هل نحن على أعتاب معالي ديمة طهبوب؟ هل تغيرت قواعد الاشتباك بين النظام السياسي والاخوان المسلمين؟
مدار الساعة - لقمان إسكندر - هل شجعت تجربة الإسلاميين في المغرب وتونس على تعميمها في المنطقة؛ بعد ان ظهر الإسلاميون في المغرب بوجه آخر غير الذي بدا منهم، وهم معارضون. وهل هذا يعني أننا على أعتاب "معالي ديمة طهبوب"، أو "دولة عبدالله العكايلة"؟
الذهاب في الحلم مع العكايلة قد يكون بعيداً، لكن لا يبدو أن هناك ما يمنع من وضع كلمة معالي قبل اسم "ديمة"، وقبلها موسى هنطش.. وغيرهما وغيرهما.
تعالوا نرى المشهد من هذه الزاوية.
لم ترسم الانتخابات الأمريكية مستقبل الولايات الامريكية وحدها. أمس أدى رئيس وزراء العدو نفتالي بنت، اليمين رئيسا لدولة الاحتلال. فطردت الانتخابات الامريكية نتنياهو من رئاسة حكومة العدو إلى مقاعد المعارضة، بعد 12 عاما من الحكم.
إنها السياسة العالمية الجديدة لواشنطن التي تريد ان تعيد لنفسها ما فقدته من دور. لكن ليس الانتخابات الأمريكية وحدها من صنعت الجديد؛ معركة الـ 11 يوما فرضت بالتزامن معطيات جديدة على المنطقة، وفيها ظهرت حركة المقاومة الفلسطينية حماس، رقما صعبا من المستحيل القفز عنه في أي ترتيبات مرغوبة للمنطقة مستقبلا.
قبل ذلك بدا للغربيين أن اجتثاث الإسلام السياسي، ممثلا في جماعة الاخوان المسلمين، محال، وأن الحل في الاحتواء، خاصة ونحن نتحدث عن قاعدة شعبية ممتدة لم تجدِ معها المطاردة.
معطيات فرضت نفسها على الناظر الغربي. وكأن اليوم أوان الجزرة بعد عقود من العصا. فهل تنجح الجزرة بما فشلت فيه العصا؟
فلسطينياً الأمر يبدو مستبعداً، خاصة وأن قيادة العربة ليست بيد "السياسي"، بل "الدعوي" و"العسكري".
اليوم الثلاثاء سيظهر إن كان ذلك صحيحا أم لا، فما سيجري في مسيرة الاعلام، ورد فعل حركة حماس عليها سيكون مؤشرا، برغم ان المعلومات تشير إلى أن الحركة لا ترغب في تصعيد مشابه لما جرى الشهر الماضي، لكن يبقى الأمر في ملعب حكومة العدو والمشاركين في مسيرة الاعلام. والشاهد في ذلك دخول المسيرة الى الحي الإسلامي وباحات المسجد الأقصى.
حماس تقول إنها جاهزة للرد. وفي الحقيقة ليس بيد حماس، في حال دخل المستوطنون الحي الإسلامي "البلدة القديمة" وباحات المسجد الأقصى إلا أن ترد.
وفي المقابل، كشفت حركة حماس عن اتصالات مصرية معها مضمونها أن تتفهم الحركة "حاجة الحكومة الاسرائيلية إلى إجراء مسيرة الاعلام"، وربما من هنا حددت حماس قواعد اشتباكها مع المسيرة: دخول الحي الإسلامي وباحات المسجد الأقصى.
في المناسبة كل هذا يعني أن السلطة الفلسطينية انتهت وما تبقى منها مجرد صورة.
أما عربياً، فلا عسكر لدى الإسلام السياسي. هناك "الدعوي" الذي خطف من "السياسي" المشهد، منذ عقود، ثم بدا أن لدى "الشيخ السياسي" بِركة مناورة يجيز لنفسه السباحة فيها، وإن كان الآخر يراه يغرق.
الآخر الذي صار يسأل نفسه: ما الضير في رئاسة دون حكم؟ أليس هذا ما يفعله رؤساء الحكومات كابرا عن كابر؟
فعلوا ذلك سابقا مع اليسار، فصار أحد أهم أدوات الحكم في الدول العربية الشمولية. فما يمنع أن يكون الإسلامي، هذه المرة؟
هم يقولون ذلك.
هنا نحن لا نتحدث عن الأردن وحسب، بل الإقليم بأسره. الأردن ومصر والمغرب وتونس.
أما التقديرات أردنياً فتقول: انتخابات برلمانية سيفوز بها الاخوان المسلمين، الذين سيطلب منهم تشكيل الحكومة، كما جرى في المغرب، وهذا يعني وضع الاخوان المسلمين في "بوز" المدفع، أو المصدّ. على حد تعبير إحدى القراءات.
دعونا نتذكر الدلال الذي تحصل عليه ديمة طهبوب هذه الأيام. المسألة ليست شخصية بالطبع. فالنائب السابق مجرد عنوان لمن يهمه الأمر، ثم أن هناك ما يرسم ويعد له. فما هو؟ وهل رسائل ديمة داخلية أم خارجية؟
عموما. هذه قراءة ترسم المشهد في الإقليم أيضا ومن الإقليم السعودية، حيث ترى هذه القراءة ان الرياض ستعيد انتشار سياستها لصالح الاقتراب من جماعة الاخوان المسلمين، "وليس السلفيين".
أما في مصر فيُنظر إلى صدور أحكام الإعدام بحق قيادات في جماعة الاخوان المسلمين، على انه صراع بين الأجهزة في مصر على هذه التوجهات، بل إن المساعدات المصرية المفاجئة لحركة حماس تدخل في هذا الإطار.
أبعد من ذلك. فإن اعتلاء رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس المسرح في دولة العصابة يدخل ضمن هذا السياق.
لكن.. اسمحوا لي أن أنسف كل ما سبق.
حملت الملاحظات الخاصة بالحركة الإسلامية في الأردن وعدت الى أحد منظري أو قل راسمي الخطاب التنظيمي السياسي داخل الجماعة.
فقال لي ما يلي: الربط بين تجربة الحركة الإسلامية في المغرب مع واقع ومسار الحركة في الأردن، ليس دقيقا بالضرورة، ذلك لأن طرفي المعادلة في المغرب العربي مختلفان عن نظيريهما في الأردن.
فضلا عن أن الموقع الجيوسياسي يرتب أكلافا وتباينا فإن النظام السياسي هناك له قواعد خاصة في التعامل مع الحركة الإسلامية، في حين تبرز الحسابات والحساسيات المفرطة في الأردن تجاه الحركة.
ماذا قال أيضا؟
قال: إن الطرف الآخر - يقصد حزب العدالة والتنمية - يختلف في مقاربته السياسية عن توجهات حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن، فالأول يعتمد فقه المقاصد والمآلات ويتبنى نظرية الجرأة والاقتحام والانفتاح على الآخر، في حين أن الحزب في الأردن لا زال مثقلا بالموروث النمطي فكريا وسياسيا. وأحيانا يأتي بطيئاً ومتأخرا.
وعليه، وإن حصل ان تم توزير ديمة طهبوب بقرار فردي أو بموافقة حزبية، فلا يعني تغييراً على قواعد الاشتباك السياسي بين الحركة والنظام السياسي.
أما من حيث تكليف الدكتور العكايلة أو غيره من الإسلاميين، فهذا أقرب إلى الاستحالة في الوقت الراهن.
وحول دور وأهمية السياسة الخارجية الأميركية في محاولة رسم ملامح المنطقة من جديد، فاتفق معها "بالكامل" – على حد قوله، وبخاصة بعد معركة القدس، بل طالبني بالعودة الى مقالة جاك سلوفان مستشار الأمن القومي الأميركي بهذا الخصوص.