الباشا العمد يكتب: كلام في المحظور (ما هو المطلوب من الاردن)

مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/03 الساعة 15:22

كتب: الباشا مروان العمد
كما ان الموقف الاردني الرسمي من الاحداث في الضفة الغربية وقطاع غزة والدور الذي قام به لم يخلوا من النقد والتجريح و الادانة على المستوى الداخلي. حيث كانت هناك مطالبات من قبل البعض بأن يقوم الاردن بدور اكبر مما قام به خلال الاحداث دون ان يوضحوا ما هو الدور الذي يطلبون من الاردن ان يقوم به وفيما اذا كان يستطيع القيام به ام لا. وبنفس الوقت كانوا يشيدون بكل تصريح وكل كلمة يقولها زعيم اي دولة اخرى حتى لو لم تتجاوز حدود الخطابة او البكائيات التمثيلية على الاماكن المقدسة، والمقصود منها استدرار الشعبية على حساب القضية الفلسطينية.
كما انه كان هناك تعتيم عما يقوم به الاردن في هذا المجال، ولم يكن يتم التحدث عن هذا الدور الا نادراً، بحيث انني عندما اردت الحديث عن هذا الدور لم اجد المعلومات التي اريدها على وسائل التواصل الاجتماعي الا ما ندر. ولذلك لجأت في هذا المجال الى ذاكرتي ومما كنت اسمعه من الفضائيات المختلفة.
علماً ان الاردن كان خلال هذه الاحداث في عين الحدث، فقد قام جلالة الملك بالاتصال بالعديد من زعماء دول العالم للتشاور معهم حول هذه الاحداث، ومنهم قادة المملكة العربية السعودية ومصر ولبنان وولي عهد السعودية وولي عهد دولة الامارات ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس.
ومن الدول الاجنبية فقد تواصل جلالته مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل، ونائبة الرئيس الامريكي كاميلا هاريس. كما عقد اجتماعاً عبر تقنية المرئي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. علماً انه وطوال فترة الازمة كان هناك تنسيق مستمر ما بين الرئيس المصري وجلالة ألملك، وكانت هذه الاتصالات والمباحثات تدور حول السبل الكفيلة بتحقيق وقف اطلاق النار وان يتم حل القضية الفلسطينية على اساس حل الدولتين.
كما اجرى جلالة الملك اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن وعقد اجتماعاً معه في عمان، حيث اشار جلالته خلال الاجتماع الى ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم للقدس ومقدساتها وعدم المساس بها. كما حذر جلالته من استمرار محاولات التهجير المتكررة لاهالي عدد من احياء القدس الشريف. وثمن قرارات الادارة الاميركية المتضمنة اعادة فتح القنصلية العامة في القدس واستئناف دعم الاونروا.كما صرح بأن دور الولايات المتحدة محوري في الدفع نحو تحقيق السلام العادل والشامل وعلى اساس حل الدولتين.
وقد اصدرت الخارجية الامريكية بياناً بعد هذا اللقاء اكدت فيه مجدداً على قوة الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والاردن، واعربت عن رغبتها بجعلها اقوى. وأكدت على الدور الخاص للاردن في الاماكن المقدسة بالقدس، وجددت التزامها بالوضع التاريخي الراهن في الاماكن المقدسة.
كما اشادت الخارجية الامريكية بدور الاردن في التوصل لاتفاق تهدئة في قطاع غزة. كما قالت المندوبة الامريكية في مجلس الامن ان اميركا تشكر قطر ومصر والاردن لمساهمتهم في وقف اطلاق النار في غزة.
كما قام جلالة الملك المعظم باصدار توجيهاته للجهات المعنية بتقديم كل اساليب الدعم والمساندة للاهل في الضفة الغربية وقطاع غزة وخاصة في مجال المستشفيات الميدانية والكوادر الطبية والادوية والمختبرات والاشعة وبنوك الدم والدعم اللوجستي وكذلك تقديم المساعدات الطبية لمستشفى المقاصد في القدس ومستشفى الشفاء في غزة بالاضافة الى تجهيز مختبر لأجراء فحوصات وباء كورونا واعطاء اللقاحات المضادة له بعد ان تم تدمير المكان الوحيد الذي كان يقوم بذلك في غزة.
وقد اشاد جميع الرؤساء والزعماء الذين التقى بهم جلالته او اتصل بهم بالدور المحوري لجلالته وللاردن في الجهود التي تبذل لوقف اطلاق النار ودوره في تحقيق هذه الغاية في النهاية وفي مباحثات الحل النهائي للقضية الفلسطينية.
كما قام وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي بأإجراء العديد من الاتصالات واللقاءات مع نظرائه في دول العالم المختلفة طارحاً عليهم وجهة النظر الاردنية والفلسطينية لوقف الاشتباك وحل الصراع، حاشداً الدعم والمساندة لوجهة النظر هذه. وأكد الصفدي ان ما قامت به الشرطة الإسرائيلية والقوات الخاصة في الاقصى هي جريمة واعتداء جسيم. وادانت عمليات القصف التي تعرض لها قطاع غزة. كما عقدت الخارجية الاردنية اجتماعات مع سفراء الاتحاد الاوروبي المعتمدين في الاردن لوضعهم بصورة الاحداث وتطوراتها وقامت بحملة تنسيق على المستويين الاقليمي والدولي لشرح خطورة الممارسات والانتهاكات التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في القدس. كما قامت وزارة الخارجية الاردنية بالاشتراك مع وزارة خارجية السلطة الفلسطينية بالدعوة لعقد دورة استثنائية لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية افتراضياً وبتقنية الفيديو كونفرنس للتداول في تداعيات الاوضاع في القدس وعمليات القصف في غزة.
وقد استند منتقدو الدور الاردني في الاحداث ومباحثات التهدئة بأن الدور الظاهر كان لمصر وقطر متجاهلين ان الدور المصري يعود الى ان قطاع غزة كان خاضعاً للادارة المصرية حتى عام ١٩٦٧. وانه كان لمصر بعد ذلك دوراً اساسياً في كل عمليات التهدئة السابقة ما بين القوات الاسرائيلية والتنظيمات المسلحة في قطاع غزة. وانها هي كانت دائماً الضامنة لاي اتفاقيات بين الطرفين حتى في ظل خلافاتها وحتى عدائها لحركة حماس. وان مصر تتعامل مع القطاع تعاملاً امنياً وليس سياسياً وان المخابرات المصرية هي من تدير ملف قطاع غزة بشكل كامل. اما العلاقات السياسية لمصر فقد كانت تتم مع السلطة الوطنية الفلسطينية.
اما بالنسبة لقطر فإن ذلك يعود الى علاقتها المميزة مع حركة حماس ودعمها لها مادياً. ولأنها تحتضن الكثيرين من قيادات حركة حماس والاخوان المسلمين، مما يسهل عليها الاتصال والتأثير على قيادات حركة حماس في قطاع غزة. و الاهم من ذلك ان هذين الطرفين كانا مقبولين للجانب الإسرائيلي وخاصة من قبل بنيامين نتنياهو، على عكس الجانب الاردني الذي كانت علاقته متوترة مع هذا الجانب ومجمدة مع نتنياهو. وبنفس الوقت فأن علاقة الاردن هي مع السلطة الوطنية الفلسطينية كسلطة شرعية وقانونية ودولية حتى وعلى الرغم من ضعفها. وانه لا يمكن ان تكون له علاقات رسمية مع حركة مصنفة في الكثير من الدول العربية والعالمية كمنظمة ارهابية. ومع ذلك فقد قام كل من خالد مشعل واسماعيل هنية بالاشادة بالدور الاردني الرسمي والشعبي في نصرة الشعب الفلسطيني وتقديم المساندة له، والمساهمة بالتوصل لوقف اطلاق النار في قطاع غزة مما يشير الى انه كان هناك تواصل ما بين الاردن وحركة حماس من وراء الكواليس.
لقد قدم الاردن الكثير في سبيل نصرة القضية الفلسطينية وتقديم العون للاخوة هناك، وليس من العدل ان ننكر قيامه بذلك، كما انه ليس من المنطق ان نحمله فوق ما يحتمل.
لقد سمعنا اثناء الاحداث اصواتا عالية وعنتريات دون كيشوتية. فهذا يطالب بقوات دولية تحمي الفلسطينيين. وآخر يهدد بارسال قواته المسلحة لحمايتهم وحماية الاقصى المبارك مع بعض الدموع في عينيه من قبيل اتقان فن التمثيل. وسمعنا من يقول ان هذه التهديدات هي التي اجبرت اسرائيل على اعلان وقف اطلاق النار. وذهب آخر وهو عالم جليل وشاعر وكاتب للقول بأن تركيا والباكستان كانتا سوف ترسلان سلاحهما الجوي الى الاردن والعراق ليقوما بقصف اسرائيل انطلاقاً منهما، وان بايدن وعندما علم بذلك ابلغ نتنياهو بهذا الامر فهتزت اركانه خوفاً ورعباً مما جعله يوافق على وقف اطلاق النار.
وسمعنا عن النصر الذي تحقق على اسرائيل وان اليهود اخذوا يهربون من مدنهم وقراهم باتجاه البحر ليبحثوا عن سفن تقلهم الى الدول التي جاؤوا منها، او الى اي مكان آمن. كما سمعنا من يستقوي في عشائرنا الطيبة الكريمة لكي تقوم باجتياح مدينة عمان وتحريرها من العملاء والذين هم سكانها.كما سمعنا من يقول ان المتقاعدين العسكريين سوف يرتدون الفوتيك ويجتاحون عمان لتحريرها من العملاء والصهاينة. وشاهدنا استعراض المصحف والسيف والقسم عليهما لتحرير الاردن من العملاء. وشاهدنا اعمال التخريب والحرق والتدمير لممتلكات المواطنين الاردنيين وقطع الطرقات امامهم من اجل تحرير فلسطين. وشاهدنا وسمعنا من اختزل الوطن بالعشائرية واختزل العشائرية بعشيرته واختزل عشيرته بنفسه. وسمعنا ذلك الذي يريد القضاء على المتجنسين الطارئين عليها، ولا اظن ان احداً لا يدرك من هم المقصودين بذلك. وسمعنا الهتافات التي انطلقت من الحناجر لكي تزلزل اركان الدولة الاردنية عوضاً عن دولة الصهاينة. وسمعنا ايضاً من يهددون بمنع التجول في عمان لانه لم يتم اطلاق سراح ابن عشيرتهم والذي ذهب للجهاد في سبيل الله ونصرة اشقائه في فلسطين، ولكنه لم يتمكن من ذلك لانه تم القاء القبض عليه بعد ساعات من اجتيازه الحدود، وكأن الاردن هو صاحب الصلاحية والقرار باطلاق سراحه ولكنه يتقاعس عن ذلك نكاية بهم.
لقد سمعنا كل ذلك بما فيه من تقزيم للاردن واستخفاف بما يقوم به وبنفس الوقت التهليل والتمجيد لكل من قالوا كل شيئ وهم لم يفعلوا اي شيئ. والمشكلة ليست فيمن قالوا ولكن فيمن صدقوا وهتفوا وراء القائلين الله اكبر، لقد وفى الله بوعده وتحقق النصر.
وبهذا اكون قد وصلت الى نهاية القسم الثالث من الكلام في المحظور وماذا يريدون من الاردن. ولكن بقي لدي الكثير من الكلام المحظور، قد اكتب بعضه في ايام قادمة
 

مدار الساعة ـ نشر في 2021/06/03 الساعة 15:22