يا سوّاق التكسي يا ... !
ربما كانت علاقتي مع «سوّاق الباص» أفضل من علاقتي مع « سوّاق التكسي»، وهنا أتحدث عن « فئة» وليس عن «الكُلّ». والمؤكد انني « كائن» يميل الى ركوب
الباصات أكثر من الإستعانة بـ «التكسيات»، لكوني كائن إجتماعي يحب الأُلفة و» اللّمّة» و « اللحمة».
وهو ما لا أجده عند سائقي التكسيات الذين «يتفنون» في تعذيبنا ـ أنا وسواي ، كلما « وقعنا» بين أيديهم. فيبدأ بفرك رأسه والنظر اليك بشكل يثير الريبة في نفسك،
ولا يسألك عن مقصدك الا بعد ان يسبر عدة أمتار ويكون قد «ثبّتك». واذا ما علم أنك «صحفي» و»كاتب»، ظهر كأنه «ضحيّة» الظروف والاحوال و»المقامات»، ويبدأ بالاستفسار منك عن «مستقبل» البلد، والشرق الأوسط، فالرجل «خايف على نفسه وعلى اولاده».
ويسترسل بالشكوى اذا كانت الضحية « اللي راكبة معه ستّ «، فيبدأ بالتذمّر والتسوّل : مكسور عليّ ثلاث شهور اجرة بيت. اولادي من اسبوعين ما ذاقوا اللحمة .. امي مريضة بالسرطان وزوجتي بالعناية المركّزى وعندها كورونا.
إلى آخر المسلسل والفيلم الهندي.
وحين تسأله ان كان قد « اخذ المطعوم ضد الكورونا « ، يستعرض» عبقريته « بأنه « مش مقتنع بوجود كورونا وان هذه مؤامرة وحضرته خايف ان المطعوم يكون فيه شريحة علشان القوى العظمى تتجسس عليه... وانه رغم انه عمره تجاوز الخمسين ، سمع من الناس انه المطاعيم بتسبب « العُقم « للرجال .. الى اخر الموّال.
أما إذا لم يعرف من تكون وما هي وظيفتك، يستعرض «جهله» بالجغرافيا، ويأخذ باللف والدوران، واذا ما بادرته بالسؤال عن ذلك، تمسكن وقال لك: البلد تغيرت.
أما إذا تصنّع « التُّقى»، يختم كلامه» إن الله مع الصابرين، الدنيا مش طايرة».
كل هذا حتى «يمشّي العدّاد» ويزيد» الأُجرة».
طبعا لا يعنيه إن كنتَ «مستعجلا» أو لا. ولا فرق بين كونك «رجل» او»إمرأة»، فالمهم «الفلوس». بالعكس، هو يستغل «الأُنثى» لمعرفته أنها «تخجل» من النقاش وتدفع الأجرة مهما كانت .
وخلال أيام «عيد الفطر» الماضي مثلا، طلب أحد سائقي التكسي من الركاب «عيدية» زيادة على الأُجرة. باعتباره « وليّة « وهو اسلوب «إستعطاف واستهبال واستغلال أحمق» لمناسبة يُفترض أنها «سعيدة».
ولو أردنا الحديث عن ممارسات معظم سائقي التكسيات في المملكة، لاحتجنا الى «روايات»، لكنني «أختصر» الأحداث، لمجرد الإشارة الى عالم «مثير».
بعضهم يقدم «أُنموذجا» للسائق «الأزعر» الذي يستعرض «خفّة» دمه أمام «الستات»، حيث يبدأ «الموّال» بتزبيط» المراية، بحيث يرى ما يريد وما قد يتوهمه. ونوع ثان، يدّعي الورع، ويبدأ بتلقينك دروسا عن «عذاب النار»، فتشعر كأنك «مذنب» وانت في الطريق الى «جهنّم».
ونوع ثالث، وهو نادر، محترم ، يبقى صامتا، وتظن انه أخرس. وهو أفضل الانواع.
لكنه كما قلت: نادر.
مين نادر؟
الدستور