جمال الشوابكة
مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/16 الساعة 08:12
.. زار الملك منزل العين الفريق المتقاعد جمال الشوابكة...
أنا أعرف هذا الرجل مثل كف يدي تماماً, كان يستضيفني في القوات الخاصة.. وهو من أمر بتعليمي الرماية, وياما أطلقت الرصاص في ميادينهم وأصبت وأخطأت.. وياما ضحك العسكر على رمايتي, وياما دللوني برصاصهم.. هل شاهدتم أناساً يجعلون الرصاص حنوناً عليك غير العسكر؟
حين تزوره في الخشافية, يطل عليك مثل الصحراء.. وتتذكر قصيدة لحبيب الزيودي يصف فيها البدو: (في فتية خيطوا الصحراء من دمهم وعلموا أهلها التحنان والطربا).. وتحس بأن الراحل حبيب الزيودي أجاد في الوصف.. فهذا المغرق في السمرة, تفاصيله من الصحراء ولا تدري هل هي التي سكنته أم هو الذي سكنها... تحتار بينهما.. فهما عشق على عشق.
حسنا، أنا أتحدث عن جمال صديقي... الذي أمضيت الكثير من الوقت في الحديث معه.. إياكم أن تظنوا أنه مجرد جنرال أمضى العمر بين البندقية والبندقية, أو بين الكتيبة والسرية... جمال يقرأ كل شيء.. يقرأ الوجه ومقالات الصحف, والكتب.. ولديه نظرته الخاصة في السياسة والحياة والمشهد.. واختلالات المرحلة... ولديه تجربته في العالم العربي, يعرف تفاصيل الدول العربية ويعرف مكوناتها الإجتماعية.. وكان كثيراً ما يحدثني عن الهوية الوطنية وتجلياتها, وعن الزوايا المضيئة في بلدنا.. وعن اليأس إن تسلل إلى القلوب وكيف نحاربه.
ميزة جمال الشوابكة في القوات الخاصة, أنه يرمي على الحدس.. بمعنى أنه لايضع البندقية على مستوى نظره, ولا يقيس الهدف عبر عياراتها.. بل يعتمد حدسه ويسدد ودائما تكون طلقته صائبة.. مثل قلوبنا حين أحبت هذه البلد... لم نحدد أبداً قياسات في الحب ولم نحدد مسافة أو مصلحة أو مغنم, قلنا للقلب وحده:.. شاهدها بعيونك, والقلب لدينا يرى حين تعمى الأبصار..
هل قلت يسدد على حدسه!... حين يصل الرامي في الجيش إلى هذه المرحلة, يكون قد وحد بين جسده والبندقية, وتلك مسألة لايفهمها المدني... يفهمها من تعتق في العسكرية, وقد اشتهر بها الروس.. في الحرب العالمية الثانية, فقد انتصروا على الألمان لأنهم حدسهم كان صائباً ولم يعتره الخطأ أبدا.. وقد قيل أن العشاق وحدهم من يطوعون البندقية على كفهم.. مثلما تطوع الجديلة..
أنا لا أكتب عن جمال وحده, ولكني أكتب عن المتقاعدين, الذين اعتقدنا أنهم كتلة بشرية هدفها فقط المطالب والمكاسب المعيشية, كلا...هؤلاء أعمق منا تفكيراً..وقلوبهم تتسع ما لاتتسعه قلوبنا, وعيونهم قرأت في الحب والسياسة والحياة بأكثر مما قرأت قلوبنا..
الباشا الحبيب جمال الشوابكة, حين شاهدتك في ثوبك الأبيض وشماغك الأحمر تمشي بمعية الملك, سررت كثيرا.. وربما كانت من أجمل المشاهد التي تنقلها الكاميرا... هل تعرف لماذا؟..لأنك من حزب الصحراء وحدها.. من تياراتها ورملها وفكرها وقصائدها وقوافلها... والصحراء تحب من (خيطوها من دمهم ووحدوا الجسد مع رملها الطاهر)..
حماك الله واسلم لصديقك..
Abdelhadi18@yahoo.com
أنا أعرف هذا الرجل مثل كف يدي تماماً, كان يستضيفني في القوات الخاصة.. وهو من أمر بتعليمي الرماية, وياما أطلقت الرصاص في ميادينهم وأصبت وأخطأت.. وياما ضحك العسكر على رمايتي, وياما دللوني برصاصهم.. هل شاهدتم أناساً يجعلون الرصاص حنوناً عليك غير العسكر؟
حين تزوره في الخشافية, يطل عليك مثل الصحراء.. وتتذكر قصيدة لحبيب الزيودي يصف فيها البدو: (في فتية خيطوا الصحراء من دمهم وعلموا أهلها التحنان والطربا).. وتحس بأن الراحل حبيب الزيودي أجاد في الوصف.. فهذا المغرق في السمرة, تفاصيله من الصحراء ولا تدري هل هي التي سكنته أم هو الذي سكنها... تحتار بينهما.. فهما عشق على عشق.
حسنا، أنا أتحدث عن جمال صديقي... الذي أمضيت الكثير من الوقت في الحديث معه.. إياكم أن تظنوا أنه مجرد جنرال أمضى العمر بين البندقية والبندقية, أو بين الكتيبة والسرية... جمال يقرأ كل شيء.. يقرأ الوجه ومقالات الصحف, والكتب.. ولديه نظرته الخاصة في السياسة والحياة والمشهد.. واختلالات المرحلة... ولديه تجربته في العالم العربي, يعرف تفاصيل الدول العربية ويعرف مكوناتها الإجتماعية.. وكان كثيراً ما يحدثني عن الهوية الوطنية وتجلياتها, وعن الزوايا المضيئة في بلدنا.. وعن اليأس إن تسلل إلى القلوب وكيف نحاربه.
ميزة جمال الشوابكة في القوات الخاصة, أنه يرمي على الحدس.. بمعنى أنه لايضع البندقية على مستوى نظره, ولا يقيس الهدف عبر عياراتها.. بل يعتمد حدسه ويسدد ودائما تكون طلقته صائبة.. مثل قلوبنا حين أحبت هذه البلد... لم نحدد أبداً قياسات في الحب ولم نحدد مسافة أو مصلحة أو مغنم, قلنا للقلب وحده:.. شاهدها بعيونك, والقلب لدينا يرى حين تعمى الأبصار..
هل قلت يسدد على حدسه!... حين يصل الرامي في الجيش إلى هذه المرحلة, يكون قد وحد بين جسده والبندقية, وتلك مسألة لايفهمها المدني... يفهمها من تعتق في العسكرية, وقد اشتهر بها الروس.. في الحرب العالمية الثانية, فقد انتصروا على الألمان لأنهم حدسهم كان صائباً ولم يعتره الخطأ أبدا.. وقد قيل أن العشاق وحدهم من يطوعون البندقية على كفهم.. مثلما تطوع الجديلة..
أنا لا أكتب عن جمال وحده, ولكني أكتب عن المتقاعدين, الذين اعتقدنا أنهم كتلة بشرية هدفها فقط المطالب والمكاسب المعيشية, كلا...هؤلاء أعمق منا تفكيراً..وقلوبهم تتسع ما لاتتسعه قلوبنا, وعيونهم قرأت في الحب والسياسة والحياة بأكثر مما قرأت قلوبنا..
الباشا الحبيب جمال الشوابكة, حين شاهدتك في ثوبك الأبيض وشماغك الأحمر تمشي بمعية الملك, سررت كثيرا.. وربما كانت من أجمل المشاهد التي تنقلها الكاميرا... هل تعرف لماذا؟..لأنك من حزب الصحراء وحدها.. من تياراتها ورملها وفكرها وقصائدها وقوافلها... والصحراء تحب من (خيطوها من دمهم ووحدوا الجسد مع رملها الطاهر)..
حماك الله واسلم لصديقك..
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/16 الساعة 08:12