«مين عبى راسو»؟

مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/17 الساعة 02:29
في بلادنا يغتال العقل دائماً, فحين تكتب مقالا تنتقد فيه مؤسسة أو شخصاً أو هيئة... غالباً ما يقولون: (أنا بعرف مين عبى راسو؟), كأننا لا نملك عقولا ولا عيونا..

صرت أشعر أحياناً بأن رأسي مجرد (جركن) فارغ وهنالك من يقوم بملء هذا (الجركن)... هم يريدون الهرب من مواجهة الحقائق أحياناً ويريدون الهرب..من الرد، ويريدون الهرب من اللغة...

ولهذا يقدمونك كأداة قابلة للطي والشحن والتوجيه..

رأسي (فل) لايحتاج لتعبئة، فيه ألف قصة...

مثلا هذا الصباح رأسي يضج بألم ربما لو كتبت ملايين الكلمات لن تداوي هذا الألم، فكل ما يحدث لايساوي لدي قيامي أمس, بالتسبب في نزف نقطة دم صغيرة سالت من إصبع ابني الأصغر ياسر، وأنا أقوم بقص أظافره.. نمت وأنا في كل لحظة أذهب لسريره كي اتفقد الإصبع، كأن العالم كله بما يحتوي من روايات وأساطير وقصص وقصف ودم..لايساوي إظفر ياسر.

(مين عبى راسو؟).. المشكلة أن من يقولون هذا الكلام, لايعرفون أن رأسي متروس..

بقصائد نزار ومظفر، متروس بكل ما كتب عرار وحبيب الزيودي.. متروس بالصباحات التي أغادر فيها منزلي وأدير هاتفي على قصائد الجواهري واستمع لبعض بكائيّاته..

(مين عبى راسو).. في بلادنا نجيد اغتيال العقل, نحن لانؤمن بالفكرة المستقلة ولا النقد المستقل, لا نؤمن..

بأن الكتابة لا تكون كتابة إن لم تنبت على سفح من الجنون.. لا نؤمن بأن التمرد على اللغة, يجيده من تعتق فيها ألف عام...

وتنفس رائحة التراب في حرف الباء, وتنفس أيضا منديل أمه في قصائد... بدر شاكر السياب, ورائحة السيجارة حين يطفو دخانها على الأثير, في صباحات الوجع.. وأحب الصفة والمبني للمجهول..

وكره كل شيء يبنى على المعلوم..

(مين عبى راسو).. على كل حال سأعترف من قام بتعبئة رأسي...

(مياهنا) هي الشركة الوحيدة التي حين تفرغ خزانات منزلك تهاتف الزميل (عمر سلامة) فيرسل لك (تنك ميه)..

وتشعر بأن الخزانات امتلأت..

مياهنا هي من (تترس) رأسي وتوجهني وتديرني..

المشكلة أنني غدا أخطط لمهاجمة نجوى كرم، هل ياترى سيتهمون نانسي عجرم بأنها عبأت رأسي....

أنا أصلا أريد توجيها من هذا النمط، أريد أن أكون مصدرا لدى نانسي....

ولتفرغ كل حمولتها في هذا القلب أنا أقبل بذلك...

أجمل تهمة في الأرض هي أن يهمس موظفاً لمسؤول قائلاً: (أنا بعرف مين عبى راسو عليك سيدي.. ما في غيرها نانسي عجرم)..

Abdelhadi18@yahoo.com

الرأي
  • لحظة
  • لب
مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/17 الساعة 02:29