ثلاثة توقعات للأردن عام 2022
كيف سيكون الاردن عام 2022؟ أغراني على طرح هذا السؤال ثلاثة دوافع، الاول ان من حق الاردنيين وواجبهم ايضا ان يفكروا بمستقبل بلدهم، وان يتساءلوا عن الطريق الذي يسير فيه، ليس فقط ليطمئنوا على ان بلدهم يمضي في الاتجاه الصحيح، وانما لأنه يقع في « حفرة الانهدام» التي تحيط بها البراكين من كل جانب، وبالتالي فإن القلق مشروع وضروس أيضا.
الدافع الثاني يتعلق بفتح ملف « إصلاح المنظومة السياسية « الذي تم وضعه على طاولة لجنة تضم (92) عضوا، ومع انني ادعو هنا الى التواضع في التوقعات وعدم رفع سقوف الآمال حول ما ستفضي اليه من نتائج لأسباب عديدة سبقني اليها كثيرون، الا ان مجرد مغادرتنا دائرة « الإنكار « يعد فضيلة وانجاز.
اما الدافع الثالث فهو التحولات الكبيرة والمتسارعة التي طرأت على مجتمعنا في السنوات الاخيرة، وخاصة بعد عام الوباء، سواءً على المستوى السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي، وهذه يمكن لمن اراد معاينة مؤشراتها العودة الى اكثر من مصدر ومكان، اقربها تقرير « حالة البلاد « وتقارير المركز الوطني لحقوق الانسان، مثل هذه التحولات تقدم لنا صورة مصغرة عما فعلناه بأنفسنا، ثم ما يجب ان نفعله لاستدراك ذلك اذا توفرت لدينا النوايا الصادقة والارادة لتصحيح مساراتنا كلها.
بناء على هذه الدوافع الثلاثة - وربما غيرها- يمكن ان أضع ثلاث مقاربات ( توقعات ان شئت) لبلدنا عام 2022، وهو بالطبع مجرد احتمالات وصور متخيلة وقابلة للتحول الى حقائق، وكل ذلك يتوقف على مقدار ما نفعله سلبا او إيجابًا، لا على مقدار ما نصرفه من امنيات ودعوات.
المقاربة الاولى مشرقة، تعكس صورة الاردن وهو يدخل مرحلة « التحول الديموقراطي « انطلاقًا من خطة تحديث المنظومة السياسية بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة ونزيهة ؛ ثم إفراز مجلس نيابي يمثل المجتمع بكافة اطيافه، ثم تشكيل حكومة برلمانية تفرزها توافقات حزبية من داخل البرلمان، ثم حياة سياسية تعيد الحيوية للمجتمع وتنتج منه افضل ما فيه، يتزامن هذا مع انطلاق عجلة الاقتصاد من خلال مشروعات وطنية كبرى، ومعالجات جادة لملف البطالة والفقر، ثم فتح ورشات الاصلاح الشامل في مجالات التعليم والصحة والزراعة والادارة والخدمات وغيرها، إنتاج مثل هذه الصورة المشرقة ليس مستحيلًا، انه يحتاج فقط إلى إرادة وقرار من الرسمي ثم الى ثقة ومشاركة وعمل دؤوب من كافة ابناء المجتمع.
المقاربة الثانية : الحفاظ على اوضاعنا كما هي، ازمة تلد أزمة جديدة، ولجان حوارات تسلم الواحدة للأخرى، وهكذا دواليك، مما يعني أننا عجزنا عن مغادرة « الوضع القائم «، وان قابلية الاستجابة للتغيير والتحديث لم تتوفر، سواء لدى الدولة ومؤسساتها او لدى المجتمع، كما يعني ان المصدات المقاومة للإصلاح انتصرت، او ان كلفته باهظة ولم يكن بمقدورنا ان ندفعها،، او ربما اننا ( وهذا أضعف الايمان) قررنا تأجيل الاصلاح او تقسيطه إلى سنوات قادمة، ولا يعوزنا بالطبع عندئذ ما يلزم من تخريجات وأعذار لتبرير ذلك.
المقاربة الاخيرة : أن تداهمنا وقائع ومستجدات غير متوقعة، سواء على صعيد سيرورة لجنة التحديث ومآلاتها، أو على مستوى ردات فعل الناس وقدرتهم على التحمل، او على شكل مقررات تتراجع عما بدأنا به او انجزناه، او ان تتراخى عن تنفيذه، بمعنى ان نفشل لا قدر الله بإخراج عملية الإصلاح ودفعها للأمام، لأي سبب وتحت اي ذريعة، ثم نترك القرار لردود فعل الشارع، عندها ستكون الصورة محزنة تماما، وسندفع فاتورة فشلنا من رصيدنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
أتمنى أن لا تحدث هذه المقاربة الاخيرة فهي اخطر ما يمكن ان نواجهه، ومع ذلك ما زلت اشعر بالقلق من ان ينتصر خصوم الإصلاح ودوائرهم المؤثرة على اغلبية الاردنيين الذين يتطلعون الى عام 2022 بآمال كبيرة ممزوجة بالخوف والشك والانتظار.
الدستور