بايدن ـ بوتن 1/2
معضلة الامن والسيطرة، ما زالت تلازم التسابق الروسي الامريكي منذ العام 1917، واخذت هذه المعضلة بالتنامي بعد الحرب العالمية الثانية عندما بدأت امريكا تاخذ القطبية عن بريطانيا، واخذ الاتحاد السوفيتي فى حينها ياخذ دور فرنسا فى بيت القرار العالمي، ومنذ ذلك الحين وحالة اللاوفاق مستمرة ودرجة التسابق فى امتلاك القوة العسكرية آخذة بالتصاعد، لذا ينظر المتابعون لقمة جنيف التى تجمع بايدن وبوتن بكل اهتمام؛ كونها تناقش مسائل عديدة وتطال التحرك السياسي ونوعيته والتسابق الاستراتيجي وحدوده وخطوط التداخل ومقدار توسع النفوذ، هذا اضافة الى تعميد مراكز القوى الاقليمية وتحديد مساحات التباين بين الطرفين، وهى مواضيع تهم الكل العالمي؛ كونها تؤثر بطريقة مباشرة على المناخات السياسة وحركة الاقتصاد.
لم يتوقع المراقبون ان يتمخض عنه لقاء بوتن بايدن اكثر من خفض درجة الحدية بين الطرفين الى درجة واحدة او اثنتين؛ فالاختلاف بين واشنطن وموسكو هو اختلافات تكاد تكون فى كل شىء، هذا لان كل طرف يعتبر الطرف الاخر يهدد امنه القومي، فان تطور الولايات المتحدة في الاسلحة التقليدية يعتبر مقلقا للروس، وتوسع حلف شمال الاطلسي شرقا يعمل على محاصرة النفوذ الروسي وقضم نفوذه، كما ان رغبة واشنطن تغيير الانظمة الصديقة لموسكو بدعوى حقوق الانسان والديموقراطية، اما من جهة اخرى فان التدخل الروسي فى الانتخابات الامريكية ومحاولة تقويض روسيا انظمة الحكم الحليفة لواشنطن، هذا اضافة الى التقارب الروسي الصيني الذى يشكل تهديدا حقيقيا للولايات المتحدة فى المنظور المتوسط والبعيد.
فان مسالة غياب الثقة مازالت هي المسألة الغائبة في العلاقات بين الطرفين، ومن هنا تاتي درجة التباين السياسي وتندرج زاوية النظرة بين هذا الطرف وذاك لكون هذه النظرة مازالت قائمة على الريبة، لذا سرعان ما تسقط هذه النطرة على السياسات بين البلدين وتظهر على السطح حين يمتلك طرف علومية معرفية او يقوم بصناعة استراتيجية متفوقة، وكما تسقط هذه السياسات على مراكز النفوذ بين الطرفين وتشتعل الازمات، لذا يعتبر اللقاء الذي يجمع قمة بين القرار الاممي الامريكيه الروسية، وهو اللقاء الذي يحدد بوصلة الاتجاهات القادمة بكل عناوينها واتجاهات مساراتها.
هذا اضافة الى مسألة ضمنية اخرى تقوم على التباين المذهبي بين الشرقية الارثوكوسية والغربية الكاثولوكية البروستنتينية، وهو تباين حضاري قديم يعود للحضارة الاغريقية الرومانية والذي كان يستهدف السيطرة على الشمال العالمي والذى كان غالبا ما ينتهي بتقاسم خيرات جنوب العالم وتحديد مناطق النفوذ والسيطرة على المناخات المستهدفة، هذا اضافة لاستغلال الموارد البشرية والطبيعية في الانتاج واعتبار مساحات النفوذ حديقة جانبية للتصدير ومكانا ملائما للاسواق.
الدستور