرفه وبدون شروط. فلا أحد في العالم يسمع كلام ولا رأي الضعيف فَالْقُوَة تَتَكَلَم وَتَفْرِض رَأْيَهَا وَتُسَيْطِر وَتَتَحَكَم فِيْ قَرَارَتِ شُعُوْبِهَا والآخَرِيْن.